أصوات حقوقية في تونس تطالب بحل عاجل لقضية موقوفي الاحتجاجات

أواخر شهر يناير وبداية شهر فبراير من السنة الحالية عاشت العديد من المحافظات الداخلية بتونس حراكا اجتماعيا على خلفية مطالب تنموية. وتلت تلك الاحتجاجات حملة اعتقالات، شملت عددا من شباب منطقة الجريصة من محافظة الكاف، بالشمال الغربي للبلاد، لا يزالون بسجن الإيقاف منذ ذلك الوقت.
الخميس 2016/12/15
نسق تصاعدي لمحاكمات المتظاهرين

تونس - أكدت سناء الماجري، الصحافية وشقيقة أحد الموقوفين في الجريصة على خلفية الاحتجاجات التي عرفتها البلاد في فبراير الماضي، أنه لم تتوفر إلى الآن أي معطيات حول موعد قريب لجلسة تنظر في القضية، وذلك في تصريح لصحيفة “العرب”.

يذكر أن 17 شابا من أبناء الجريصة التابعة لمحافظة الكاف، في الشمال الغربي لتونس، يقبعون في سجن الإيقاف منذ أن تم إلقاء القبض عليهم على خلفية التحركات الاحتجاجية التي عرفتها البلاد بداية العام الحالي للمطالبة بالتنمية ورفضا للتهميش. وقد بلغت مدة إيقاف أبناء الجريصة 11 شهرا دون تحديد جلسة للبت في القضية.

وكوّن عدد من نشطاء المجتمع المدني في تونس لجنة لمساندة شباب الجريصة الموقوفين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية في فبراير الماضي.

وأصدرت لجنة المساندة بيانا توضح فيه أن تطورات القضية تتمثل في إيقاف هاته المجموعة بتهم مختلفة منها “تكوين وفاق” و”منع الجولان”. كما أشارت إلى أن عددا من الإيقافات تم على أساس تشابه في الأسماء.

وعبرت سناء الماجري عن موقف أهالي الموقوفين المطالبين بالسراح الشرطي لأبنائهم مع استكمال الإجراءات القانونية والقضائية اللازمة، باعتبار أن الإيقاف قد طال، وتضيف الماجري “المدة تقترب من الآجال القصوى لإجراءات الإيقاف المعمول بها وهي 14 شهرا في القضايا الكبرى”.

وجاء في بيان لجنة المساندة أنه “بعد أن رفضت دائرة الاتهام مطلب السراح الشرطي مع الإحالة على المحكمة الابتدائية دون تحديد موعد جلسة، أكدت لجنة المساندة مشروعية المطالب الاجتماعية للشباب التونسي الذي يصبو إلى عدالة اجتماعية وجهوية تستجيب إلى شعارات 17 ديسمبر”.

ودعت اللجنة السلطات إلى فتح باب الحوار مع الشباب والابتعاد عن الحلول الأمنية والزجرية، والأخذ بعين الاعتبار الحالة الاستثنائية للمناطق المنكوبة اقتصاديا واجتماعيا والظروف الإنسانية والاجتماعية الصعبة للموقوفين وعائلاتهم وأبنائهم.

سناء الماجري: المشكلة تكمن في عدم توفر أي توضيحات بشأن الأسباب حول القضية

وقالت الماجري إنه منذ أن أحالت دائرة الاتهام قضية موقوفي الجريصة على الدائرة الجنائية، يعرف الملف جمودا خلال كل هذه المدة، مضيفة “لم نجد إلا المماطلة كلما أردنا إثارة القضية، في المقابل هناك شباب مسجونون دون تهم مؤكدة”.

وأشارت إلى الحالة النفسية لعائلات الموقوفين “كل هذه الأشهر، هناك أطفال حرموا من آبائهم، وهناك زوجات وأمهات وآباء ينتظرون أبناءهم ويعانون بسبب هذا الوضع”.

وتابعت “المشكلة تكمن في كون أنه لا توجد أي توضيحات بشأن الأسباب التي تجعل مدة الإيقاف تطول دون تعيين موعد جلسة بالمحكمة”.

