كيف يسفر حراك سلمي حضاري عن داعش مثلا؟ كيف يتحول الاعتصام ضد الطائفية إلى خطابات أبو محمد العدناني؟

المسلمون البسطاء في المساجد المزدحمة والغاضبة بحاجة إلى "مسكن" أثناء العملية الجراحية الكبرى التي ستقوم باستئصال الدواعش.

القضية أبعد من مشروع إيراني وخطر شيعي وأن داعش ردة فعل على تهميش طائفي. القضية أننا في قبضة جنون مطلق قد يتحول إلى هوس وعنف مقدس شامل.

لأن المشروع الداعشي إرهاب دولي مرفوض صار مطلوبا من السنّي العراقي التزود بطاقة فوق إمكانيات البشر فعليه أن يمقت قوة التمرد الداعشية العمياء التي تتوعد بتحطيم تلك الحالة السنّية الذليلة.

ما معنى باريس بالذات؟ ألم تكن طهران أقرب؟ ألم يقدروا حجم ردة الفعل على بيوتنا من استعداء دول عظمى بهذا الشكل؟ نتلقى الرد والانتقام، ننام ونصحو على أصوات القصف.

نحن تأثرنا بثقافة البعث العنصرية والإيرانيون تأثروا من جهتهم بتطرفهم المضاد فكانت المذبحة والملحمة الهمجية بين الفرس والعرب في العراق.

إيران تستفز بنجاحها السياسي الإسلام السني مما يهدد بانفجار المنطقة. فالإسلام السياسي الإيراني يبعث على إسلام سياسي مقابل.

ولاء السنة يتوزع بين الوطن والقبيلة والمنطقة والمذهب والقومية، عكس الآخر الذي يعرف تماما ماذا يريد، وقلبه دائما في المكان الصحيح بسبب وجود قادة دينيين وسياسيين وبشكل أساسي وجود إيران.

لماذا لم تشجع إيران العراق على بناء جيش عراقي وطني؟ لماذا دعمت الميليشيات وفككت الجيش ونخرته من الداخل؟ أليس لأن الجيش يرسخ فكرة وثقافة الدولة المنفصلة عن إيران؟.

التحالف بين العرب والغرب يتفكك بعوامل تاريخية خارجة عن إرادة الأفراد وأمزجتهم، فما هو هذا التحالف الذي نتيجته احتلال بغداد وتقديمها دانية قطوفها إلى إيران.

فلاديمير بوتين يريد أن يقايض أوروبا لرفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده مقابل حل مشكلة اللاجئين، وفي نفس الوقت يريد أن يجد لروسيا مكاناً في الشرق الأوسط.

لأن السعودية تعني كل العرب فلابد من استراتيجية مضادة. السعودية أبعد ما تكون عن الضعف، إلا أنها يجب أن تساعد أصدقاءها على فهمها وتخفف من الغموض السياسي.

الدفاع عن السنة المظلومين في سوريا والعراق عملية محفوفة بالمخاطر، ويجب ألا يورط ذلك المملكة العربية السعودية في التحريض كما تفعل إيران.

شيعة العراق يحكمون اليوم من خلال غرفة عمليات شيعية مشتركة تجمع خبراء إيران والعراق وسوريا وحزب الله اللبناني. قلقهم من فقدان العرش ببغداد لا حدود له.

لولا عاصفة الحزم لقرأنا الفاتحة على العروبة. وحتى حين تأتي أخبار الشهداء إلى الإمارات والسعودية يبقى السؤال أين باقي العرب.

ظهور داعش كانتقام وكفارس من فرسان الموت بلحن جنائزي، يجعلنا نشعر بأنها النهاية، ربما هي ليست نهاية العالم بالنسبة لشعوب المنطقة، لكنها نهاية العالم بالنسبة للعراق.