أربع وعشرون ساعة متواصلة من الشعر في سوسة التونسية

سوسة (تونس)- انطلقت بمحافظة سوسة التونسية فعاليات الدورة السابعة من تظاهرة “24 ساعة شعر” اليوم 19 ديسمبر وتستمر إلى يوم الأحد 20 ديسمبر 2020 تحت شعار “الترحال بين المجاز والحقيقة في الشعر العربي”.
وتنظم المهرجان الشعري، الذي يمتد ليومين ويستمر 24 ساعة من دون انقطاع، المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسوسة بالتعاون مع الصالون الثقافي بالجهة، ويشمل قراءات شعرية إضافة إلى ورقات نقدية وجلسات نقاشية ومحاضرات حول الشعر العربي ورهاناته اليوم.
ويشارك في التظاهرة عدد هام من الشعراء والنقّاد والموسيقيين، كما يتضمّن البرنامج جملة من الفقرات التي تتراوح بين القراءات الشعرية والمقاربات النقدية والعروض الموسيقية والغنائية.
وافتتحت التظاهرة اليوم 19 ديسمبر في حدود منتصف النهار في فضاء المركز الثقافي امحمد معروف بسوسة، حيث استقبل الضيوف وقدم المندوب الجهوي للشؤون الثقافية كلمة ترحيبية بالحضور مقدما التظاهرة وأهم مميزاتها عن مثيلاتها من الفعاليات التي تهتم بالشعر والشعراء والأدب والثقافة عموما، ثم جاءت كلمة مديرة التظاهرة الشاعرة راضية الشهايبي التي قدمت على إثرها قراء للورقة العلمية التي تسير على ضوئها الفعالية في دورتها الجديدة.
وتمام الواحدة والنصف ظهرا كان الحضور على موعد مع عرض موسيقي للفنان نبراس شمام، تلاه في الثانية ظهرا انطلاق الجلسة النقدية الأولى وشهدت مداخلة للكاتبة والأكاديمية التونسية آمنة الرميلي حول “قسم الرحلة في القصيدة العربية القديمة”.
وتعتبر الرحلة من أبرز مكونات القصيدة العربية منذ العصر الجاهلي وما تلاه، حيث لا تقل أهمية عن الوقفة الطللية التي كانت درجة في القصائد التقليدية، وإن كانت الرحلة أكثر شمولا وقدرة على استيعاب التجديد الشعري. وفي الرحلة كان الشاعر يصور مطيته وهي تطوي الفيافي والقفار بقوة وشجاعة وجرأة وإقدام في حر الصيف الصحراوي اللاهب، وبرودة الشتاء القارس، ومشهد الرحلة هو مشهد للغوص في ذات الشاعر وبحث في مجاهلها.
وتلت محاضرة الرميلي قراءات شعرية قدمها شعراء تونسيون، ثمّ استراحة قصيرة عادت بعدها الفعاليات بالجلسة النقدية الثانية ومداخلة للدكتورة شيراز دردور حول “الترحال وسؤال الهوية في الشعر التونسي الحديث” ثم قراءات شعرية ثانية.
وبعد فترة العشاء نظمت التظاهرة قراءات شعرية ثالثة، ثم جلسة خاصة بالإصدارات الأدبية التونسية الجديدة، قدمت خلالها أهم الكتب التونسية الجديدة.
وانطلاقا من منتصف الليل قدمت فقرة للقراءات الشعرية وخصصها المنظمون للشعر الغنائي، ثم فاصل موسيقي، ثم فقرة بعنوان “الترحال: تجربة خارج النص” تلتها قراءات شعرية.
وفي السادسة صباحا كان الموعد مع قراءات شعرية على شاطئ البحر، وجلسة حوار بعنوان “السفر وتأثيره في التجربة الإبداعية” فقراءات شعرية بكل اللغات، ليتمّ اختتام التظاهرة وتلاوة البيان الختامي في حدود منتصف النهار من يوم الأحد 20 ديسمبر 2020.
وحول أهداف التظاهرة تقول مديرة المهرجان الشاعرة راضية الشهايبي لـ”العرب”، “إن تظاهرة 24 ساعة شعرا تختلف في جوهر فكرتها عن باقي الملتقيات الشعرية، إذ تعتمد أساسا على استمرارية الفعاليات طيلة الـ24 ساعة دون انقطاع، وتتوزع الجلسات الشعرية على فضاءات مختلفة وتتنوع هذه الجلسات (جلسات نقدية/ قراءات شعرية/ ورشات إلقاء/ ورشات ترجمة)”.
المهرجان الشعري يشمل قراءات شعرية إضافة إلى ورقات نقدية وجلسات نقاشية ومحاضرات حول الشعر العربي ورهاناته اليوم
وأضافت الشاعرة “يشارك في هذه الجلسات عدد كبير من الشعراء والشاعرات والأساتذة النقاد، والهدف من ذلك هو أن تكون التظاهرة مؤتمرا تتلاقى فيه كل الأجيال الشعرية وكل التجارب وكل الأشكال الشعرية، والهدف الثاني هو الخروج من الفضاء المغلق إلى الفضاءات المفتوحة كالشواطئ والمقاهي والشوارع والمتاحف، كل ذلك محاولة منا في تقريب الشعر من المتلقي”.
وفي سؤال لـ“العرب” حول مدى نجاحهم في اكتساب جمهور للشعر في زمن تقلص فيه عدد متابعيه، تلفت الشهايبي إلى أنهم كمنظمين نجحوا نسبيا في خلق حركية محورها الشعر، إذ صارت التظاهرة تستقطب العديد من المتابعين الذين ينتظرونها كل سنة، سواء من محبي الشعر أو من الشعراء أنفسهم أو من النقاد والمتابعين.
وعن الصعوبات التي واجهتهم، تقر مديرة المهرجان في حديثها لـ”العرب” بأن هناك صعوبات كثيرة اعترضتهم، لعل أهمها التمويل رغم ما تقدمه مندوبية الشؤون الثقافية بسوسة من دعم، وكذلك جمعية أحباء المكتبة والكتاب بسوسة.
ورغم المصاعب يواصل المهرجان على تعاقب دوراته تقديم ما هو جديد ومبتكر، وخلق حراك شعري يشع خارج حدود المحافظة ويتردد صداه لدى أغلب الشعراء التونسيين، وما بلوغه الدورة السابعة إلا تأكيد على نجاحه السابق، وقد خيّر القائمون عليه تنظيم هذه الدورة رغم الظروف الصحية التي تشهدها تونس مع انتشار فايروس كورونا وما ترتّب عليه من إجراءات صحية استثنائية، وهو ما يأخذه المنظمون بعين الاعتبار.