أطباء: السلالة الجديدة لكورونا لا تقوض فاعلية اللقاحات

يرجّح علماء الأوبئة أن الطفرات أمر معتاد بالنسبة إلى الفايروسات لذلك من غير المحتمل أن تكون السلالة الجديدة مقاومة للقاحات التي بدأ توزيعها مؤخرا، ولن تفقد فاعليتها في توفير أجسام مضادة للفايروس وبالتالي تمنع تكاثره.
لندن – دقّت التقارير الواردة من بريطانيا وجنوب أفريقيا عن سلالات فايروس كورونا الجديدة، التي يبدو أنها تنتشر بوتيرة متسارعة، ناقوس الخطر، لكن خبراء الفايروسات يقولون إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت السلالة الجديدة للفايروس تثير أي قلق بشأن اللقاحات أو تسبب مرضا أكثر خطورة.
وتتطور الفايروسات بشكل طبيعي أثناء انتقالها بين الشعوب، بعضها أكثر من غيرها. وهذا أحد أسباب الحاجة الملحة لإنتاج لقاح جديد ضد مرض الإنفلونزا كل عام.
وشوهدت متغيرات أو سلالات جديدة من فايروس كورونا تقريبا منذ اكتشافه لأول مرة في الصين منذ ما يقرب من عام. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، السبت الماضي، عن فرض قيود جديدة بسبب السلالة الجديدة.
وكانت العديد من دول الاتحاد الأوروبي وكندا تحظر أو تقيد بعض الرحلات الجوية من بريطانيا لمحاولة الحد من أي انتشار للفايروس.
ما الذي يتعلق بالسلالة الأخيرة؟
وقال خبراء الصحة في بريطانيا والولايات المتحدة إن السلالة يبدو أنها تصيب بسهولة أكثر من غيرها، لكن لا يوجد دليل حتى الآن على أنها الأكثر فتكا.
وقال باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، إن السلالة “تنتشر بسرعة وتصبح البديل السائد”، مسببة أكثر من 60 في المئة من الإصابات في لندن بحلول ديسمبر.
مخاوف طبية من تحور الفايروس عن طريق تغيير البروتينات الموجودة على سطحه لمساعدته على الهروب من الأدوية
واكتشف العلماء السلالة الجديدة، أول مرة لدى مريض في سبتمبر. وأبلغت هيئة الصحة العامة في إنجلترا الحكومة الجمعة عندما كشفت عملية إعداد نماذج الخطورة الكاملة للسلالة الجديدة.
لكن أكبر مسؤول طبي في بريطانيا كريس ويتي أشار إلى أنه بينما السلالة الجديدة معدية أكثر بكثير إلا أنه “لا دليل حاليا للإشارة على أنها تتسبب بمعدل وفيات أعلى أو تؤثر على اللقاحات والعلاجات، على الرغم من أن العمل جارٍ بشكل عاجل لتأكيد ذلك”.
وهذه السلالة مقلقة أيضا لأنها تحتوي على العديد من الطفرات (ما يقرب من عشرين) وبعضها على البروتين الشائك الذي يستخدمه الفايروس لربط الخلايا وإصابتها.
وهذا المسمار أو النتوء البارز في البروتين هو ما تستهدفه اللقاحات الحالية. وقال الدكتور رافي جوبتا، الذي يدرس الفايروسات في جامعة كامبريدج في إنجلترا، “أنا قلق بشأن هذا، بالتأكيد”، لكن من السابق لأوانه معرفة مدى أهمية هذا الأمر في النهاية. وقد نشر هو والباحثون الآخرون تقريرا عنها على موقع ويب يستخدمه العلماء لمشاركة التطورات، لكن الورقة البحثية لم تتم مراجعتها بشكل رسمي أو نشرها في مجلة.
- كيف تنشأ هذه السلالات الجديدة؟
غالبا ما تكتسب الفايروسات تغييرات صغيرة في حرف أو حرفين في الأبجدية الجينية فقط من خلال عملية التطور الطبيعي. يمكن أن تصبح السلالة المعدلة بشكل طفيف هي الأكثر شيوعا في دولة أو منطقة لمجرد أن هذه هي السلالة التي استقرت أولا هناك أو لأن معدلات انتشارها السريعة ساعدت في ترسيخها.
ولكن يأتي القلق الأكبر عندما يتحوّر الفايروس عن طريق تغيير البروتينات الموجودة على سطحه لمساعدته على الهروب من الأدوية أو جهاز المناعة.
وكتب تريفور بيدفورد، عالم الأحياء وخبير الوراثة في مركز فريد هتشنسون لأبحاث السرطان في سياتل، على تويتر “تشير الأدلة الناشئة إلى أن ذلك ربما يكون قد بدأ يحدث مع فايروس كورونا الجديد”.
