إشارات إماراتية إيجابية ولكن حذرة من المصالحة الخليجية

أبوظبي - لا تقف الإمارات ضد مسار المصالحة مع قطر، لكنها ترسل إشارات واضحة إلى ضرورة التفاؤل الحذر في التعاطي مع ملف حساس لدى القيادات الخليجية مثلما هو حساس لدى الشعوب التي باتت طرفا رئيسيا فيه، وأن الأمر يحتاج إلى الوقت وإلى عدة إجراءات لبناء الثقة من الطرف المعني بتقديمها لإظهار رغبته في مصالحة تنهي المقاطعة.
وأعلن السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة أن هناك “بذور تقدم” لحل الخلاف الخليجي القائم منذ وقت طويل وتعهدات “بتخفيف حدة الأمور” مع عمل أطراف الأزمة على التوصل إلى حل لإنهاء الخلاف مع قطر.
وعبر العتيبة عن اعتقاده بوجود تقدم أو على الأقل بذور تقدم.
وأضاف في كلمة عبر الفيديو أمام معهد هدسون “هناك الكثير من التعهدات.. بتخفيف حدة الأمور نوعا ما. وإذا استمر هذا فأعتقد أنه سيكون أمرا مبشرا. أرى أن هناك فرصة لبدء عملية تخفيف حدة الخلاف على الأقل”، متابعًا أن الوقت سيثبت ما إذا كان هذا سيؤدي إلى “التقدم بصورة ما نحو التوصل إلى حل للأزمة”.
وكانت تصريحات العتيبة، التي أدلى بها الثلاثاء لمؤسسة بحثية أميركية، أكثر حذرا قياسا على تجربة الخليجيين مع قطر التي سبق أن تعهدت في 2013 بتنفيذ إجراءات تستجيب لمطالب جيرانها وتُبدّد مخاوفهم من الاستثمار في الإسلام السياسي، لكن الدوحة لم تفعل ذلك، وفي 2014 عادت لتوقع اتفاقا جديدا في الرياض لتنفيذ المطالب نفسها، لكن دون جدوى.
وظل الخليجيون يديرون الخلاف من وراء الستار وديًّا مع القيادة القطرية بحثا عن حل، خاصة مع تولي الأمير الحالي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مهمة القيادة.
وتقول أوساط خليجية إن تجربة 2013 و2014 والضمانات التي قدمت للعاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ثم الالتفاف عليها قطريا، هي التي تقف وراء الحذر الإماراتي من المبالغة في التفاؤل بشأن التوصل إلى حل خليجي – خليجي ينهي أزمة قطر.
وتضمن اتفاق 2013 تعهدا قطريا بعدم دعم تنظيم الإخوان المسلمين، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج، والالتزام بالتوجه الجماعي للسياسة الخليجية الخارجية.
كما تعهدت القيادة القطرية بوقف الحملات الإعلامية على دول الخليج، والتي تجد في قناة الجزيرة واجهة لها.
وبادر ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وقام بزيارة إلى الدوحة والتقى بالأمير “الجديد” وقتها الشيخ تميم في إشارة إلى أن الإمارات طوت الصفحة وتنتظر تحولا قطريا ملموسا.
وتشير أوساط دبلوماسية خليجية إلى أن ملف المصالحة يحتاج إلى وقت، وأن لا معنى لإعلان عودة العلاقات دون تفكيك أسباب الخلاف، الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات، وتحول إلى قطيعة سياسية واقتصادية وشعبية. ولأجل ذلك لا بد من مرحلة تقوم على المصارحة والمكاشفة ومعرفة ما إذا كان القطريون راغبين فعليا في تغيير مواقفهم وارتباطاتهم مع الجماعات الإسلامية، أم أنهم يتعاطون مع الوساطة الكويتية والتفاعل الإيجابي للرياض على أنهما قبول بالأمر الواقع، ومن ثمة العودة إلى ما قبل يونيو 2017 وكأن شيئا لم يكن.
وكان أنور قرقاش، وزير الشؤون الخارجية الإماراتي، قد ألمح إلى ضرورة أن تكون مصر جزءا من هذه المصالحة، وما يعنيه ذلك من استجابة لمطالبها ضمن الشروط التي قدمت لقطر في 2017.
وقال قرقاش في تغريدة على تويتر إن بلاده “تثمّن جهود الكويت الشقيقة والمساعي الأميركية نحو تعزيز التضامن في الخليج العربي وتدعم المساعي السعودية الخيّرة وبالنيابة عن الدول الأربع”.
وأضاف أن الإمارات “تؤكد على أن علاقات مجلس التعاون مع مصر الشقيقة ركن أساسي في المحافظة على الأمن العربي واستقرار المنطقة، وتتطلع إلى قمة خليجية ناجحة”.
وكان بيان للخارجية المصرية قد أثنى، الثلاثاء، على الوساطة الكويتية، لكنه أمل في أن “تسفر هذه المساعي عن حل شامل يعالج كافة أسباب هذه الأزمة ويضمن الالتزام بدقة وجدية بما سيتم الاتفاق عليه”، وهو ما فُهم على أنه نأي مصري بالنفس عن مصالحة لا تعالج أسباب التوتر بشكل عميق.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وروابط التجارة والسفر مع قطر في منتصف عام 2017 رغم جهود الوساطة التي بذلتها الكويت والولايات المتحدة التي تقول إن الخلاف يعرقل تشكيل جبهة خليجية موحدة في مواجهة إيران.
ووضعت الدول الأربع ثلاثة عشر مطلبا للدوحة من بينها إغلاق قناة الجزيرة وإغلاق قاعدة تركية وقطع الصلات بجماعة الإخوان المسلمين وخفض مستوى العلاقات مع إيران.