ودعت لجنة المساندة، من جهتها، المجتمع المدني والسياسي والمنظمات الحقوقية ونواب الجهة إلى تحمل مسؤولياتهم “في إعطاء الموضوع أهميته والعمل على مدّ قنوات الحوار والتخفيف من درجة الاحتقان التي يمكن أن تبدأ بالمطالبة بالسراح الشرطي حتى يقول القضاء كلمته”.

كما دعت اللجنة أيضا كل القوى الحية من شباب ونشطاء سياسيين ومستقلين وجمعيات للانضمام إلى اللجنة المساندة ودعم عملها.

ولاحظت سناء الماجري أنه من المفترض أن تكون هناك وقفة احتجاجية بمحافظة الكاف الأسبوع المقبل، قبل موعد الندوة الصحافية التي ستنظمها لجنة مساندة شباب الجريصة يوم 24 ديسمبر الجاري للتعريف بالقضية وتقديم المعلومات حول تطوراتها والتحركات المزمع تنظيمها. يذكر أنه في أواخر شهر يناير وبداية شهر فبراير من السنة الحالية عاشت العديد من المحافظات الداخلية بتونس حراكا اجتماعيا للمطالبة بالتنمية والتشغيل ونبذ التهميش والإقصاء. وقد وقع أثناء الاحتجاجات إحراق منشآت عمومية.

وتلت هذه الاحتجاجات حملة اعتقالات، شملت عددا من شباب منطقة الجريصة، حيث وجه لهم قاضي التحقيق تهمة العصيان المدني، والتي تصل عقوبتها إلى خمس سنوات سجنا، إضافة إلى تهمة تكوين عصابة والاعتداء على الأشخاص والممتلكات.

وتبنّى حزب الجبهة الشعبية، المعارض، قضية موقوفي الجريصة حسبما أفاد به القيادي في الجبهة عبدالناصر العويني، في أحد تصريحاته الإعلامية.

وقال إن الجبهة الشعبية ضد تجريم الحراك الاجتماعي، مؤكدا أن محاميها مستعدون للتنقل إلى الكاف والدفاع عن المعتقلين في حال اتصلت بهم عائلات الموقوفين.

وتبنت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الملف أيضا، حيث قال رئيسها السابق عبدالستار بن موسى “إن الرابطة كلفت رئيس فرعها في الكاف بالتحقيق في قضية الشباب الموقوفين”.

ونفذ أهالي الموقوفين تحركات احتجاجية للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم ولو شرطيا، مؤكدين أن البعض منهم تمّ تلفيق التهم له.

وشهدت محاكمات الأشخاص المحالين أمام القضاء على خلفية تحركات اجتماعية، نسقا تصاعديا وفق ما أكده رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبدالرحمان الهذيلي.

وأعلن الهذيلي أن المنتدى سيصدر تقريرا قريبا حول محاكمات المحالين على خلفية مشاركتهم في التحركات الاجتماعية منذ شهر أغسطس على غرار التحركات الاحتجاجية بمنطقة ماجل بلعباس من محافظة القصرين ومحافظة قفصة ومنطقة بوسالم من محافظة جندوبة وكذلك ما بات يعرف بـ”قضية قليبية”.

يذكر أن رحاب مهذبي، المتحدثة الرسمية باسم المحكمة الابتدائية في محافظة نابل، قالت إن المحكمة قضت بسجن 11 شابا لمدة 14 عاما، لمشاركتهم في تظاهرات غداة اغتيال اليساري المعارض شكري بلعيد، وتم خلال هذه التحركات إحراق مركز للشرطة.

وقالت مهذبي إن المحكمة أدانت الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و28 عاما بتهم “إضرام النار عمدا بمحل غير مسكون” و”المشاركة في عصيان وقع بالسلاح” و”الاعتداء بالعنف على موظف عمومي” خلال تظاهرات 7 فبراير 2013 بمدينة قليبية من المحافظة نفسها.

وقال عبدالرحمان الهذيلي ”إذا اعتقدت الحكومة أنه يمكن مواجهة الحراك الاجتماعي عبر الحل الأمني فهي مخطئة”.

4