ألمانيا ترصد تقييدا متزايدا للحريات الدينية حول العالم

تقرير أصدرته الحكومة الألمانية يكشف أن المسيحيين بصفتهم أتباع أكبر مجتمع ديني في العالم من حيث العدد يتضررون بشكل خاص من انتهاك الحرية الدينية.
الخميس 2020/10/29
ارتفاع منسوب الكراهية يقوض الحريات الدينية

برلين- رصد تقرير جديد للحكومة الألمانية أن حق الإنسان في الحرية الدينية قد تعرض لضغوط في العديد من البلدان، في وقت فشلت فيه أغلب الحكومات في مواجهة تنامي مشاعر الكراهية والعنصرية ذات الدوافع الدينية.

وجاء في التقرير الحكومي الثاني حول الوضع العالمي للحرية الدينية الذي نُشر في برلين الأربعاء أن “المسيحيين، بصفتهم أتباع أكبر مجتمع ديني في العالم من حيث العدد، يتضررون بشكل خاص من انتهاك الحرية الدينية”.

وأشار التقرير أيضا إلى أن أتباع ديانات أخرى وعقائد أخرى عانوا أيضا من التمييز والاضطهاد بسبب معتقداتهم أو لأنهم أنفسهم غير مؤمنين بالدين. وأفادت منظمة “الأبواب المفتوحة” غير الحكومية في تقرير صدر في يناير 2020 بتعرض نحو 260 مليون مسيحي لـ”الاضطهاد الشديد” في العالم خلال العام 2019، في حصيلة تفوق أرقام العام السابق من حيث عدد الضحايا.

تقرير أميركي يدق ناقوس الخطر بشأن الانتكاسات التي تتعرض لها الحريات الدينية في بعض أنحاء العالم

ونشرت المنظمة البروتستانتية في هذا التقرير دليلها السنوي للدول الخمسين التي تعرّض فيها المسيحيون لأكبر قدر من الاضطهاد في الفترة ما بين نوفمبر 2018 وأكتوبر 2019.

وأكدت المنظمة أن مجموع 260 مليون مسيحي من كاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت ومعمدانيين وإنجيليين وسواهم، تعرضوا لـ”الاضطهاد الشديد”، من مجموع 245 مليون مسيحي عام 2018.

وتشمل أعمال “الاضطهاد” بحسب المنظمة أعمال العنف التي تصل إلى حد القتل، إضافة إلى القمع اليومي الأقل عنفا. وأوضحت المنظمة في التقرير أن “هذه الزيادة مردها بصورة خاصة تدهور وضع الحرية الدينية في الصين وانتشار التيار الجهادي في أفريقيا”.

وتراجع عدد المسيحيين الذين قتلوا من 4305 إلى 2983، مسجلا انخفاضا بنسبة 31 في المئة عن العام السابق. وأوضحت المنظمة أنه “خلال ثلاث سنوات سجل هذا العدد تزايدا متواصلا”، لتربط بين التراجع المسجل العام الماضي وبين “انخفاض عدد المسيحيين الذين قتلوا في نيجيريا”.

وفي مؤشر آخر، ارتفع عدد المسيحيين المعتقلين من 3150 إلى 3711، والعدد الأكبر منهم في الصين وإريتريا والهند. وتصدّرت كوريا الشمالية مجددا القائمة السنوية للحصيلة الإجمالية للاضطهاد.

وأورد التقرير أن “الهيمنة الشمولية للنظام على كل فرد تجعل من الإيمان جريمة ضد النظام، وهو سبب كافٍ لينهي الفرد حياته في معسكر أشغال شاقة”. وتلي كوريا الشمالية أفغانستان والصومال وليبيا وباكستان وإريتريا والسودان واليمن وإيران والهند وسوريا.

كما أورد متحدث باسم المنظمة، أن “منطقة غرب أفريقيا تحولت من جديد إلى بؤرة ساخنة مع تسجيل عنف بالغ الشدة، كما في بوركينا فاسو على سبيل المثال”. ومن جهة أخرى تؤكد المنظمة أن الأرقام المسجلة ما هي إلا جزء من الواقع الفعلي لوجود العشرات من الحالات التي لم تعرف بعد.

ودق التقرير الأميركي السنوي للحريات الدينية بدوره، ناقوس الخطر بشأن الانتكاسات التي تتعرض لها الحريات الدينية في بعض أنحاء العالم، لكن تقرير 2019 ركز على انتقاد بعض الدول الأوروبية.

أعمال الاضطهاد تشمل بحسب منظمة "الأبواب المفتوحة"، العنف الذي يصل إلى حد القتل إضافة إلى القمع اليومي الأقل عنفا

ويرى متابعون أن أهمية هذا التقرير تكمن في لفت الانتباه إلى الأوضاع التي باتت تتردّى في بعض البلدان الأوروبية في ما يتعلق بحرية ممارسة الأديان واحترام الآخر لأصحاب الديانات الأخرى. ويشير التقرير إلى بلدان مثل فرنسا التي أقر فيها مشرعون قوانين تحظر على المسلمات ارتداء النقاب وسويسرا، حيث أقر الناخبون قانونا يحظر على المسلمين بناء مآذن.

وأوضح مايكل بوزنر أكبر مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية عن ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان، أن “التوترات الدينية المتزايدة في أوروبا أثارت انزعاج المسؤولين الأميركيين الذين يحثون الحكومات الأوروبية على احترام حقوق المسلمين والأقليات الدينية الأخرى في ظل الخوف العام المتزايد من الإسلام في أوروبا”.

ويرجع المراقبون هذه التوترات إلى عدة أسباب، منها تأزم الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدلات البطالة لاسيما عقب الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة التي أرغمت الآلاف من الشركات على إغلاق أبوابها، بالإضافة إلى صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة.

5