أمازون تعزز هيمنتها على أسواق تجارة التجزئة

ينذر توسع مجموعة أمازون في مجال تجارة التجزئة بتحوّل أكثر تأثيرا في نسيج الأسواق يرى خبراء أنه قد يؤدي إلى اختفاء الملايين من الوظائف ويهدد بانهيار المتاجر ليس في الولايات المتحدة فقط بل وفي أنحاء العالم بعد أن أظهر عملاق وادي السيليكون أنه مصمم على المضي قدما في خططه غير مكترث بالدعوات من أجل كسر سيطرته على هذا المجال.
نيويورك - تعتزم مجموعة أمازون العملاقة للتجارة الإلكترونية فتح متاجر كبيرة عدّة في الولايات المتحدة مواصلة توسّعها في محال البيع بالتجزئة الفعلية والهيمنة بشكل أكبر على تلك الأسواق.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة على الملف، لم تكشف عن هويتها، قولها إن أمازون دشنت بالفعل أول متاجرها الكبيرة في ولايتي أوهايو وكاليفورنيا. وهي خطوة تفاقم مخاوف المنافسين في السوق الأميركية من تراجع أعمالهم على نحو غير متوقع.
وستمتدّ هذه المتاجر على حوالي ثلاثة آلاف متر مربع تقريبا، وهي مساحة صغيرة نسبيا بالمقارنة مع المراكز التجارية الكبيرة المنتشرة في البلد.
ومن المرجح أن تبيع أمازون منتجاتها الخاصة من ملابس ومعدّات إلكترونية ومفروشات، كما قد تعرض منتجات علامات أخرى.

بريان أولسافسكي: تم إيقاف 66 في المئة من أسطول النقل الجوي في العالم
وليس هذا المشروع الأول من نوعه لعملاق التجارة الإلكترونية، الذي سبق له أن فتح متاجر “أربع نجوم” ومكتبات “أمازون بوكس”.
وفي هذه المحلات، تقدّم أمازون منتجات منتقاة من أفضل المبيعات على الإنترنت حصلت على أربع علامات من أصل خمس في التقييمات.
وتشير التقديرات إلى أن حجم التجارة الإلكترونية بلغت في المتوسط منذ العام 2018 أكثر من 3.1 تريليون دولار عالميا، وهي تنمو بسرعة حتى أن شركة بزنس إنسايدر الأميركية تتوقع أن تبلغ قرابة 6 تريليونات دولار بحلول عام 2024، لكن أمازون استأثرت لوحدها بأكثر من نصف حجم النمو.
وتظهر البيانات أن حصة أمازون من جميع التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تبلغ نحو 44 في المئة، وهي تعادل نحو 4 في المئة من جميع مبيعات التجزئة التي تضم المطاعم والحانات والفنادق.
ويتفق المختصون على أن التسوق الرقمي من أكثر القطاعات المستفيدة من الوباء في ظل إقبال المستهلكين على المشتريات عبر الإنترنت نتيجة إغلاق المتاجر الإلكترونية ومخاوف العدوى.
وقد اشترت أمازون سلسلة المتاجر الكبيرة في الولايات المتحدة “هول فودز” سنة 2017، في مقابل 13.7 مليار دولار.
وفي مطلع العام 2018، فتحت الشركة أول متجر “أمازون غو” في سياتل، وهو محلّ بقالة بلا صناديق دفع تسجّل المشتريات فيه بواسطة أجهزة استشعار وكاميرات. وواصلت توسعها على هذا المنوال مع فتح متجر من هذا النوع خارج الولايات المتحدة في لندن.
ولا تواجه المجموعة راهنا أي منافسة جديرة بالذكر وهي حقّقت في الربع الثاني من 2021 أرباحا صافية بقيمة 7.8 مليار دولار، في ارتفاع نسبته 48 في المئة بالمقارنة مع الفترة عينها من العام الماضي.
ويمارس تحالف مناهض لهيمنة أمازون يضم 20 اتحادا مهنيا يمثل قرابة 60 ألف شركة في الولايات المتحدة ضغوطا على الإدارة الأميركية لإعادة النظر في قواعد التجارة الإلكترونية والحد من سيطرة المجموعة على الأسواق.
وذكرت الشركة في بيان لها في وقت سابق هذا الشهر أن إجمالي المصروفات التشغيلية للربع الثاني ارتفع بنسبة 27 في المئة إلى 105.4 مليار دولار.
