أزمة الطاقة في الصين تربك سلاسل إمدادات السلع حول العالم

نقص الكهرباء في الصين يؤثر على الإمدادات المخصصة للتصدير.
الاثنين 2021/10/11
الدخول في مضيق محفوف بالتحديات

بكين - يراقب المحللون التأثيرات الكبيرة التي تسببها أزمة الطاقة في الصين على سلاسل الإمدادات السلعية حول العالم، خاصة وأنها ستربك أعمال قطاعات واسعة أهمها الصناعات الغذائية.

ويرجح خبراء أن يتأثر النمو في الصين بالنقص الحادّ في الكهرباء جرّاء تصاعد أسعار الفحم في أكبر دولة مصدرة له عالميا، كما أن الآثار الضارة على صعيد سلاسل التوريد قد تسفر عن عرقلة نمو الاقتصاد العالمي الذي يجد صعوبة في الخروج من آثار الوباء.

ويرى خبراء أنه لا يمكن أن تحدث الأزمة في توقيت أسوأ من هذا، إذ يعاني القطاع بالفعل جراء ازدحام خطوط الإمدادات، مما يؤخر عمليات تسليم الملابس والألعاب في موسم عطلات نهاية العام الجاري.

كما تأتي الأزمة بينما انطلق فيه موسم الحصاد في الصين، ما يثير مخاوف إزاء بلوغ فواتير مواد البقالة مستويات أعلى بطريقة أكثر حدة.

لويس كويغس: إذا استمرت أزمتا الكهرباء وتراجع الإنتاج فستخلقان مشاكل أكبر

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى لويس كويغس كبير الاقتصاديين الآسيويين في شركة أكسفورد إيكونوميكس قوله إنه “إذا استمرت أزمتا نقص الكهرباء وتراجع الإنتاج فقد تضيفان أحد العوامل الأخرى التي تخلق مشكلات إلى جانب أزمة نقص المعروض العالمية، خاصة إذا وصل تأثيرها إلى عمليات إنتاج المنتجات المخصصة للتصدير”.

وتواجه بعض القطاعات فعلا ضغوطا، وقد تمتد الأضرار التي لحقت بها إلى قطاعات أخرى.

وواجهت عمليات إنتاج العبوات المصنعة من الكرتون ومواد التغليف أزمة بالفعل جرّاء نموّ الطلب خلال فترة تفشي كورونا. أما الآن فقد ألقت عمليات الإغلاق المؤقتة في الصين بظلالها على الإنتاج بدرجة أشد.

وبحسب رابو بنك، سيتسبب ذلك في تراجع محتمل في الإمدادات الخاصة بشهرَي سبتمبر وأكتوبر بنسبة تتراوح من 10 في المئة إلى 15 في المئة. وسيزيد ذلك من الصعوبات التي تواجه الشركات في ظل معاناتها بالفعل من أزمة نقص المعروض من الورق على مستوى العالم.

ولكن الأهم منذ ذلك تهدد المخاطر القائمة سلسلة الإمداد الغذائي مع تفاقم مصاعب موسم الحصاد في ظل أزمة نقص الطاقة لدى أكبر دولة من حيث الإنتاج الزراعي في العالم.

وتؤكد بيانات منظمة الأغذية العالمية (فاو) أن أسعار المواد الغذائية عالميا حققت بالفعل قفزة لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال عقد من الزمن.

ولذلك تتصاعد مخاوف تدهور الوضع في الوقت الذي تجد فيه الصين صعوبة في معالجة المحاصيل الزراعية، بداية من الذرة وفول الصويا، وصولا إلى الفول السوداني والقطن.

وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، وجدت المصانع نفسها مضطرة إلى الإغلاق أو الحد من مستويات الإنتاج بغية ترشيد استهلاك الكهرباء، مثل محطات معالجة فول الصويا التي تسحق الحبوب لإنتاج أعلاف لتغذية الحيوانات وزيوت الطهي.

