طائرات ورقية في سماء القاهرة لمحاربة التحرش

أُطلقت في سماء القاهرة العشرات من الطائرات الورقية الملوّنة ضمن ورشة عمل نظمها مركز درب الثقافي في القاهرة. تهدف الورشة كما يقول منظموها إلى التضامن مع المرأة عبر إطلاق الطائرات الورقية المحملة برسائل التضامن والمساندة تقديراً لدور المرأة في المجتمع. أقيمت الورشة على هامش معرض الفنان سيد عرفات المقام في مركز درب تحت عنوان “ماتيجي”، وهو معرض فني متعدد الوسائط يتناول ظاهرة التحرش الجنسي. ضمّ المعرض خلافاً للورشة ما يزيد عن العشرين لوحة وعمل فيديو وتجهيز في الفراغ.
اللوحات التي عرضها الفنان، مستخدماً في تنفيذها أسلوب الطباعة على الورق والقماش، تترجم بصرياً ظاهرة التحرش الجنسي من طريق الجمع بين الصورة والكلمة المكتوبة. جمع الفنان في اللوحات أكبر قدر من المفردات المثيرة لمخاوف الفتيات والسيدات: السيارات، الدراجات النارية، كاميرات الهواتف، وسائل المواصلات العامة، بالإضافة إلى الكلمات والعبارات التي يستخدمها المتحرّشون، وغيرها من العناصر المثيرة لتوجس الفتيات أثناء تحرّكهن في الشارع.
بعض هذه الكلمات المتداولة قد لا تثير حفيظة البعض عند سماعها، غير أن وجودها وطريقة استخدامها تحمل إشارات ودلالات غير أخلاقية، اسم المعرض (ماتيجي) يمثل نموذجاً لهذه الكلمات المتداولة، وهي كلمة يستخدمها المتحرشون عادة كدعوة للقيام بأفعال مشينة. هذه الكلمات والإشارات البذيئة تمثل نوعاً من الصدمة البصرية لجأ إليها الفنان للتعبير عن حجم المعاناة التي تتعرض لها المرأة في الشارع، فهذه الكلمات والعبارات التي تخدش حياءك داخل القاعة تواجهها الفتيات والسيدات بشكل يومي وعلى نحو صارخ وحقيقي.
في داخل القاعة نصبت شاشة عرض كبيرة لعرض عدد من تجارب الفتيات ومعاناتهن اليومية.. تقول إحداهن على سبيل المثال “إن أنسب وسيلة هي المواجهة، فالمتحرش شخص جبان وضعيف، وهو يلجأ إلى هذا الأمر لتعويض هذا الضعف والشعور بالتفوّق، ولكن حين تتم مواجهته في حسم عادة ما يفر من أمام ضحيته ولا يستطيع المواجهة”. وتضيف أنها قد لجأت إلى تلك الوسيلة أكثر من مرة ونجحت، حيث قالت “الأمر فقط يحتاج من الفتاة أن تتخلى عن شعورها بالضعف والخجل من المواجهة، فهي بسلوكها تساهم في تمادي هؤلاء المتحرشين في أفعالهم”.
فتاة أخرى تعبر عن غضبها تجاه المجتمع، وهي ترى أن ظاهرة التحرش تمثل جزءاً من منظومة عامة من الانهيار، تقول الفتاة “انهيار الأخلاق هو جزء من تدهور التعليم والثقافة وتراجع الحريات، التحرش هو عرض لمرض مستشر وأفكار مغلوطة عن المرأة تنتشر بسبب الجهل وانهيار المستوى الثقافي”.
إلى جانب الفيديو واللوحات المعروضة أنشأ الفنان تركيباً من الأشكال البصرية داخل حجرة منفصلة في محاولة لاستحضار مشاعر الضحية. الحجرة مظلمة تتوسّطها على الأرض مرآة مستطيلة الشكل.
|
أما عن فكرة الورشة فيقول الفنان “ورشة الطائرات الورقية هي جزء من العمل، لقد أردت أن أشارك الناس الآخرين، أردت ألا يقتصر الأمر على شريحة بعينها من المثقفين ومرتادي المعارض، هي رسالة للشباب كما هي رسالة للفتيات، رسالة تضامن مع المرأة ورفض لهذه الظاهرة. سنكتب رسائل على هذه الطائرات ونطلقها في سماء القاهرة على نحو عشوائي لتصل إلى سكان المدينة”.
تقول رضوى ياسر وهي إحدى المشاركات في هذه الورشة “لقد سمعت عن الورشة من خلال الفيسبوك فأعجبتني الفكرة وقررت أن أساهم، خاصة أنني أعاني كبقية الفتيات من هذه الظاهرة، فأجواء التضامن التي أشعر بها هنا يمكنها أن تمدني بالقوة”. أما رونان تورين، وهو فرنسي مقيم في القاهرة، فيقول “لقد جئت هنا بمحض الصدفة مع بعض الأصدقاء، وأعجبتني الفكرة فقررت أن أشارك في تنفيذها”، ويضيف “إن ظاهرة التحرش موجودة في كل المجتمعات، وأنا أعتبرها نوعا من الاستقواء أو العنصرية البغيضة التي يجب التخلص منها”.
كاتبة من مصر