وتتوقع المجموعة أن تتراوح الإيرادات بين 106 و112 مليار دولار في الفترة المنتهية في شهر سبتمبر المقبل، في حين ستتراوح أرباح التشغيل بين 2.5 مليار دولار و6 مليارات دولار.
ويتوقع المحللون، في المتوسط، أرباحا بقيمة 8.11 مليار دولار من مبيعات بقيمة 118.7 مليار دولار، وفقا لبيانات جمعتها بلومبرغ.
ورغم الاستثمارات الكبيرة في التجارة الإلكترونية من قبل المنافسين، بما في ذلك والمارت وتارغيت وبيست باي، تظل أمازون رائدة التجارة الإلكترونية منقطعة النظير في الولايات المتحدة، أكبر أسواقها.
وقال المدير المالي بريان أولسافسكي إن “النفقات المرتفعة ستستمر أيضًا مع استمرار أمازون في إضافة السعة وتوظيف العمال لتلبية الطلب الذي قفز في العامين الماضيين”.
ولفت إلى أن بعض المنشآت تتعامل مع ضعف حجم الطرود التي كانت تتعامل معها قبل عامين فقط وأنه “يجب على أمازون التنافس في سوق العمل مع إعادة فتح المزيد من المتاجر، مما سيزيد من التكاليف”.
ويرى محللون أن توسيع المجموعة لأعمال في قطاع تجارة التجزئة بعد هيمنة الموقع على معظم السلع الأخرى واستغلالها الجائحة لإطلاق صيدلياتها الافتراضية وقبل ذلك دخولها مجال توصيل الأدوية والأغذية سيؤدي إلى إغلاق نسبة كبيرة من المتاجر وخاصة الصغيرة وفقدان الكثير من الوظائف في أنحاء العالم.
وتشير التقديرات إلى أن حصة التجارة الإلكترونية من جميع مبيعات التجزئة وصلت إلى أكثر من 10 في المئة في الولايات المتحدة ومعظم الدول المتقدمة.
وقد لا تبدو هذه النسبة مخيفة لكن سرعة النمو بمعدلات كبيرة تنذر بإقصاء الكثير من المتاجر وقد يصل الكثير منها إلى مرحلة الانهيار حين لا تعود مبيعاتها كافية لتحقيق الأرباح.
وتشكو المتاجر التقليدية في شوارع المدن الأميركية والأوروبية من عدم عدالة المنافسة مع موقع أمازون، لأنها تدفع الكثير من الضرائب والرسوم البلدية، في حين تتمكن المواقع الإلكترونية من الإفلات منها بسهولة.
المتاجر التقليدية تشكو من عدم عدالة المنافسة مع أمازون لأنها تدفع الكثير من الضرائب والرسوم البلدية
ولا تكفّ أمازون عن دخول ميادين جديدة، وقد أطلقت خدمة القنوات التلفزيونية المدفوعة الاشتراك في محاولة للدخول في منافسة مع شركات مثل نتفليكس وديزني.
ولم تهمل المجموعة أسواق العالم الأخرى التي لا تزال تجارة التجزئة فيها في بداياتها، مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقد خطفت صفقة استحواذ على سوق.كوم، أكبر منصة تجارية إلكترونية في الشرق الأوسط والتي تمتلك قاعدة لوجستية كبيرة يمكن أن تساعد أمازون في التوسع في أسواق المنطقة.
ويعتقد اقتصاديون أن دخول المجموعة الأميركية إلى المنطقة العربية سيحدث ثورة في واقع التجارة الإلكترونية بمرور الوقت، رغم ضعف البنية التحتية لخدمات توصيل البضائع في العالم العربي.
ومن المتوقع أن تحتاج أمازون لتأسيس خدمات إيصال الطرود في بعض المناطق لضمان توسيع رقعة نشاطها في بعض المناطق التي تخلو حتى من تصنيف واضح للعناوين.
وتوجت نجاحات أمازون، مؤسسها جيف بيزوس كأغنى أثرياء العالم في يوليو الماضي حين تجاوزت ثروته 212 مليار دولار بحسب حسابات وكالة بلومبرغ متفوقا على مؤسس تسلا، إيلون ماسك بفارق 32 مليار دولار.
ولا تقتصر طموحات بيزوس على التجارة الإلكترونية والبث التلفزيوني بل امتدت إلى ميادين كثيرة بينها الرحلات الفضائية التجارية.