أردوغان يجد مخرجا لأزمته مع السفراء

السفارات المعنية تؤكد على احترام اتفاقية فيينا والمادة 41 منها التي تضع إطارا للعلاقات الدبلوماسية.
الثلاثاء 2021/10/26
ليس كل ما يقال ينفذ

أنقرة - وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخرجا للأزمة التي وضع فيها تركيا مع عشرة سفراء غربيين، حيث اختار وقف التصعيد الإثنين بعد أن هدد بطردهم لأنهم دعوا إلى الإفراج عن الناشط المدني عثمان كافالا المسجون منذ أربع سنوات دون صدور إدانة في حقه.

وأكدت معظم السفارات المعنية في بيانات الإثنين على موقع تويتر على “احترام اتفاقية فيينا والمادة 41 منها” التي تضع إطارا للعلاقات الدبلوماسية وتحظر أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلد المضيف.

ورحب الرئيس التركي بالبيان حسب ما أوردت وكالة أنباء الأناضول الرسمية نقلا عن “مصادر في الرئاسة” تزامنا مع عقد الحكومة اجتماعا.

وسرعان ما قادت إشارات التهدئة إلى ارتفاع سعر صرف الليرة الذي كان قد سجّل صباحا تراجعا جديدا.

تيمور كوران: توقيت طرد السفراء مروع إذا كان أردوغان يريد إصلاح علاقاته مع حلفائه
تيمور كوران: توقيت طرد السفراء مروع إذا كان أردوغان يريد إصلاح علاقاته مع حلفائه

وكان سفراء الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد قد أصدروا بيانا مشتركا دعوا فيه إلى الإفراج عن الناشط المدني عثمان كافالا.

ويُتهم رجل الأعمال والناشط الخيري الذي صار عدوا لدودا للسلطة بالسعي لزعزعة استقرار تركيا.

وأعلن أردوغان السبت أنه أمر بطرد الدبلوماسيين العشرة “بأسرع ما يمكن”. لكن لم يصل أي إخطار رسمي إلى الدول المعنية حتى نهاية الأسبوع.

وجاء التهديد قبيل حدثين دوليين يشارك فيهما أردوغان نهاية الأسبوع، الأول هو قمة مجموعة العشرين السبت في روما، ثم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في أسكتلندا.

وقال أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة ديوك الأميركية تيمور كوران إن “التوقيت مروّع إذا كان أردوغان يريد إصلاح علاقاته مع حلفائه الأوروبيين والأميركيين”.

وأضاف “كل شيء يشير إلى أن محيطه ابتداء من وزير خارجيته يحاولون ثنيه” عن القرار.

وتشهد علاقات أنقرة فتورا خاصة مع واشنطن في ما يتعلق بعقود شراء طائرات مقاتلة من طراز “أف – 35” وطلب قطع غيار لطائرات “أف – 16″، فضلا عن إقدامها على شراء نظام دفاع جوي روسي من طراز “أس – 400” رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكن مراقبين يرون أن الخطوة تهدف أساسا إلى “حرف الأنظار” عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا مع اقتراب معدل التضخم الرسمي من 20 في المئة والتدهور الحاد في سعر صرف الليرة.

وأثر التهديد الذي بدأ الخميس وتكرر السبت على سعر صرف الليرة مع تسجيلها أدنى مستوى لها على الإطلاق صباح الإثنين عند أكثر من 9.80 ليرة للدولار عند افتتاح التداول قبل أن يستقر في حدود 9.73، أي بانخفاض قدره 1.3 في المئة مقابل الدولار.

وقال تيموثي آش المحلل في “بلوباي أسيت مانجمنت” إن طرد أنقرة للسفراء سيؤدي في حال تحققه إلى “تقلص تجارة الدول العشر مع نظام أردوغان وسيضر ذلك بالاستثمارات في تركيا”.

 حسني عبيدي: الرئيس التركي يخاطب قبل كل شيء قاعدته الانتخابية والقوميين الذين يتبنّون الاتهامات التآمرية لرئيس الدولة
حسني عبيدي: الرئيس التركي يخاطب قبل كل شيء قاعدته الانتخابية والقوميين الذين يتبنّون الاتهامات التآمرية لرئيس الدولة

وأكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف حسني عبيدي أن “القرار يتعارض مع مصالح تركيا لأنه يستهدف دولا مهمة لاقتصادها ولمكانتها الدولية”.

لكنه أوضح أن رئيس الدولة يود التذكير بأن تركيا دولة مستقلة جديرة بالاحترام.

وقال أردوغان السبت إن الدبلوماسيين “يجب أن يعرفوا ويفهموا تركيا”، مضيفا أنهم “يفتقرون إلى اللباقة”.

وقد دعا السفراء العشرة في بيانهم إلى “تسوية عادلة وسريعة لقضية” عثمان كافالا الموقوف منذ 2019 دون صدور حكم في حقه.

واستدعت الخارجية التركية السفراء غداة نشر البيان، واعتبرت أن ما أقدموا عليه “غير مقبول”.

وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أمرت في ديسمبر بـ”الإفراج الفوري” عن كافالا.

لكن محكمة في إسطنبول أمرت في مطلع أكتوبر بالإبقاء على عثمان كافالا (64 عاما) موقوفا “لغياب عناصر جديدة للإفراج عنه”.

وسيعرض الناشط الذي لطالما نفى التهم الموجهة إليه أمام المحكمة مرة أخرى في السادس والعشرين من نوفمبر.

واعتبر حسني عبيدي أن الرئيس التركي يخاطب قبل كل شيء قاعدته الانتخابية والقوميين الذين “يتبنون الاتهامات التآمرية لرئيس الدولة”.

وأردف “لست متأكدا من أن كافالا استفاد من الاهتمام الإعلامي”.

وخلص تيمور كوران إلى أن “أردوغان لا يستطيع الإفراج عن كافالا الآن، فذلك من شأنه أن يجعله يبدو ضعيفا، لكنه بصدد صناعة بطل له مكانة دولية أشبه بنافالني تركي”.

5