أنا تان تان.. أنا ابن عصري
يستحق فنان الكوميكس البلجيكي هيرجيه كل تقدير. مبتكر شخصية تان تان شخصية فذة. هو ابن عصره، بكل ما فيه من عنصرية واستعمار ومواقف ومواقع وفنون.
ماذا يكون الإنسان إذا لم يكن ابن عصره؟ من السهل أن نأتي اليوم ونصم هيرجيه بكل الأوصاف السيئة. تفتح عينيك على الدنيا، فترى أنك ابن بلد مُستعمر وظروف ما بعد الحرب العالمية الأولى، وتكاد تضع إصبعك على خرائط مسيرة الحرب العالمية الثانية المتوقعة والقادمة بلا أدنى ريب. ثم تأتي ألمانيا “تنفس” فيك كل “نفختك” الاستعمارية بأن تخترق كل شيء في بلجيكا كما يمر الضوء من خلال الزجاج وكأنه غير موجود. مرة تعيش المجد، وخلال أيام تتحول كإنسان إلى ركام من الحسرات. ثم تبدأ بالتقلب، بين عنصرية البلد المُستعمر وعنصرية البلد الخاضع تحت الاحتلال والانبهار بشخصية الألماني المحتل، ثم بدوسة الجندي الأميركي الأبيض البسيط القادم من مزارع الذرة أو التبغ الأميركية، الذي يقاتل جنبا إلى جنب مع “أخيه” الجندي الأسود الذي لا يعرف بالضبط أين تنتهي عبوديته وأين تبدأ حرية الأوروبي الذاهب إلى تحريره عابرا المحيط الأطلسي لتحقيق ذلك.
أشكال وحكايات تان تان هي في شكلها العام تلونات هيرجيه (أنا أفضّل هيرجيه على إيرجيه الفرنسية التي تبتلع الحرف هـ) وتغيراته المختلفة بين عصر وعصر. كم انبهرت بالشخصية، ليس لقدرتها على ابتداع المغامرات، بل لأن في كل واحد فينا ثمة تان تان يريد أن ينطلق ويحقق شيئا في عالم مختلف.
قبل أن تقرأ تان تان، ضع قائمة للأماكن التي تريد أن تزورها، والأزياء التي تريد أن ترتديها والأقنعة التي تريد أن تضعها على وجهك، والمغامرات التي تسعى للقيام بها، ستجد أن في كل واحد منا تان تان. ازحم هذه الصورة بشخصيات من المحيطين بك، ستجد الغاضب الكابتن هادوك وشارد الذهن البروفيسور كالكيلوس (البروفيسور رياضيات تحليلية) والكلب ميلو والغفلين التوأمين الشرطيين تيك وتاك. ماذا كنت تريد أن تفعل في الثلاثينات من القرن الماضي أو الستينات مثلا؟ سأرد: إما استكشاف الدول، أو القارات، أو الذهاب بعيدا واستكشاف القمر (تحقق استكشاف القمر في حياة هيرجيه نفسه). لم نكن بعد في عصر الإلكترونيات والكمبيوتر ثم الإنترنت وأخيرا والأشد إلهاما وخطرا وهو عصر الذكاء الاصطناعي (أعتقد تسمية الجنس الثالث على الذكاء الاصطناعي مناسبة الآن). هل من أحد فينا يمكن أن يفكر اليوم، على مدار يوم كامل، من دون أن يمر الذكاء الاصطناعي على ذهنه أو أن يستخدمه. لماذا نستهجن إذن أن يمارس هيرجيه وشخصياته أنواعا منفلتة من العنصرية الاستعمارية مثلا؟
اليوم انتهى احتكار شخصيات هيرجيه. تان تان حر بلا قيود. يمكن استخدام شخصياته من دون أيّ تقييد، مثله مثل من يستخدم شخصيات شهرزاد وشهريار في ألف ليلة وليلة، وعلاء الدين والمصباح السحري، وعلي بابا والأربعين حراميا.
هل لي أن أبتكر؟ ما رأيكم بذكاء اصطناعي مدرب ليكون هيرجيه نفسه. لا قيود ولا تحديدات. انطلق يا هيرجيه الاصطناعي وقل لنا ماذا تريد أن ترسم وأيّ حكاية تريد أن تروي.
طلبت من تشات جي بي تي أن يرسم هيرجيه من وحي قصصه ورسومه. إليكم النتيجة.
