سجال جعجع والحريري أبعد من خلاف وأقل من قطيعة

بيروت – بلغ السجال بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري حدودا أثارت جدلا في الأوساط السياسية اللبنانية.
وساق جعجع في مقابلة تلفزيونية اتهامات للحريري وضعه فيها في خانة الأطراف الرافضة للتفاهم الذي عقده مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون.
ورد الحريري عبر تغريدات على موقعه في “تويتر” مذكرا جعجع بأنه أول من رشحه لتولي منصب رئاسة الجمهورية، ولكن الأبرز في ردود زعيم تيار المستقبل هو تحميل رئيس القوات رفقة حزب الله مسؤولية الفراغ الرئاسي، حين قال إن جعجع يقف مباشرة مع الحزب وراء إفشال مبادرته الرامية إلى سد الفراغ الرئاسي.
وفشل مجلس النواب اللبناني للمرة الأربعين على التوالي، الأربعاء، في انتخاب رئيس للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة.
وقرر رئيس المجلس، نبيه بري، تحديد يوم 23 يونيو موعدا لانعقاد جلسة جديدة.
وكان الحريري قد طرح منذ أشهر مبادرة تقضي بوصول رئيس حزب المردة سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية في مسعى لحلحلة الأزمة، الأمر الذي قابله جعجع برفض مطلق، حتى أنه تبنى ترشيح ميشال عون للمنصب لقطع الطريق على المبادرة.
وقد أدى الخلاف حول مرشحي الرئاسة إلى فتور في العلاقة بين زعيم المستقبل ورئيس القوات، المنتميَيْن إلى التحالف ذاته وهو تحالف 14 آذار.
وازداد الفتور بين الطرفين في الفترة الأخيرة بعد قرار القوات التحالف انتخابيا مع التيار الوطني الحر في الاستحقاق البلدي.
وأبدى حزب القوات تعاطفا واضحا في انتخابات الشمال مع وزير العدل المستقيل أشرف ريفي الذي شكل لائحة واجهت لائحة تحالف المستقبل ورئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي، وهو ما أثار حفيظة العديد من قيادات المستقبل.
ويرى البعض أن الأجواء الملبدة التي تحيط بالعلاقة بين القوات والمستقبل هذه الأيام تعود إلى أن كليهما قد خرج مثخنا بالجراح من معركة الانتخابات البلدية التي كرست من الناحية المسيحية واقعا أثبت عدم قدرة الحلف الثنائي بين جعجع وعون على تشكيل موقع يهيمن على الساحة المسيحية.
|
ورفض النائب المستقبلي أمين وهبي في تصريحات لـ”العرب” اعتبار السجال العنيف الذي دار بين جعجع والحريري مؤشرا على نهاية الحلف القواتي المستقبلي.
ورأى أن “هذا السجال وعلى الرغم من حدته لا يعني أن العلاقات بين القوات والمستقبل قد انتهت. فما يجمعهما هو أمور أساسية وليست مرحلية”.
واعترف وهبي بأن السياقات التي كشفت عنها الانتخابات البلدية أظهرت “ميل القوى المتحالفة إلى تغليب المصالح الحزبية في بعض المحطات، حيث حدثت ملابسات فرضت خيارات لا تصب في مصلحة العناوين التحالفية الكبرى لدى الطرفين”.
ورد وهبي على اتهام جعجع للحريري بأنه ضد التحالف بينه وعون قائلا “الحريري ليس ضد ذلك، ولكن السؤال هو كيف يمكن لجعجع التوفيق بين التحالف مع ميشال عون واتفاق عون مع حزب الله”. ويخلص وهبي إلى رؤية مفادها أن “هناك إمكانية لرأب الصدع في حال تم بذل الجهد المطلوب من الفريقين”.
من جانبه رفض النائب القواتي فادي كرم تعبير “السجال العنيف” الذي شاع كتوصيف لما دار بين جعجع والحريري. ونفى كرم الكلام الذي يعتبر أن الأمور بين القوات والتيار ذاهبة في اتجاه القطيعة.
ويرى متابعون أنه رغم تطمينات قيادات الجانبين إلا أنه لا يمكن تلافي حقيقة وجود أزمة فعلية بين الطرفين، قد تتخذ أبعادا جديدة في حال لم يسارعا لردم الهوة بينهما.