أزمة سياسية في مالي يتحينها الجهاديون

المعارضة المالية متمسكة بتنحي الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا رغم التنازلات التي قدمها لحل الأزمة السياسية ووقف الاحتجاجات.
الثلاثاء 2020/07/14
التصعيد يثير قلق حلفاء مالي الأفارقة والأوروبيين

باماكو – تشهد مالي أسوأ اضطرابات مدنية منذ عقود غداة خروج مظاهرات عارمة مطالبة برحيل الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا، وهو مطلب واجهته قوات الأمن المالية باعتداءات مميتة على المتظاهرين وحملة اعتقالات واسعة طالت قادة المعارضة.

ويثير التصعيد الحالي قلق حلفاء مالي الأفارقة والأوروبيين الذين يخشون وجود عنصر آخر مزعزع للاستقرار في بلد يواجه الجهاديين وسلسلة من التحديات الرئيسية، وسط منطقة غير مستقرة.

وأدانت منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي الاثنين، لجوء حكومة مالي إلى استخدام القوة المميتة خلال احتجاجات طالبت رئيس البلاد بالاستقالة، ودعت السلطات لإطلاق سراح زعماء المعارضة المعتقلين. وشهد الجمعة الماضية أحدث مظاهرة حاشدة تعتبر الثالثة منذ بدء الاحتجاجات في أوائل يونيو، قبل أن تتحول إلى العنف، حيث أطلق رجال الشرطة الرصاص في اتجاه المتظاهرين الذين احتل بعضهم مباني حكومية في العاصمة باماكو.

ويطالب المتظاهرون كيتا بالاستقالة لإخفاقه في إخماد العنف الذي تذكيه الجماعات المتشددة والميليشيات العرقية، إلى جانب النزاع حول نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في مارس.

وأقرت الحكومة بأن أربعة أشخاص لقوا حتفهم الجمعة، وقالت المعارضة إن الشرطة قتلت ثمانية آخرين على الأقل خلال مسيرات احتجاجية أصغر حجما خرجت السبت، حيث ألقي القبض على العديد من زعماء تحالف أم5.آر.أف.بي الذي يقود الاحتجاجات.

وفي بيان نشر في وقت متأخر الأحد، قالت بعثة الأمم المتحدة في مالي إن الأطراف المكونة من الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” إلى جانب الاتحاد الأوروبي انتقدت أعمال التخريب التي قام بها المتظاهرون، إلا أنها وجهت أعنف انتقاداتها إلى السلطات. وتتخوف القوى الإقليمية والدولية من أن يؤدي العنف السياسي في مالي إلى تقويض حملاتها العسكرية التي تستهدف المتشددين في منطقة الساحل بغرب أفريقيا أين يتمركز ما يربو على 13 ألف جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي.

التمسك بتنحي الرئيس
التمسك بتنحي الرئيس

وقال البيان إن المنظمات “تستنكر استخدام القوة المميتة في سياق الحفاظ على النظام العام، وتدعو كل الأطراف المعنية إلى ضبط النفس”.

وأكد البيان على ضرورة إطلاق سراح الزعماء في تحالف “أم5.آر.أف.بي” الذين جرى اعتقالهم خلال مطلع الأسبوع “لخلق جو ملائم للحوار السياسي”.

ورفضت المعارضة المالية الأحد التنازلات التي قدمها كيتا بهدف حل الأزمة السياسية وقالت إنها لن تقبل بغير تنحيه عن الحكم.

وأعلن كيتا في كلمة السبت حل المحكمة الدستورية وأنه يتجه إلى العمل بتوصيات قدمتها الشهر الماضي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا شملت إعادة جانب من الانتخابات التشريعية التي أجريت في مارس.

وقال متحدث باسم تحالف المعارضة نوهوم توجو إن التحالف يرفض الاقتراح، مؤكدا “لن نقبل هذا الهراء، نطالب باستقالته بوضوح”. ويضم التحالف زعماء سياسيين ودينيين وقادة منظمات أهلية.

وواجه كيتا الذي فاز بفترة ثانية عام 2018 غضبا عاما لفشله في مواجهة مشاكل البلاد الأمنية والاقتصادية على حدّ تعبير المعارضة.

واشتعلت موجة الاحتجاجات بعد نزاع على نتائج الانتخابات، حيث ألغت المحكمة التي اقترح كيتا حلها نتائج أولية للانتخابات وقضت بأحقية حزب الرئيس في مقاعد إضافية في البرلمان.

ويعبر المحتجون عن استيائهم من العديد من الأمور في واحدة من أفقر دول العالم، من تدهور الوضع الأمني إلى عجز السلطات عن وقف العنف في البلاد والركود الاقتصادي وفشل خدمات الدولة والفساد في عدد من المؤسسات.

وبدأت الحركة الاحتجاجية الجمعة، مرحلة “العصيان المدني”، بعد استيائها من ردود الرئيس المتتالية على المطالب الأساسية المتمثلة في حل البرلمان وإقالة قضاة المحكمة الدستورية وتشكيل حكومة جديدة إضافة إلى تنحي الرئيس. وتؤكد الحركة أنها سلمية وتتهم السلطة باللجوء إلى العنف.

ولقي أربعة أشخاص حتفهم في العاصمة باماكو خلال المظاهرات قالت الحكومة إن المحتجين احتلوا خلالها البرلمان وهيئة البث الوطنية.

وغرّد المبعوث الأميركي الخاص إلى منطقة الساحل بيتر فام على مواقع التواصل الاجتماعي قائلا إن “حوادث باماكو تثير القلق”، مضيفا أنّ “أيّ تغيير حكومي خارج أطر الدستور غير وارد”.

5