"كرباغ": الجمهور المصري يتحرش بعرض يدين التحرش

أعدت الفنانة المصرية الشابة سماح حمدي عرضها الجديد المعنون بـ”كُرباغ” جيدا، واختارت له فضاء عاما في قلب إحدى المناطق المكتظة بالسكان على أطراف القاهرة.
عادة ما يقدم فنانو الأداء على عرض أعمالهم داخل صالات مغلقة بحضور الجمهور، ما يمكّن من السيطرة على مجريات الأحداث دون مفاجآت غير متوقعة، غير أن حمدي أرادت لعرضها أن يكون أكثر تأثيرا.
داخل مرأب للسيارات نصبت حمدي بمعاونة فريقها المتكون من محمد أيمن ومينا منير نموذجا هيكليا لإحدى علامات مترو الأنفاق، ومن ثم قيدت أطرافها بوثاق من الحبال يمنعها من الحركة، وكان عليها أن تتلقى مئة جلدة بالسوط أمام الناس.
تحاكي عملية الجلد هذه جرائم العنف ضد المرأة، العنف بمعناه الأشمل، المباشر منه وغير المباشر، فهي كفتاة تعيش في مجتمع ذكوري، كما تقول، وهي تدرك جيدا ما تعانيه المرأة في هذا المجتمع الذكوري، بداية من البطش والعنف الأسري، إلى التحرش اللفظي والجسدي في الشارع والعمل ووسائل المواصلات.
المرأة في هذا المجتمع مطالبة بأن تتلقى كل هذا الكم من القسوة في صمت ودون أن تصرخ أو تعبّر عن ألمها، ففي أحيان كثيرة قد تجلب الشكوى العار لها ولأهلها، في ظل ثقافة تنظر إلى المرأة كمصدر للمتعة أو الغواية.
عرض “كُرباغ” يلخص كل هذه المعاناة التي تتعرض لها المرأة ويعكس أثرها النفسي على نحو بالغ القسوة، لذا فما إن بدأ العرض ونزلت أولى السياط على جسد الفنانة حتى علت أصوات الحضور معترضة على ما يحدث ومطالبة بإيقاف العرض.
كان رأي البعض أن فكرة الاعتداء على فتاة أمام أعينهم هو أمر مهين لهم، وهذا الرأي تحديدا كان مدعاة للجدل الذي احتدم بين الحاضرين، فالإهانة التي تتعرض لها المرأة نتيجة للتحرش على سبيل المثال، تعادل ضربات السياط وربما تكون أكثر إيلاما وقسوة، ومع هذا فنادرا ما تجد من يتصدى لها بمثل هذه الحماسة، بل إنها قد تجد أحيانا من يبررها ويلقي باللائمة على الطرف الأضعف.
ورغم الفوضى التي صاحبت بداية العرض، كان هناك إصرار من قبل فريق العمل على إكماله حتى كاد الأمر أن يصل إلى حد الصدام الحقيقي، فاختارت حمدي أن تنهي العرض دون أن يكتمل.
سماح حمدي ترى أن أنصاف العروض تؤدي إلى أنصاف نتائج، فالألم الذي تشعر به المرأة لا يراه الطرف الآخر، كما تقول، لذا فقد حاولت تجسيده على النحو الذي تشعر به. وتضيف حمدي “إذا ما افترضنا أن هذه الضغوط التي تتعرض لها المرأة تؤثر على جسدها، فماذا سيكون شكلها؟ إن تأثيرها بالنسبة إلي يعادل تأثير الجلد على نحو مستمر ومتواصل، في هذا العرض أتلقى بالفعل مئة جلدة بواسطة اثنين من الرجال، وقد تم التدريب على العرض وطريقة الجلد على نحو ممنهج كي يبدو حقيقيا ومؤثرا”.