إشراق نعيمة لـ"العرب": الفنانون التشكيليون يعانون من تراجع سوق الفن في الجزائر

المرأة الفنانة أكثر معاناة من الرجل ونحتاج دعما حكوميا أكبر.
الاثنين 2024/08/26
أسلوب متأثر بمفردات جزائرية

تمتلك الجزائرية إشراق نعيمة أسلوبها المختلف عن مجايليها لكنها تمتلك أيضا موقفها الخاص وتقييمها الذاتي للفن التشكيلي في الجزائر، حيث تؤكد في حوار جمعها مع "العرب" أن الفنان في وطنها لا يزال يعاني، فالتشكيل لا يوفر للفنان حياة كريمة والقطاع يكشف إلى اليوم عن عمق اللامساواة بين المرأة والرجل.

إشراق نعيمة، فنانة جزائرية أبدعت عبر مختلف لوحاتها التي رسمتها للتعبير عن مواضيع جزائرية من أهمها المرأة الجزائرية عبر مختلف مراحل التاريخ، وتقاليد وعادات المجتمع الجزائري، والطبيعة المميزة لوطنها، كما كانت لها عدة مشاركات في العديد من المعارض داخل وخارج وطنها ونالت من خلالها العديد من الجوائز.

وفي حوار لها مع “العرب”، قالت الفنانة التشكيلية الجزائرية إن الفنان التشكيلي ببلادها يعاني من تراجع سوق الفن، وغياب ثقافة اقتناء الأعمال الفنية، إضافة إلى نقص الدعم المقدم له من قبل المؤسسات المعنية.

واقترحت نعيمة أن تقوم الجهات الحكومية ذات الصلة بالثقافة والفنون باقتناء الأعمال التشكيلية التي يُبدعها الفنانون، وخاصة تلك الأعمال التي تحمل قيمة جمالية وتاريخية، من أجل تقديم الدعم للفنانين التشكيليين، والحفاظ على الإبداع الفني الوطني وما يحمله من رسائل تُعزز الهوية الوطنية، وذلك بغية إزالة الغبار عن الكثير من اللوحات والأعمال الفنية، وتشجيع جموع الفنانين على الإبداع وعلى القيام برسالتهم تجاه مجتمعاتهم، وعرض تلك الأعمال في أماكن يرتادها الجمهور، بما يحقق الارتقاء بالذائقة الفنية وينشر الثقافة البصرية.

◄ المرأة الجزائرية بطلة العمل الفني
المرأة الجزائرية بطلة العمل الفني

وأقرّت الفنانة بصعوبة أن يتكسّب الفنان من نتاج ممارسته للفن، وبحسب تجربتها فإن ذلك ليس بالأمر اليسير، ويحتاج إلى الكثير من الجهود من أجل أن يتمكن الفنان من تسويق أعماله، خاصة في ظل غياب أي دور مؤسسي لمساعدة الفنانين التشكيليين على تسويق أعمالهم الفنية.

ورأت الفنانة الشابة أن معاناة الفنانات التشكيليات ببلدان العالم العربي، تختلف عن تلك المعاناة التي يعيشها الفنانون الرجال، وذلك لأن المرأة، بحسب قولها، لديها مسؤوليات تفوق مسؤوليات الرجال، فهي تُنجب وتُرضِعْ وتقوم بالأعمال المنزلية كزوجة وأم، وغير ذلك من المسؤوليات التي تفرضها عليها العادات والتقاليد بمجتمعها.

وحول رؤيتها للحضور العربي بالحركة التشكيلية العالمية، قالت إن العرب لديهم فنانون عالميون، على غرار الفنان التشكيلي الجزائري محمد راسم، الذي استوحى أعماله من الحضارات الإنسانية، واغترف من التراث العربي الإسلامي الغني، واستوحى الكثير من أعماله من تاريخ الجزائر، ومن الحياة اليومية لبني وطنه، وكرّس فنّه لخدمة قضايا بلاده وتعزيز الهويّة الوطنية للجزائريين، حتى صارت أعماله ضمن مكونات التراث الفني للجزائر، وأكدت أن البلاد العربية غنية بفنانيها الذين وصلوا بأعمالهم إلى العالمية.

وفي ما يتعلق برؤيتها للعلاقة بين اللوحة التشكيلية والقصيدة الشعرية، قالت الفنانة إشراق نعيمة لـ”العرب” إنها حين تتجول بين أروقة معارض الفنون التشكيلية وتقترب من فنان ما، تجده قد استلهم موضوع لوحته من كلمات شاعر تأثر به، وأنه كثيرا ما نُقابل رسّاما مُتعدد المواهب، يرسم لوحة فنية تارة، وتارة أخرى يكتب قصيدة شعرية، واعتبرت أن العين التي ترى هي اليد التي تكتب وترسم وتعزف، وأن كل ما تختزنه مُخيّلة المُبدع قابلة للمشاركة مع العالم، وأكدت أن الرسم مثل الموسيقى والكتابة والتصوير والرقص والمسرح وغيرها من الفنون.

