إثيوبيا تفضل حماية الاقتصاد على حساب مكافحة كورونا

تتحرك الحكومة الإثيوبية متثاقلة لاتخاذ إجراءات للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد، بسبب خشيتها من التداعيات الاقتصادية الخطيرة لتقييد الحركة وتعطيل النشاطات التجارية والإنتاجية، وهي إجراءات بدأت تتراجع عنها الكثير من دول العالم.
أديس أبابا - اتسمت تحركات حكومة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد لمنع تفشي فايروس كورونا بالبطء الشديد، وكان أبرزها إبرام اتفاق مع الملياردير الصيني ومؤسس شركة “علي بابا” جاك ما، لتقديم إمدادات طبية للبلاد.
كما كتب مناشدة مفعمة بالحماس بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، دعا فيها إلى تقديم مساعدات دولية للقارة لدعمها في مكافحة تفشي وباء كورونا.
وعدا ذلك لم تتخذ حكومة آبي أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2019، أي إجراءات في الداخل. فقد أبقت المطار الرئيسي في البلاد مفتوحا، وسمحت لشركة الطيران الوطنية، الخطوط الجوية الإثيوبية، بمواصلة رحلاتها.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى مسؤول حكومي إثيوبي قوله إن التناقض بين مخاوف تفشي كورونا عند آبي أحمد وعدم رغبته في فرض قيود صارمة لمكافحته، يكشف عن مخاوفه الراسخة من عرقلة جهوده لتحديث الاقتصاد الإثيوبي.
وذكرت الوكالة أن هناك أدلة كثيرة تدعم مخاوف آبي أحمد، هي أن عمليات الإغلاق المتشددة في أنحاء شتى من العالم، أدت إلى حالات انكماش اقتصادي وبطالة جماعية.
ونقلت الوكالة عن وزير الدولة الإثيوبي للشؤون المالية أيوب تولينا قوله “لا أعتقد أن الوباء كان من الممكن أن يأتي في وقت أسوأ من ذلك… لا نستطيع أن نخلف صدمة مستمرة للاقتصاد لأن لدينا كثيرا سنخسره”.
ووصل متوسط معدل النمو الاقتصادي في إثيوبيا إلى حوالي 10 في المئة خلال العقد الماضي، وهو المعدل الأسرع في القارة. وكان السبب في القسم الأكبر من ذلك هو توسع الخطوط الجوية الإثيوبية، واستثمارات صناعية صينية بمليارات الدولارات من قبل الصين، التي تعد أقوى حليف لإثيوبيا.
وحولت الخطوط الإثيوبية مطار أديس أبابا إلى مركز للنقل الجوي من المنطقة إلى الشرق الأوسط وآسيا، بنحو 12.2 مليون مسافر سنويا. ووصل عدد كبير من هؤلاء من الصين، حتى خلال ذروة تفشي فايروس كورونا في الصين.
وتعمل الخطوط الإثيوبية بنحو 10 في المئة من طاقتها الطبيعية حاليا، ولكنها كانت لا تزال تسير رحلات إلى باريس والصين والشرق الأوسط، وإلى أنحاء من أفريقيا.
وجاء ذلك في وقت أوقفت فيه دول رئيسية أخرى في القارة، مثل جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا، الرحلات الجوية وأغلقت حدودها. وترفض معظم الدول الأخرى في أفريقيا استقبال ركاب من أي دولة يوجد بها أكثر من 200 حالة إصابة بكورونا.
وقال إد هوبي – هامشير، كبير محللي أفريقيا في مؤسسة “فيريسك مابلكروفت” لاستشارات المخاطر السياسية، ومقرها بريطانيا “من الناحية الاقتصادية، يكشف ذلك عن أهمية الحفاظ على الربط الجوي مع الصين”.
وفي المقال الذي كتبه رئيس الوزراء الإثيوبي في فاينانشال تايمز، أكد آبي أحمد أهمية شركة الخطوط الجوية الإثيوبية، وذكر أنها أكبر شركة في البلاد وتمثل حوالي 3 في المئة من الناتج القومي، ومصدرا رئيسيا للعملة الصعبة.
وتقول الخطوط الإثيوبية إنها فقدت حوالي 550 مليون دولار من العائدات. وجاءت اختبارات فايروس كورونا لثلاثة من موظفي الشركة إيجابية، ضمن 85 حالة إصابة في أنحاء البلاد.
وتتحرك إثيوبيا التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 110 ملايين نسمة، ببطء في برامج إجراء الاختبارات للكشف عن المصابين بكورونا، حيث قامت حتى الآن بفحص حوالي خمسة آلاف شخص فقط.
وبدأت الاختبارات المنتظمة لقياس درجة حرارة الجسم بمطار أديس أبابا في أوائل شهر مارس الماضي، ولكن فقط للركاب القادمين من الصين وإيطاليا وكوريا الجنوبية وإيران.
وعلى النقيض من ذلك، شملت اختبارات كورونا في دولة جنوب أفريقيا، التي يصل تعداد سكانها إلى حوالي 59 مليون نسمة، حوالي 80 ألف شخص، وجرى الكشف عن 2415 حالة إصابة مؤكدة.
ورأت مجموعة إدارة الأزمات الدولية، ومقرها بروكسل، في تقرير الأربعاء أن إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي سعت إلى طريق وسط بين تبني بعض الإجراءات لإبطاء انتشار فايروس كورونا في البلاد، وفرض قيود صارمة من شأنها أن تسبب خسائر اقتصادية وخيمة.
وقالت المجموعة في تقريرها “إذا ما تمكن الفايروس ووجد الكثير من الإثيوبيين أنفسهم دون موارد كافية لرعاية أسرهم، قد يتحولون ضد السلطات التي يرونها عديمة الكفاءة”.
وأوضح التقرير “إذا اتخذت الدولة إجراءات تتعلق بالصحة العامة تجعل من المستحيل على الناس أن يحصلوا قوتهم، قد يثير ذلك رد فعل مماثلا”.
وبحسب وزير الشؤون المالية الإثيوبي، تحتاج البلاد إلى ما يقدر بنحو 1.6 مليار دولار لمواجهة تفشي فايروس كورونا وتداعيات ذلك على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة. وستذهب هذه الأموال إلى الرعاية الصحية والاحتياجات الطارئة، وبينها المواد الغذائية.
ويقول ويليام آتويل، رئيس قسم أبحاث أفريقيا جنوب الصحراء بمؤسسة “دوكر فرونتير” للاستشارات “هناك نقص خطير في الاستعدادات في ظل حقيقة وجود 3 أسرة فقط بالمستشفيات لكل عشرة آلاف شخص”.
وأضاف أن “الحكومة غير مستعدة، إلى درجة يرثى لها، وستعتمد على الجهات المانحة عندما تزداد أعداد الإصابات”.