كما أخذت أسعار الأسمدة، وهي من بين أهم عناصر العملية الزراعية في الصعود بطريقة هائلة، مما كبل المزارعين الذين يعانون أصلا من الضغوط جرّاء زيادة التكاليف.

وحسب محللي رابو نك في مذكرة نشرها الأسبوع الماضي، فمن المنتظر أن يكون التأثير الذي يطال قطاع التصنيع أشد من تأثر السلع الاستهلاكية الأساسية مثل الحبوب واللحوم.

أما على صعيد صناعة الألبان، قد يسفر انقطاع الكهرباء عن توقف آلات الحلب عن العمل، في الوقت الذي سيواجه فيه موردو اللحوم ضغوطا جرّاء نقص الإمدادات من أعمال تخزين اللحوم الباردة.

وفعليا انطلقت صافرات التحذير منذ فترة من حدوث تباطؤ للنمو في الصين. وتقول شركة سيتي غروب إن مؤشر التراجع يعطي دليلا على أن مصدِّري مستلزمات الإنتاج إلى قطاع التصنيع والسلع بالبلاد معرَّضون بصفة خاصة لخطر ضعف الاقتصاد الصيني.

أزمة الكهرباء في الصين يهدد الاستهلاك العالمي للبضائع
أزمة الكهرباء في الصين تهدد الاستهلاك العالمي للبضائع

وتعد دول الجوار مثل تايوان وكوريا سريعة التأثر، علاوة على أن الدول المصدِّرة للمعادن مثل أستراليا وتشيلي، والشركاء التجاريين الرئيسيين على غرار ألمانيا، معرضون للخطر نسبيا.

أمّا على صعيد المستهلكين العالميين فإن السؤال المطروح يدور حول إمكانية أن تستوعب الشركات المصنّعة وتجّار التجزئة التكاليف المتزايدة، أو أنهم سيلجأون إلى تمريرها إلى المستهلك.

ويعتقد كريغ بوثام كبير خبراء الاقتصاد الصيني في شركة بانثيون مايكروإيكونوميكس أن ذلك الأمر نوع آخر من صدمة الركود لقطاع التصنيع، ليس فقط بالنسبة إلى الصين ولكن على مستوى العالم بأسره.

وقال إن “الارتفاعات في الأسعار تعتبر ذات نطاق واسع نسبيا حاليا، وهي نتيجة مترتبة على المشاركة الواسعة للصين في سلاسل التوريد العالمية”.

وحتى تتفادى ما قد يعد الأسوأ بالنسبة إلى التجارة العالمية أصدرت بكين أوامرها لمناجم الفحم برفع مستوى الإنتاج، وتطوف حول العالم بحثا عن إمدادات الطاقة سعيا منها للوصول إلى استقرار الموقف. وستعتمد درجة تأثر الاقتصاد العالمي على السرعة التي ستؤتي بها هذه الجهود أُكُلها.

وقررت مصانع في الصين خفض الإنتاج بمناسبة عطلة “الأسبوع الذهبي” خلال الأسبوع الماضي، فيما يتابع خبراء الاقتصاد من كثب ما إذا كانت عودة الإنتاج مرة أخرى ستتسبب في تجدد أزمة نقص الطاقة.

واعتبرت سوسيتيه جنرال أنه نظرا إلى رد فعل الحكومة الصينية القويّ فإن “أسوأ مراحل أزمة الطاقة الحالية، ولكن ليست الأزمة كلها، قد تنتهي في وقت قريب”.

وقالت إنه رغم ذلك فإن القيود المفروضة على استخدام الطاقة في القطاعات الأكثر كثافة من حيث استهلاك الطاقة، مثل مصانع الصلب والألمنيوم والإسمنت من المنتظر أن تستمر لعدة أشهر.

وأضافت سوسيتيه جنرال “ستواصل الصين بقوة تحقيق المستهدف من واردات الغاز الطبيعي، وهو ما يضيف المزيد من الضغوط على الأسعار عالميا”.

10