وقال “لقد رأينا الآن ظهور وانتشار العديد من المتغيرات التي تشير إلى هذا، وبعضها يظهر مقاومة للعلاجات بالأجسام المضادة”.
- ما هي السلالات الأخرى التي ظهرت؟
وقال جوبتا إنه في أبريل، اكتشف باحثون في السويد فايروسا له تغييران جينيان يبدو أنه يزيد من العدوى بمقدار الضعف. وأوضح أنه تم تسجيل حوالي 6 آلاف حالة مصابة به في جميع أنحاء العالم، معظمها في الدنمارك وإنجلترا. وظهرت الآن عدة أشكال من تلك السلالة، وتم تسجيل بعض الحالات التي أصيبت به من مزارع المنك في الدنمارك. وهناك سلالة جديدة من الفايروس في جنوب أفريقيا حدث لها التغيران السابقان، بالإضافة إلى بعض التغييرات الأخرى.
وقال جوبتا إن سلالة الفايروس الموجودة في بريطانيا حدث لها طفرتان أو أكثر، بما في ذلك ثماني طفرات في البروتين الشائك، يطلق عليه “متغير قيد التحقيق” لأن خطورته غير معروفة بعد. وقال مسؤول في منظمة الصحة العالمية لـ”بي.بي.سي” الأحد، إن السلالة تم التعرف عليها في جنوب شرق إنجلترا في سبتمبر، وهي تنتشر في المنطقة منذ ذلك الحين.
- هل تقوض السلالة الجديدة مفعول اللقاحات؟

قال مفوض إدارة الغذاء والدواء الأميركي السابق، سكوت غوتليب، الأحد في برنامج “فيس ذا نيشن” على قناة “سي.بي.إس” “على الأرجح لا”. ووافق جوبتا على ذلك بقوله “من غير المحتمل”.
وصرح المرشح لمنصب الجراح العام للرئيس المنتخب جو بايدن، فيفيك مورثي، الأحد في برنامج “ميت ذا برس” على قناة “إن.بي.سي” بأنه “لا يوجد سبب للاعتقاد بأن اللقاحات التي تم تطويرها لن تكون فعالة ضد هذا الفايروس أيضا”.
وأشار العديد من الخبراء إلى أن اللقاحات تنتج استجابات واسعة النطاق من قبل الجهاز المناعي تتجاوز تلك الاستجابات التي تطلقها ضد البروتين الشائك.
وقال الدكتور منصف السلاوي، كبير المستشارين العلميين لجهود توزيع اللقاحات في الحكومة الأميركية، الأحد في برنامج “ستيت أوف ذا يونيون” على شبكة “سي.أن.أن”، إن “احتمال أن تكون السلالات الجديدة مقاومة للقاحات الحالية منخفضة، ولكن هذا لا يعني أنها غير موجودة”.
وأضاف “حتى الآن، لا أعتقد أنه كانت هناك طفرة واحدة مقاومة. هذه السلالة الجديدة في بريطانيا، على ما أعتقد، من غير المرجح أن تكون قد أفلتت من مناعة اللقاح”.
ووافق بيدفورد على هذا التصريح، وكتب على تويتر “لا أشعر بالقلق” لأنه يجب إحداث الكثير من التغييرات في الشفرة الجينية لتقويض اللقاح، وليس فقط طفرة أو طفرتين. لكنه كتب أن اللقاحات قد تحتاج إلى ضبط دقيق بمرور الوقت مع تراكم التغييرات، وينبغي مراقبة التغييرات عن كثب. وقال مورثي إن السلالة الجديدة لا تغيّر نصيحة الصحة العامة بارتداء الأقنعة وغسل اليدين والحفاظ على مسافة التباعد الاجتماعي.
وبات ينظر إلى إطلاق اللقاحات الآن على أنه الطريقة الوحيدة الفاعلة لإنهاء عمليات الإغلاق التي فرضت لوقف تفشي الفايروس وأثرت على الاقتصادات.
ويتوقع أن تبدأ أوروبا بحملة تلقيح واسعة بعد عيد الميلاد على خطى الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين بدأتا حملات التطعيم باستخدام لقاح فايزر- بيونتيك، وهو واحد بين لقاحات عدة تتصدر المشهد.
كما بدأت روسيا والصين في تطعيم سكانهما بلقاحات أنتجهما البلدان محليا.
وأعطت الولايات المتحدة الجمعة الماضي الضوء الأخضر للاستخدام الطارئ للقاح موديرنا ضد كوفيد – 19، ما يمهّد لإرسال الملايين من الجرعات من اللقاح إلى أنحاء البلد الذي يعد الأكثر تضررا بالوباء في العالم.
وكانت الولايات المتحدة أول بلد يأذن باستخدام لقاح موديرنا الذي يتم تناوله على جرعتين، وبات ثاني لقاح يستخدم في البلاد بعد فايزر – بيونتيك.