أردوغان يناور مجددا لتجنب العقوبات الأوروبية

دبلوماسيون أوروبيون يؤكدون أن إشارات التهدئة التي بدأت تركيا في إطلاقها لا تعدو إلا أن تكون ظرفية ومقرونة باجتماع المجلس الأوروبي لتلافي العقوبات.
الاثنين 2020/11/23
هامش المناورة يضيق

لجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد إلى استراتيجية المهادنة تجاه أوروبا مع اقتراب موعد النظر في إمكانية فرض عقوبات أوروبية على بلاده بسبب التصعيد شرق المتوسط، وهي خطوة شككت فرنسا التي تقود جبهة أوروبية لمواجهة الأجندات التركية على عدة جبهات في مصداقيتها.

أنقرة- عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد إلى تصدير خطاب مهادن لأوروبا مع اقتراب مناقشة المجلس الأوروبي لإمكانية فرض عقوبات على أنقرة بسبب أنشطتها المزعزعة للاستقرار شرق المتوسط، وهو خطاب شكك في مصداقيته وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي قال إن بلاده تنتظر “أفعالا لا  أقوالا”.

ودأب الرئيس التركي على المناورة وتقديم تنازلات “شكلية” لقادة الاتحاد الأوروبي قبل أي قمة تنظر في تشديد الخناق على سياساته، ليعود إلى التصعيد بعد ذلك. وقد نجحت هذه الاستراتيجية في تلافي أنقرة الشهر الماضي لعقوبات أوروبية كانت قريبة منها بعد أن أطلقت تعهدات بالتهدئة سارعت في ما بعد إلى نقضها.

ويؤكد دبلوماسيون أوروبيون أن إشارات التهدئة التي بدأت تركيا في إطلاقها مؤخرا لا تعدو إلا أن تكون ظرفية ومقرونة باجتماع المجلس الأوروبي ديسمبر القادم، مشيرين إلى ضرورة الحزم مع تركيا التي أثبتت أنها “شريك غير موثوق فيه”.

وبعد سلسلة من الخلافات، دان الاتحاد الأوروبي الاستفزازات “غير المقبولة” من جانب أنقرة في نهاية أكتوبر، لكنه أرجأ إلى قمته المقررة في ديسمبر اتخاذ أي قرار بشأن العقوبات المحتملة.

وقال أردوغان في كلمة أمام أعضاء من حزبه العدالة والتنمية الحاكم “نرى أنفسنا جزءا لا ينفصم عن أوروبا”، مضيفا “لا نعتقد أن لدينا أي مشاكل مع الدول أو المؤسسات لا يمكن حلها من خلال السياسة والحوار والمفاوضات”.

جان إيف لودريان: تصريحات التهدئة لا تكفي، ينبغي أن تكون هناك أفعال
جان إيف لودريان: تصريحات التهدئة لا تكفي، ينبغي أن تكون هناك أفعال

ويشير مراقبون إلى أن دعوات التهدئة التركية لم تعد تجد آذانا صاغية لدى القادة الأوروبيين الذين انخرطوا أكتوبر الماضي في التعهدات التركية بوقف التصعيد شرق المتوسط وأوقفوا مسار فرض العقوبات لإتاحة الفرصة أمام المفاوضات، لكن تمديد أنقرة السبت أعمال التنقيب لسفينتها أوروتش رئيس في منطقة متنازع عليها مع اليونان وقبرص يؤد مساعي الحل السلمي.

ومدّدت أنقرة السبت حتى 29 نوفمبر مهمة سفينة التنقيب التركية “عروج ريس” في منطقة بحرية تتنازع عليها مع اليونان، إذ أن اكتشاف حقول غاز هائلة فيها يغذي أطماعها.

وذكرت الخارجية اليونانية أن هذه الخطوة تظهر أن أنقرة تتجاهل نداءات المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي بوقف أعمال التنقيب، وهو ما يلغي أي إمكانية لتحسين العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.

وتتهم اليونان وقبرص، العضوان في الاتحاد الأوروبي، تركيا بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في مناطق مائية يقتصر الانتفاع بها على الدولتين (اليونان وقبرص) وفقا للقانون البحري الدولي.

وتخوض تركيا واليونان، العضوان في حلف شمال الأطلسي، نزاعا حول نطاق الجرف القاري لكل منهما والمطالب المتداخلة بموارد النفط والغاز في شرق البحر المتوسط.

واندلع خلاف في أغسطس عندما أرسلت تركيا السفينة أوروتش رئيس إلى المياه التي لليونان، وقبرص أيضا، مطالب فيها.

وكانت أنقرة سحبت السفينة عروج ريس في سبتمبر للسماح بجهود دبلوماسية مع اليونان لكنها أعادت إرسالها بعد ذلك إلى المنطقة، مما أثار ردود فعل غاضبة من اليونان وفرنسا وألمانيا.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأحد أن باريس تنتظر “أفعالا” من جانب تركيا قبل انعقاد المجلس الأوروبي في ديسمبر الذي سيتناول مسألة العقوبات الجديدة ضد أنقرة.

وتشمل العقوبات حظرا على منح التأشيرات لأفراد مرتبطين بعمليات التنقيب المثيرة للجدل عن الغاز في المتوسط وتجميد أي أصول تابعة لهم في الاتحاد الأوروبي. وقال لودريان في تصريح صحافي “لا يكفي أن نلاحظ منذ يومين أو ثلاثة أيام تصريحات تهدئة من جانب الرئيس التركي، ينبغي أن تكون هناك أفعال”.

تمديد أنقرة السبت أعمال التنقيب لسفينتها أوروتش رئيس في منطقة متنازع عليها مع اليونان وقبرص يؤد مساعي الحل السلمي

وأكد أن من بين الأفعال المنتظرة “هناك بعضها بسيطة يمكن القيام بها في شرق المتوسط وليبيا وكذلك في قره باغ”. وذكّر وزير الخارجية الفرنسية بـ”أننا لدينا الكثير من الخلافات” مع أنقرة مشيرا إلى “رغبة التوسّع” التركية وهي “سياسة الأمر الواقع” في ليبيا والعراق وشرق المتوسط، “حيث يهاجم الأتراك عضوين في الاتحاد الأوروبي هما اليونان وقبرص” وحتى “في ناغورني قره باغ، حيث يرسلون أيضا مرتزقة سوريين”.

وختم بالقول إن “الاتحاد الأوروبي أعلن في شهر أكتوبر أنه سيتحقق من موقف تركيا بشأن هذه المسائل المختلفة خلال اجتماع المجلس الأوروبي في ديسمبر، بعد بضعة أيام. في تلك اللحظة سنتحقق من الالتزامات”.

وتقود باريس جبهة أوروبية للتصدي للأجندات التركية في شرق المتوسط وعددا من جبهات أخرى على غرار ليبيا وسوريا وناغورني قره باغ.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال منسق شؤون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن تركيا لا تبعث بـ“إشارات إيجابية” وتحتاج إلى تغيير موقفها بشكل أساسي في ما يتعلق بالنزاع حول المواد الهيدروكربونية مع اليونان وقبرص في البحر المتوسط.

5