إسلاميو الكويت يعجلون بإطاحة وزيرة الشؤون الاجتماعية

الكويت – قدّمت وزيرة الشؤون الاجتماعية الكويتية غدير أسيري، الخميس، استقالتها وذلك أياما قبل جلسة برلمانية مخصصة لطرح الثقة عنها بعد مناقشة استجواب لها في البرلمان تقدّم به نائب إسلامي في مجلس الأمّة اتّهمها فيه بـ”الإخلال بمبدأ التعاون بين السلطات والحنث بالقسم الدستوري”.
وجاءت الاستقالة تحت ضغط شديد مارسه على الحكومة الإخوان المسلمون والسلفيون الذين لم يكونوا فقط، في صراع فكري وأيديولوجي مع الوزيرة المحسوبة على التيار الليبرالي، ولكنهم كانوا أيضا في صراع مصلحي معها جسّدوه برفضهم لها منذ إعلان اسمها ضمن تشكيلة حكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، بعد تعيينها على رأس وزارة تمثّل شريان حياة ومصدر تمويل لتيار الإسلام السياسي الكويتي، حيث تشرف وزارة الشؤون الاجتماعية على ملفّ الجمعيات الخيرية وتتولى تنظيم عملية جمع التبرّعات وهو المجال الذي ينشط فيه السلفيون والإخوان بقوّة لجمع التمويلات اللاّزمة لأنشطتهم ولشبكاتهم الممتدّة داخل الكويت وخارجها.
ولم تنقطع السلطات الكويتية خلال العشرية الماضية عن محاولتها ضبط عمل الجمعيات الخيرية التي هي بمثابة واجهات لأحزاب سياسية غير معلنة، وتنظيم عملية جمع التبرعات، بعد أن تعرّضت البلاد لانتقادات بشأن إمكانية ذهاب ما يُجمع فيها من أموال تحت عنوان العمل الخيري، إلى تمويل الإرهاب.
ورغم ضعف السبب الذي استند إليه النائب عادل الدمخي لاستجواب أسيري وهو ردّها على منتقديها باتهامها لهم بترويج الإشاعات الأمر الذي اعتبره النائب في صحيفة الاستجواب “طعنا في نواب الأمة والتهكم بهم وبقواعدهم الانتخابية”، فإنّ ما أضعف موقف أسيري هو تغريدة سابقة لها كانت نشرتها سنة 2011 انتقدت فيها دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين لحمايتها آنذاك من اضطرابات وقفت إيران وراء تأجيجها.
غير أنّ من يقفون في صفّ أسيري يقولون إنّ ذلك مجرّد ذريعة، وأن استهداف الوزيرة كان بسبب خوف الإسلاميين من إمكانية إدخالها إصلاحات حقيقية على وزارة الشؤون الاجتماعية تقطع عنهم التمويل الذي يجنونه من وراء الفساد والتسيب في الوزارة وعدم قدرتها على ضبط نشاط الجمعيات الخيرية وتنظيم عملية جمع التبرّعات.
وقال الناشط السياسي الكويتي خالد الحجرف في تغريدة على تويتر “يقولون إنّ سبب رفضهم لتوزير غدير أسيري تغريدتها ضد البحرين. وهو كذب، والسبب الحقيقي هو أنها ضد توجه الإخوان داخليا. وتنتقدهم بالمنطق والحجة”.
واستقالت الوزيرة بعد أقل من شهر ونصف الشهر على تشكيل الحكومة الكويتية الجديدة في ديسمبر الماضي برئاسة وزير الخارجية السابق الشيخ صباح الخالد الذي خلف الشيخ جابر المبارك المستقيل بسبب تفجّر صراع بين وزراء شيوخ داخل حكومته، لتكون أسيري بذلك أسرع وزيرة في تاريخ الكويت تتقدم باستقالتها من الحكومة.
وأعلن 26 نائبا من الأعضاء الخمسين للبرلمان نيتهم طرح الثقة بالوزيرة في الجلسة المخصصة لذلك في 4 فبراير المقبل، بعد أن ناقش مجلس الأمة في 21 يناير الجاري الاستجواب الذي قدمه النائب الدمخي.
وبانتهاء الاستجواب قدم عشرة نواب طلبا لطرح الثقة بالوزيرة، لكنّ أسيري أشعلت الأجواء في البرلمان بإلغائها الثلاثاء الماضي 17 بندا من صلاحيات المديرة العامة للهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، ما تسبب بانضمام نواب جدد رجحوا كفة طرح الثقة فيها.
وقالت أسيري في خطاب استقالتها الموجّه إلى رئيس مجلس الوزراء، إنها آثرت تقديم الاستقالة لتجنب أي صدام أو الدخول في حالة من عدم التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، أو الدخول في أتون الصراعات السياسية.
وحرصا على الاستقرار الحكومي الذي تحوّل إلى إشكالية في الكويت بفعل كثرة الصراعات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإدمان نواب البرلمان على تقديم الاستجوابات لأعضاء الحكومة لأسباب يتداخل فيها الشخصي المصلحي بالأيديولوجي والعشائري، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة طارق المزرم، الخميس، صدور مرسوم بقبول استقالة وزيرة الشؤون الاجتماعية، وصدور مرسوم ثان بتعيين وليد الجاسم على رأس الوزارة وكالة بالإضافة إلى عمله كوزير للشؤون البلدية.