أنتويرب البلجيكية تحتفي بالكتاب العرب

للمثقف العربي صورة نمطيّة في العقل الأوروبي، وليس خفيّا على أحد خضوع المنظومة الثقافية في الغرب عموما لما هو ممكن في التمثيل ضمن هذه الصورة، فما يظهر بين الشرق والغرب من اختلافات ثقافية هي بصورة أو بأخرى مكامن الجمال لكليهما، وفي ظل المشهد الحالي الذي يقوم على مقولة راسخة “نحن نمثلك لأنّه غير مسموح لك أن تكون ما تريد”، يحاول بعض المثقفين العرب الذين وصلوا بطرق شتّى إلى الشاطئ الآخر من المتوسط أن يكونوا جزءا من الحراك الثقافي في ممازجة بين الغرب والشرق، وقد بدأت تظهر أولى ملامحه.
الخميس 2015/10/22
مشروع نادي القلم يحاول فتح قنوات تواصل بين الأدب الهولندي والأدب العربي

أنتويرب (بلجيكا) - قدّم نادي القلم في إقليم “الفلاندر” ببلجيكا عددا من الكتّاب العرب للمجتمع والناشرين في احتفاليّة أقامها النادي في مسرح “توتي فراتيلي” بعاصمة الإقليم، ضمن مشروع نادي القلم الذي يعنى بالكتّاب العرب خارج المؤسسات الرسمية، حيث يقوم هذا المشروع على تقديم كتّاب عرب بصورة إنتاجاتهم الأدبية المتنوعة بين الشعر والقصة والرواية بعد أن تمّت ترجمة مساحات واسعة من إنتاجهم، ضمن برنامج ثقافي يتعاون فيه الفرع الفلاماني لمنظمة الشعراء والكتاب والقصاصين بدعم من مدينة الكتاب في أنتويرب.

وقد شهد مسرح توتي فراتيلي إطلاق ترجمات أولية لمختارات من أعمال الشعراء والكتّاب: العراقي عدنان عادل والسوداني الهادي عجب الدور والعراقي زهير الجبوري والفلسطينية نسمة العكلوك والعراقي ماجد المطرود والمسرحي حازم كمال الدين والسوري عبدالله مكسور.

احتفاء بالأدب

عن هذا المشروع قالت يوكا فان لايوين، وهي رئيسة مؤسسة القلم الفلاماني والحائزة على لقب شاعرة الأراضي المنخفضة الكبرى، إنّ هذا المشروع يأتي في إطار جهود نادي القلم لترسيخ الحوار والاطّلاع على ثقافات مغايرة من خلال خلق جسور تواصل عبر الكتّاب والشعراء المقيمين في بلجيكا، وتأتي أهمية هذا المشروع في كونه الأول من نوعه الذي يحتضن كتّابا يحملون إلى جانب إصداراتهم الإبداعية همّا إنسانيا من خلال تجارب اعتقالية أو نضالية أو مخزون قصصي يتناول تجارب إنسانية في الشرق، يوكا التي سبق لها أن زارت الشرق الأوسط تعتبر أنّه من الضروري والهام الاطلاع على ثقافات الآخرين وهذا ما فعله نادي القلم من خلال إصداره الأخير “woorden en oorden”.

هذا الإصدار الذي جاء بصورة تجمع الشرق والغرب عبر عدم انحيازه لأحد الثقافتين من خلال وضع النص العربي والهولندي في ذات الصفحة، ليمتدّ عبر 75 صفحة جمعت الكتّاب العرب الذين شملهم البرنامج إضافة إلى قصائد ليوكا فان لايوين وأناليز فيربيكه التي قدّمت من جهتها نصا يتضمن مشاهدات حيّة من مدينة كالي الفرنسية للاجئين يحاولون عبور الحدود نحو المملكة المتحدة.

كتاب عرب يحملون إلى جانب إصداراتهم الإبداعية هما إنسانيا من خلال تجارب نضالية تثير قضايا إنسانية في الشرق

الجانب الإنساني يسير إلى مسار مواز مع الهمّ الإبداعي، وهنا يقول حازم كمال الدين المسؤول العربي عن المشروع إنّه يضمّ يوكا فان لايوين إلى جانب أناليز فيربيكه والكتّاب العرب الذين وقع عليهم الاختيار ليكونوا ضمن اللبنة الأولى في خطوات لاحقة ستأتي تباعا، وأشار المسرحي العربي إلى أنّ خضوع الترجمة التي ظهرت لكتّاب عرب سابقا لمنطلقين، الأول يقوم على وجود المبدع في الغرب أو حصوله على جوائز دفعت بأعماله نحو مضمار الترجمة، ولهذا يتحرّر نادي القلم من هذه القيود ليضع نصوصا إبداعية عربية لكتّاب يقيمون في بلجيكا أمام المجتمع الفلاماني ليدفعها بدوره نحو دائرة الضوء، وعن اختيار النصوص يقول كمال الدين إنّ استراتيجيّة الفريق الذي اختار الأعمال تقوم على وجود حدّ أدنى من الإبداع حتى يتمّ إدخاله ضمن بنية العمل المشترك.

التواصل الثقافي

هذا الاحتفاء الذي قدّمه نادي القلم في أنتويرب تحت عنوان “أماكن وكلمات” من خلال مسرح توتي فراتيلي سيتم نقله إلى مركز باسابورتا الثقافي الشهير في بروكسل، كما يتضمن المشروع إطلاق موقع إلكتروني باللغتين العربية والهولندية على أن تتمّ ترجمة النصوص بمعدّل نص كل أسبوع حتى تصل إلى 52 نصا في العام لكل مبدع، تظهر بشكل كتاب في نهاية الأمر، وفي السياق ذاته ينطلق مشروع العلاقات مع دور النشر والمراكز الثقافية حيث سيعمل القائمون على البرنامج بالتواصل مع دور النشر لطرح الإنتاج الأدبي للمشاركين بلغات أخرى من خلال المواد المترجمة التي تمّ إطلاقها في الاحتفالية.

هذه الأركان الثلاثة التي يقوم عليها مشروع نادي القلم الذي يحاول اليوم ترجمة بعض الأعمال الهولندية إلى اللغة العربية والاتفاق مع ناشرين عرب لطرحها في السوق الثقافية العربية، وهنا تتحقق صورة التبادل الثقافي في جوهر المشروع كما يقول القائمون على تنظيمه.

الأعمال التي ظهرت في اللغة الهولندية للمشاركين هي: “جسد مسمّد بالترقّب” لعدنان عادل، “تقرير مطوّل” لحازم كمال الدين، “غزة داخل الترام” لنسمة العكلوك، “الببغاء البليد” لهادي عجب الدور، “جنازة آخر المحاربين” لزهير الجبوري، “الليلة الفائتة” لماجد مطرود، “طريق الآلام” لعبدالله مكسور، كما قدّمت أناليزا فيربيكه نصّا بعنوان “صابون” وألقت الشاعرة يوكا فان لايوين قصيدة بعنوان “قالت”.

14