"أرامل النمور".. ينبذهن الأبناء والمجتمع في بنغلاديش

قصص نساء رفضهن المجتمع واعتبرهن ساحرات بعد أن افترست النمور أزواجهنّ.
الاثنين 2020/02/24
ضحية عادات ظالمة

دكا - تخلى أبناء مسماة رشيدة عنها ونبذها جيرانها ووصفوها بالساحرة وذلك بعدما قتل نمر بنغالي مفترس زوجها.. ففي العديد من القرى النائية في بنغلاديش، تنبذ النساء في وضعها إذ يعتبرن السبب في موت شركائهن.

وروت رشيدة لوكالة فرانس برس في منزلها المتهالك في قرية غابورا على تخوم منطقة ساندربانز، وهي غابات منغروف تمتد على مساحة 10 آلاف كيلومتر مربع بين بنغلاديش والهند “قال لي أولادي إنني مشعوذة أجلب الحظ السيء”. وتوفي زوجها فيما كان يجمع العسل من الأدغال في تلك المنطقة.

وأوضح مونيرول خان، وهو خبير في النمور البنغالية من جامعة جهانغيرناغار، “يفضل صيادو العسل أن يجمعوه خصوصا من جنوب غرب ساندبارنز حيث تعيش معظم النمور”.

وتشكل وفاة الرجال ضربة مزدوجة لنسائهم. فبالإضافة إلى فقدانهن أزواجهن، يطلق على هؤلاء النساء “أرامل النمور” ويصبحن بين ليلة وضحاها منبوذات في منازلهن والقرى التي يعشن فيها في الوقت الذي يحتجن فيه إلى الدعم. وغالبا ما يتركن دون وسائل تذكر لإعالة أنفسهن أو أسرهن.

وتشعر رشيدة بحزن كبير فطر قلبها، إذ تخلى أبناؤها البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 24 و27 عاما عنها وعن إخوتهم الصغار. وقالت المرأة التي يبلغ عمرها 45 عاما فيما تمسح دموعها “في النهاية، هم جزء من هذا المجتمع”.

وتعيش رشيدة في كوخ صغير من دون سقف إذ دمّر جراء إعصار قوي، ولم تحصل على المساعدة من الجيران أو المسؤولين الذين تدّعي أنهم ساعدوا الآخرين في القرية لكنهم تجنبوها.

وفي جوارها، كان محمد حسين يثبت سقف منزله واعترف بأنه تلقى تعليمات من زوجته بعدم التحدث إلى رشيدة. وأضاف الرجل الثلاثيني “قد يجلب (التحدث معها) الحظ السيء”.

ونفى المسؤولون أن يكونوا قد تجنبوا مساعدة رشيدة بعد الإعصار الذي ضرب قريتها. لكن رئيس الجمعية، موهون كومار موندال، قال إن سوء معاملة “أرامل النمور” أمر منتشر على نطاق واسع في المجتمعات المحافظة جدا والتي غالبا ما تنطوي على تحاملات “عمرها قرون”.

وشرح “إن الجمعيات الخيرية تعمل على إعادة كرامات الأرامل. ويكمن التحدي الرئيسي في تغيير معتقدات الناس” لافتا إلى أن “التغيير بطيء جدا. ومع ذلك، هناك تقدم”، مشيرا إلى أن القرويين الأصغر سنا والأكثر تعلما أقل خوفا من الأرامل.

وكانت ريجيا خاتون، التي قالت إنها تأقلمت مع نبذها من جيرانها القرويين بعد وفاة زوجها صياد العسل قبل 15 عاما، مدعومة من ابن شقيقها وعائلته. وروت “كان أولادي صغارا لكنّ أحدا لم يساعدني. شعرت بالسوء في البداية لأنهم كانوا يلومونني على وفاة زوجي. لم أكن أعرف ما هو خطئي لكني تعلمت الآن التعايش مع هذا الأمر”.

وأوضح ابن شقيقها، ياد علي، الذي شهد العديد من هجمات النمور بما فيها على عمه، أنه كان يريد المساعدة لكنه لم يستطع القيام بذلك علنا. وقال “كان علينا مساعدة خاتون بشكل سرّي وإلا كانت القرية كلها ستنبذنا نحن أيضا”.

ويعتبر صيد العسل مهنة سهلة بالنسبة إلى القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف المعدات اللازمة أو القوارب لممارسة المهنة الرئيسية الأخرى في المنطقة وهي صيد الأسماك.لكن المخاوف من التعرض للقتل جراء هجمات الحيوانات المفترسة والعواقب المترتبة على تركهن زوجات وحيدات، أجبرت الرجال على اختيار مهن مختلفة.

وقال هارون الرشيد، الذي قُتل والده بعدما هاجمه نمر، إنه يعمل صيادا رغم أنه منحدر من عائلة عملت لأجيال في جمع العسل.

وأضاف الشاب البالغ 21 عاما “لا تريد والدتي أن ينتهي بي المطاف مثلما انتهى بوالدي. أنا أريد أن أبقى على قيد الحياة لأعتني بها لأنها عانت كثيرا وتحملت ما يكفي بعد وفاة والدي”.

21