"آخر البدو" وثائقي يكشف الإرث الحضاري والتاريخي للسعودية

حياة البدو تثير إعجاب محبي السينما في المملكة.
السبت 2023/05/20
البدو يتمسكون بحياة الصحراء

تتجه مكتبة الملك عبدالعزيز في السعودية إلى عرض أفلام وثائقية ضمن فعالياتها التي تهتم بالتعريف بتراث المملكة وتاريخها وإرثها الحضاري، بدءا من العائلة السعودية وصولا إلى الخارج، ضمن مساعي الدولة في الترويج للقطاع الثقافي والتاريخي.

شهدت عروض الفيلم الوثائقي “آخر البدو” بسينما مكتبة الملك عبدالعزيز العامة حضورا كبيرا من الجمهور السعودي الذي وجد في الفيلم نافذة أطل منها على تاريخ بلاده العريق، وعلى الحياة البدوية ونمطها الاجتماعي، والمعيشة في الصحراء، والتأقلم مع تفاصيلها المتنوعة الطبيعية والنباتية.

فيلم “آخر البدو” يلقي الضوء على حياة البدو في الدهنا والصمان والربع الخالي وصحراء بيشة، مستعرضًا الأسباب التي أدت إلى تفضيلهم البداوة على الحياة في المدن وتخليهم عن صخب المدينة متوجهين إلى سكينة الصحراء.

وتم تصوير المرحلة الأولى من الفيلم في عدد من المناطق الصحراوية، التي تشمل الصمّان، وأطراف نجد والشمال.

وارتكزت هذه المرحلة على توثيق التغيرات المناخية، وتأثيراتها على الطبيعة الصحراوية، بالإضافة إلى الغطاء النباتي، وما يحدث له من تشكل خلال المناخات المختلفة.

أما المرحلة الثانية فتضمنت تصوير مناطق أخرى مختلفة من المملكة، وتصوير الحياة الرعوية لأبناء الصحراء، وأنماط الحياة اليومية لهم، هذا ويمثل الفيلم جزءا من سلسلة أفلام الصحراء.

f

وكان مخرج الفيلم خالد الحارثي قال في تصريحات سابقة إن السلسلة امتد إنتاجها لثلاث سنوات، بميزانية تتجاوز الثلاثة ملايين ريال، واستخدم فيها تقنيات حديثة من التصوير.

وأضاف “تنتج مكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض باكورة أفلام السلسلة بالتعاون مع مؤسسة السرب للإنتاج الفني”.

وسبق أن حصل المخرج السعودي على جائزة تكريمية من المهرجان الدولي لفيلم “عبر الصحراء” الذي يقام في المغرب.

وقد أشاد الحضور من الجمهور والنقاد والمثقفين في مكتبة الملك عبدالعزيز بالفيلم، ووصفوا القيم التي ركّز عليها بالرائعة، وخاصة قيم الصبر وعشق البدوي للإبل والأرض والخيمة، وارتباط السعودي بالصحراء برغم كل ما شهدته المملكة من نهضة في شتى المجالات.

وقال اللواء الركن عبدالله الغامدي إن “سعادتنا بالفيلم تعود لما قدّمه لنا من صور تعكس التاريخ العريق الذي تتمتع به المملكة”.

وقال الناقد السينمائي فهد اليحيى إن “الفيلم ممتاز ومتوازن، ويوضح أن الحياة في الماضي لم تكن بتلك السهولة التي نحياها اليوم على أرض المملكة”.

وقال المخرج والكاتب المسرحي رجا العتيبي إن “الفيلم عرض صورة دقيقة عما كانت عليه الصحراء السعودية قبل توحيد المملكة، وكيف كان التوطين أحد أهم المشروعات التي قام بها الملك المؤسس وكوّنت هذه الحضارة”.

وقالت الجوهرة بنت إبراهيم الجطيلي مدير عام التخطيط بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني “نحن فخورون جدا بهذا العمل وهذا الإنجاز، وهذا الإرث التاريخي الذي يعكس إرثنا وموروثنا الاجتماعي والوطني والحضاري”.

وكانت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة قد عرضت الفيلم الوثائقي “آخر البدو” على مدار عرضين بسبب العدد الكبير من الجمهور الذي وفد لمشاهدة الفيلم الذي عرض قصصاً متنوعة ومشوقة عن الطبيعة البدوية وفطرتها في معايشة الحياة، كما سرد صورًا بصرية لشخصيات بدوية متعددة تمثل آخر المتمسكين بنمط الحياة الصحراوية، وعرض لتجاربهم اليومية، وتفضيلهم البداوة وتفاصيل الصحراء على الحياة في المدن.

"آخر البدو" يلقي الضوء على حياة البدو مستعرضًا الأسباب التي أدت إلى تفضيلهم البداوة على الحياة في المدن
"آخر البدو" يلقي الضوء على حياة البدو مستعرضًا الأسباب التي أدت إلى تفضيلهم البداوة على الحياة في المدن

وتنوع الجمهور الذي شاهد الفيلم ما بين مهتمين بالتاريخ، ونقاد سينمائيين، وكتاب وإعلاميين، بجانب طلاب المدارس، حيث عبّر الجميع عن استمتاعهم بمشاهدة الفيلم، وإفادتهم من المعلومات الاجتماعية والثقافية التي يعيشها البدو، ومكونات التراث الشفاهي الذي نقل صورة جلية عن هذه الشريحة الاجتماعية المهمة في المملكة، التي تمثل عراقة الماضي وعبق التراث الصحراوي الذي يشكل مكونا رئيسيا من مكونات الثقافة في المملكة.

ووفقا للبيان المصاحب للعرض، فإن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تتجه في برامجها الجديدة إلى عرض الأفلام الوثائقية حيث تهدف إلى التأثير الثقافي في العائلة السعودية وحضورها بكافة الفئات العمرية، وتوثيق التراث الشفاهي والاجتماعي بمختلف صوره وأشكاله الثقافية والفنية والشعبية والأدبية، وإضافة أبعاد جديدة إلى الصورة الذهنية عن الإنسان والمجتمع في المملكة.

كما تتجه المكتبة إلى فتح نوافذ جديدة للمعرفة للمواطنين والمقيمين لنشر القيم النبيلة والمبادئ الأصيلة، وعرض الأحداث الاجتماعية والمعرفية أمام الجمهور بطريقة درامية هادفة تعزز من الحضور الذهني والتأثير الوجداني الذي يتركه الفيلم السينمائي من أجل فهم الأحداث والوقائع التاريخية والاجتماعية المتنوعة والتواصل الحضاري بين الشعوب.

يذكر أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تأسست عام 1985 وتعنى بشؤون الكتاب، ونشر المعرفة والثقافة، وكان الهدف من إقامة هذه المؤسسة الخيرية توفير مصادر المعرفة البشرية وتنظيمها وتيسير استخدامها وجعلها في متناول الباحثين والدارسين.

وللمكتبة اهتمام مميز بتوثيق تاريخ المملكة العربية السعودية وتاريخ الملك عبدالعزيز آل سعود على وجه الخصوص بوصف المكتبة تتشرف بحمل اسمه، كما تسعى لتوفير جميع أوعية الإنتاج الفكري وتنظيمها من كتب ودوريات مواد سمعية وبصرية، ومخطوطات في مجالات المعرفة المختلفة.

14