أمراض المنظومة القديمة تصيب نظام البكالوريا الجديد في مصر

تواصل تسريب الامتحانات الثانوية العامة يدفع وزارة التعليم المصرية إلى تعميم تجربة التعلم الرقمي.
الثلاثاء 2019/01/29
ضرورة تعزيز المهارات المعرفية للطالب

القاهرة - أظهرت تجربة امتحانات النظام الجديد للثانوية العامة (البكالوريا) في مصر قبل أيام، الفجوة الواسعة بين استراتيجية الحكومة لتطوير المنظومة التعليمية والواقع الفعلي للتعليم، حيث جرى تسريب الامتحانات قبل موعدها بساعات، وأحيانا بأيام، وهي ذات الإشكالية التي تعاني منها امتحانات المنظومة القائمة فعليّا.

الفارق بين سيناريو التسريب الذي حدث أخيرا مع امتحانات المنظومة الجديدة، والطريقة التي كان يتم من خلالها تسريب امتحانات السنوات الماضية، أن أسئلة النظام الجديد تسربت من داخل المؤسسات التعليمية، أي عن طريق مسؤولين، في حين كان يحدث ذلك في السابق من داخل اللجان بقيام بعض الطلاب بتصوير الامتحانات بهواتف محمولة ونشرها على مواقع التواصل.

يعكس ذلك أن هناك جهات معارضة لمنظومة الامتحانات الجديدة داخل وزارة التربية والتعليم تريد إحراج الحكومة والضغط عليها، لأنها ترى أن آلية التقييم فاشلة ويجب التصدي لها مبكرا بتعظيم سلبياتها، وإثارة الرأي العام عليها، وربما لأن منها أصحاب مصالح. وفي الحالتين ينذر استمرار وجود هؤلاء على رأس المنظومة الجديدة بالمزيد من الإخفاق.

ثمة إشكالية أخرى أكثر تعقيدا ترتبط بأن المناهج الدراسية نفسها لا تتناسب مع طريقة التقييم الجديدة التي قررت وزارة التربية والتعليم تطبيقها، وتعتمد بالأساس على أن تقيس الأسئلة مهارات الفهم والتحليل وليس الحفظ والتلقين، لأنها (المناهج) لم يتم تطويرها منذ أكثر من نصف قرن تقريبا.

وجرى تطبيق نظام الكتاب المفتوح، أو ما يعرف اصطلاحا بـ”أوبن بوك” في امتحانات الصف الأول الثانوي العام، للمرة الأولى في تاريخ التعليم المصري، وسمحت وزارة التربية باصطحاب الطلاب للكتاب المدرسي داخل اللجان، وقالت إنه من الصعب أن يجد الممتحنون ما يبحثون عنه، لأن الأسئلة تخاطب الفهم وليس الحفظ، وبالتالي فإن الغش من الكتب غير وارد.

تطبيق نظام الكتاب المفتوح يتطلب تغيير المناهج بشكل جذري، إذ واجه واضعو أسئلة نظام الثانوية الجديد صعوبات بالغة في صياغة الامتحان

وتصر وزارة التعليم على تطبيق أوبن بوك، بذريعة أنه يقضي على مخاوف الطلاب وأسرهم في أوقات الامتحانات، ويزيل حالة الطوارئ التي تكون موجودة في المنازل، كما أنه يغير ثقافة الغش عند المتعلم.

وقال م.ع، معلم كيمياء شارك في خطة وضع الامتحان، لـ”العرب” إن “تطبيق نظام الكتاب المفتوح يتطلب تغيير المناهج بشكل جذري، إذ واجه واضعو أسئلة نظام الثانوية الجديد صعوبات بالغة في صياغة الامتحان”.

وسبق أن تعهدت وزارة التعليم بأن نظام الثانوية المطوّر يلغي العديد من  مشاكل القطاع كالدروس الخصوصية، بحيث يكون الطالب العنصر الرئيسي في عملية التعلم، بينما دور المعلم يتمثل فقط في مناقشته في أبحاثه وتصحيح المعلومات التي فهمها وجمعها عبر البحث والمساعدة في الإبداع والابتكار.

وأشار محب الرافعي وزير التربية والتعليم الأسبق في تصريحات لـ”العرب” إلى أنه “من الصعب تغيير طريقة التقييم قبل تطوير وتحديث ما يدرسه الطالب.. والمسار الحالي الذي تتحرك فيه وزارة التعليم خاطئ، ويتطلب إعادة النظر في التجربة برمتها والاستفادة من الأخطاء السابقة، ولا مانع من تأجيل التطبيق الفعلي للمنظومة إلى حين سد الثغرات الموجودة”.

ويبين ذلك أن السلبيات الموجودة في نظام التعليم الحالي، وتسببت في تدهور مستوى الخريجين، ما زالت قائمة في المنظومة الجديدة.

وأكد رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم لـ”العرب” أن “السلبيات التي حدثت مع تطبيق المنظومة الامتحانية الجديدة ستتقلص مع تعميم تجربة التعلم الرقمي، واختبار الطلاب عن طريق الحواسيب الآلية التي سوف توزع عليهم منتصف الفصل الدراسي الثاني”.

وينتظر أن يتم توزيع 700 ألف جهاز تابلت مجانا على طلاب الصف الأول الثانوي ومعلميهم خلال شهر أبريل المقبل. وتقول وزارة التعليم إنها سوف تعقد امتحانين إلكترونيين في شهري مايو ويونيو المقبلين، في بادرة أولى للامتحانات الرقمية التي سوف تعمم من العام المقبل على طلاب نظام الثانوية الجديد.

17