فشل بن كيران في تشكيل الحكومة يعزز خيار التحكيم الملكي

عجز رئيس الحكومة المغربية المكلف عبدالإله بن كيران عن التوصل إلى تشكيل حكومة بعد حوالي شهرين من المفاوضات، بات يطرح عدة سيناريوهات للخروج من هذا المأزق وفي مقدمتها التحكيم الملكي، وهو الأمر الذي يعززه طلب بن كيران الثلاثاء لقاء العاهل المغربي الملك محمد السادس.
الخميس 2016/12/15
يد فارغة والأخرى لا شيء فيها

الرباط – بدأ الحديث في الساحة السياسية المغربية عن خيار “تحكيم ملكي”، بعد مرور شهرين على الانتخابات التشريعية، للخروج من حالة “التشنج” التي تعرفها المشاورات بين رئيس الحكومة وبعض الأحزاب السياسية، التي أدت إلى فشله في تشكيل الحكومة.

وقالت مصادر صحافية، الثلاثاء، إن رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران، طلب لقاء الملك محمد السادس، من أجل مناقشة أزمة تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة والخروج بحل لحالة ما أصبح يعرف بـ“الانسداد الحكومي”.

وكان بن كيران، قد أكد في وقت سابق أنه سيقرر العودة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس في حال فشل في تشكيل الحكومة، قائلا “سأعود للملك وأخبره بأني فشلت في تشكيل الحكومة”.

ويذكر أن أزمة “الانسداد الحكومي” وتعثر المشاورات، تعود بالأساس إلى عدم التوصل إلى حل توافقي يرضي كلا من رئيس الحكومة المعين والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش بسبب تشبث الأخير بمواقفه المطالبة بإبعاد حزب الاستقلال من التحالف الحكومي، ومطالبته بإدخال حليفه الاتحاد الدستوري للحكومة.

وفي هذه الحالة، يرى بعض المراقبين أن اللجوء إلى التحكيم الملكي في هذا السياق يبقى أمرا محتملا وواردا في المشهد السياسي الراهن بالبلاد، مبرزين أن التحكيم الملكي بإمكانه التأثير على قرارات بعض الأحزاب للانضمام إلى حكومة بن كيران المقبلة.

وتعليقا على ذلك، اعتبر أشرف مشاط الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري في تصريح لـ“العرب” أن “توجه بن كيران للملك يأتي بعد استنفاده لجميع أوراقه ومحاولاته، حيث لم يبق له سوى تدخل الملك بصفته الضامن لدوام الدولة و استمرارها والحكم الاسمي بين مؤسساتها بغية تسريع وتيرة المشاورات وتشكيل الحكومة”.

ويرى مشاط أن قرار رئيس الحكومة المعين عبدالإله بن كيران بطلب لقاء الملك محمد السادس من أجل حل “الانسداد الحكومي”، يأتي كمحاولة منه لاطلاعه على آخر المستجدات والمشاورات مع الأحزاب السياسية لتشكيل الحكومة والتي تعثرت وأصبحت أمام باب مسدود نتيجة تشبث كل طرف بموقفه وبشروطه.

وبحسب مشاط، فإنه يمكن قراءة هذا الطلب باعتباره محاولة من رئيس الحكومة المعين رفع تظلم للملك على تعنت بعض الأحزاب السياسية، والذي حال دون تشكيل الحكومة، قائلا “هنا أخص بالذكر حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يمارس ضغطا قويا على رئيس الحكومة المعين من أجل القبول بشروطه قبل الدخول في أي تحالف حكومي”.

ومن جهته، يرى حفيظ الزهري الباحث في العلوم السياسية في تصريح لـ”العرب”، أن “الحديث عن اللجوء للتحكيم الملكي لحل أزمة تشكيل الحكومة هو محاولة لملاءمة الفقرة الأولى من الفصل 42 من الدستور مع الواقع، رغم أن منطوق الفصل هنا يتحدث عن التحكيم بين المؤسسات وليس بين الأحزاب السياسية، وهنا يمكن استحضار طلب حزب الاستقلال التحكيم الملكي في صراعه مع العدالة والتنمية سنة 2013 حيث ووجه بالتجاهل وانتصار للمنهجية الديمقراطية من قبل الملك، فما دام الصراع تدافعا سياسيا بين الأحزاب وليس بين مؤسسات الدولة فأظن أن إمكانية اللجوء للتحكيم الملكي تبقى مستبعدة وغير واردة في هذه الحالة ولا يمكن مقارنتها بما حدث مع حكومة عبدالرحمان اليوسفي لأن تلك المرحلة كان يؤطرها دستور 1996 المدعوم باتفاق بين الملك الراحل الحسن الثاني وفرقاء الكتلة الديمقراطية ويضمن من خلاله أغلبية برلمانية من قبل الملك”.

وقال الزهري “في حال استمرت أزمة تشكيل الحكومة ووصلت إلى النفق المسدود فإن هناك إمكانية كبيرة لتدخل ملك البلاد لضمان السير العادي للمؤسسات، وفق ما يمنحه الدستور من صلاحيات خصوصا الفصل 42 منه”.

وتجدر الإشارة إلى أن الفصل 42 من الدستور، ينص على أن الملك له الصلاحية في تعيين رئيس الحكومة من خلال الحزب الحاصل على الرتبة الأولى في الانتخابات، دون أن يتحدث عن احتمال فشل هذا الرئيس في تشكيل حكومته.

ومن جهة أخرى، عبر قياديون بالأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن رفضهم لـخيار “تحكيم ملكي”، مفضلين اللجوء إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

أما حسن طارق أستاذ القانون الدستوري، فيرى أن اللجوء إلى تحكيم ملكي ليس بفكرة سديدة. وقال في مقال له “إن تداعيات التحكيم الملكي في موضوع بناء الأغلبية، من شأنها المس عمليا بتوازنات السلط كما حددها الدستور، ذلك أن الوثيقة الدستورية، وهي تعزز المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان، وتقنن للمنهجية الديمقراطية، وتنص على التنصيب البرلماني للحكومة، كانت في الواقع ترسخ المنطق البرلماني في بناء الحكومة، لذلك فانبثاق أغلبية برلمانية، بضمانة ملكية، من شأنها التشويش على هذا المنطق، وعلى كل الهندسة الدستورية”.

وفي ظل هذه الأزمة، تبقى السيناريوهات مفتوحة على جميع الاحتمالات، سواء بتدخل ملكي واختيار شخصية أخرى من داخل العدالة والتنمية كرئيس للحكومة المرتقبة، أو باختيار رئيس حكومة من خارج حزب العدالة والتنمية، أو الرجوع إلى مربع الأول بإعادة تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

4