إخوان الجزائر يغازلون أحزاب السلطة بمبادرة الوفاق

مبادرة الإخوان تعترضها العديد من العراقيل والحواجز التي تراكمت خلال السنوات الأخيرة، بسبب تغير مواقفهم السياسية تجاه السلطة.
الاثنين 2018/07/23
محاولة للعودة إلى معسكر السلطة

الجزائر- تتمسك حركة مجتمع السلم “حمس” بمواصلة المشاورات السياسية في الجزائر، إذ دعت إلى عقد لقاءات في غضون الأيام القليلة القادمة مع أحزاب السلطة رغم علمها المسبق بمواقفها الرافضة لأي نقاش حول الانتخابات الرئاسية خارج دعم ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

وأفادت مصادر من داخل حركة حمس الإخوانية بأن قادتها -وعلى رأسهم عبدالرزاق مقري- سيلتقون هذا الأسبوع بقادة حزبي السلطة الأكبرَيْن: جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي. وتهدف مشاورات حمس إلى شرح مبادرة الوفاق الوطني حول الاستحقاق الرئاسي المنتظر تنظيمه منتصف العام القادم.

وسبق أن أعلن الحزبان الكبيران في البلاد موقفيهما بشأن مبادرة إخوان الجزائر وإخراج مسألة مرشح السلطة من أي مشاورات سياسية. لكن حمس تصر رغم ذلك على خوض حملتها وشرح مبادرتها للقوى السياسية في البلاد، حيث التقى مقري بكل من رئيس الحركة الشعبية الجزائرية الموالية للسلطة عمارة بن يونس ورئيس حزب طلائع الحريات رئيس الحكومة المعارض علي بن فليس.

وتعترض مبادرة الإخوان العديد من العراقيل والحواجز التي تراكمت خلال السنوات الأخيرة، بسبب تغير مواقفهم السياسية تجاه السلطة من خيار المشاركة الذي امتد من منتصف تسعينات القرن الماضي إلى غاية 2011. وكانت القيادة الجديدة قد تبنت بين المؤتمرين التاسع والعاشر مواقف راديكالية تجاه خيارات السلطة، لا سيما بشأن الولاية الرئاسية الرابعة لبوتفليقة في 2014، قبل أن تتم مراجعة الخط السياسي من جديد منذ مايو الماضي.

ويرى متابعون للشأن السياسي في الجزائر أن المشاورات المنتظرة بين حمس وحزبي السلطة قريبة إلى الخطوات اليائسة التي لا يُنتظر منها شيء، معتبرين أن المبادرة تعد مجرد تسجيل للحضور في المشهد فقط. ويقول هؤلاء إن المواقف معروفة للجميع وتم التعبير عنها سابقا من طرف قادة حزبي السلطة، خاصة بعد اتهامات رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر جمال ولد عباس لقادة كل من التجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم بشأن مساومتهم لبوتفليقة خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية في 1999 عبر اشتراط امتيازات مقابل مساندته.

وانتقدت حركة حمس تصريحات ولد عباس، واعتبرها مقري “غير مسؤولة وغير حقيقية”. وعاد مقري للتذكير بمواقف مؤسس تيار الإخوان تجاه وقف المسار الانتخابي في مطلع تسعينات القرن الماضي، والحرب على الإرهاب والمشاركة في المحطات السياسية الصعبة التي عرفتها البلاد في تلك الفترة من أجل العودة إلى الدستور وشرعية المؤسسات.

وألمح سجال قادة حركة حمس من جهة وحزبي السلطة من جهة أخرى إلى المسافات المتباعدة بينها واستحالة توصلها إلى أرضية توافق على خطة سياسية واحدة. وتمهد الطبقة السياسية في الجزائر لمشروع الولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة، بينما تبحث حمس عن توافق بين السلطة والمعارضة حول مرشح يضمن الانتقال السياسي والاقتصادي في البلاد ويجنبها السيناريوهات الخطيرة القائمة في محيطها الإقليمي.

ويعتبر رئيس مجلس شورى حمس، عبدالله بن عجمية، أن مبادرة التوافق الوطني تستهدف الوصول إلى إرساء توافق داخلي بين جميع الأطراف لتحصين الجبهة الداخلية من الأخطار المحيطة. كما يراها فرصة للاصطفاف وراء مرشح واحد يقود البلاد إلى انتقال سياسي واقتصادي، أو تكريس قواعد وآليات الشفافية والنزاهة في المحطات الانتخابية “لضمان منافسة ومشاركة واسعة للجزائريين، تفضي إلى مؤسسات شرعية”.

ولقيت مبادرة الإخوان العديد من الانتقادات السياسية من أطراف مختلفة، بما فيها أحزاب المعارضة، حيث اعتبرتها جبهة القوى الاشتراكية “سطوا على المبادرة” التي أطلقتها العام الماضي حول الإجماع الوطني الذي يهدف إلى التوافق قبل أي انتخابات.

 ووصفها حزب جيل جديد المعارض بـ “واحدة من التقلبات السياسية لحمس”. وكانت الحركة الإخوانية في السابق عضوا في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي ثم انقلبت عليها قبيل انتخابات العام الماضي مما أحدث شرخا كبيرا في تكتل المعارضة الذي تأسس في 2014.

4