وحول موضوعات لوحاتها ومصادر الإلهام لديها، قالت إنها تُحب الطبيعة والزهور، وتميل دائما لرسم المرأة التي صارت أنموذجا لموضوعاتها، حيث ترى أن المرأة هي العمود الفقري للمجتمع، والشمعة المقدسة التي تُضيىء ليل الحياة، وهي تُمثّل بالنسبة لها رمزا للخصوبة والجمال والحيوية والبطولة والنجاح، بجانب كونها الأم الحنونة والأخت الصديقة والحبيبة، وهي حين ترسم المرأة تضع في اللوحة كل تلك المشاعر والأحاسيس التي تشعر بها وتحسها تجاه المرأة التي كانت بجانب الرجل دائما حتى في معارك التحرر الوطني، فحملت السلاح ودافعت عن كرامة الوطن، لافتة إلى أسماء الكثير من بطلات جيش التحرير الوطني ببلادها الجزائر.

◄ المجتمع الصحراوي الجزائري لا يزال يحتفظ بتراثه وموروثه، وزيّه التقليدي الذي جذبها وحاز إعجابها واهتمامها فرسمته في لوحاتها
المجتمع الصحراوي الجزائري لا يزال يحتفظ بتراثه وموروثه، وزيّه التقليدي الذي جذبها وحاز إعجابها واهتمامها فرسمته في لوحاتها

وقالت الفنانة التشكيلية الجزائرية إشراق نعيمة إن الرجل حاضر أيضا في لوحاتها ولكن ليس بحجم حضور المرأة، حيث رسمت الرجل القوي الشهم، والرجل الذي ينتمي إلى صحراء الجزائر بلباسه التقليدي، ومظهره التراثي، حيث تعمل، بحسب قولها، على توثيق تلك الصورة الآتية من الموروث الشعبي والثقافي لبلادها، وهو الموروث الذي بدأت تتخلى عنه بعض المجتمعات التي بدت وكأنها اتحدت في رداء واحد تنسجه العولمة.

ونوّهت بأن المجتمع الصحراوي الجزائري لا يزال يحتفظ بتراثه وموروثه، وزيّه التقليدي الذي جذبها وحاز إعجابها واهتمامها فرسمته في لوحاتها، وشددت على ضرورة أن يقوم الفنان بدوره في صون وتوثيق تراث بلاده الثقافي وموروثها الشعبي، وأن يمثل المُبدع زمنه وحضارته وأن يعتز بهويته.

وحول علاقتها باللوحة والفرشاة والألوان، قالت الفنانة إنها تُحب الألوان الزاهية وضربات الفرشاة الجريئة، وأن الألوان جذبتها منذ الصغر، وحين بدأت في عرض أعمالها لاحظت اهتمام الجمهور بألوانها الجذابة، وأسلوبها الخاص في تلوين لوحاتها، وأنها حين تبدأ في تجسيد العمل على المسطح الأبيض وتُكمل تخطيط لوحتها تكون متشوقة لمزج الألوان ووضعها على القماش.

واعتبرت الفنانة أن اللون هو لغة الصورة، وهو الذي يُساعد على إنتاج عمل فني مُتكامل، وبينت أن الفنان التشكيلي يكتسب مع مرور الأيام خبرة تُمكّنه من التعامل مع الألوان وبناء علاقة تفاهم قويّة بين المُسطح الأبيض والريشة واللون.

وأضافت أنها حين تنتهي من رسم لوحة تشعر بالسعادة، وتحس بأن العالم يتغير من حولها، وكأنها صنعت من القبح تحفة فنية، وتبقى على علاقة مع لوحتها، فحين تستيقظ في الصباح وفور أن تفرغ من صلواتها، تتوجه إلى لوحتها فتتأملها وتُحاكيها، وحين تتوجه للاطمئنان على والدتها في المساء تفعل نفس الشيء، حيث تتوجه للوحتها لتتأملها وتحاكيها مُجددا، حيث تُنسيها اللوحة متاعب يومها.

يُذكر أن إشراق نعيمة هي فنانة تشكيلية جزائرية تنتمي إلى ولاية الشلف، بدأت مسيرتها مع الفنون التشكيلية في سن مُبكرة، وحين التحقت بالدراسة في المرحلة المتوسطة لعبت مادة التربية الفنية دورها في تشجيعها وصقل موهبتها، حيث كان للبيئة التعليمية المحيطة بها دورها الفعّال في تنمية قدراتها الإبداعية، وانطلقت في مسيرتها الفنية حيث رسمت الطبيعة، ومارست فن البورتريه، وأجادت في الرسم على الزجاج والقماش، ونجحت في التعبير عن العديد من المواضيع التي تخص المجتمع الجزائري.

صورة

 

صورة

14