أسواق العمل العربية تعجز عن توظيف حملة الماجستير والدكتوراه

يواجه حملة شهادات الماجستير والدكتوراه في العديد من الأقطار العربية ارتفاع نسب البطالة في صفوفهم ما دفعهم إلى الاحتجاج للمطالبة بحقهم في العمل بطرق مختلفة.
ويوجد أكثر من 11 ألف أستاذ جامعي أجنبي يدرسون في الجامعات السعودية نسبة هامة منهم من خريجي جامعات عربية. وحسب إحصائيات غير رسمية، فإن عدد الحاصلين على الماجستير والدكتوراه يصل إلى قرابة 3400 سعودي، وقدرت إحصائية أخرى نسبة حملة الماجستير منهم بـ95.7 بالمئة، فيما يحمل 2.9 بالمئة شهادة الدكتوراه، بينما يحمل 1.4 بالمئة مؤهلات ما بعد الدكتوراه.
لكن وزارة الخدمة المدنية السعودية ترد على هذه المطالبات، بكونها غير مسؤولة عن التوظيف في السلك الجامعي، مؤكدة أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات لهم لائحة مستقلة ومجلس للتعليم العالي، وهو صاحب التصرف والقرار النهائي ولا دخل لوزارة الخدمة المدنية في ذلك.
ومع تفاقم الأزمة نفسها في العراق، وافق مجلس النواب العراقي على قرار يلزم الوزارات بتعيين 5 بالمئة من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه، كحل للتجاوب مع مطالب هذه الفئة بالتعيين في الجهاز الحكومي.
5 بالمئة من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه في العراق تعينهم الوزارات لحل أزمة توظيفهم
أما في مصر فقد أخذت مشكلة توظيف حاملي شهادات الماجستير والدكتوراه أبعادا مختلفة، حيث تطورت الأمور إلى حد الصدام بين أجهزة الأمن والمحتجين من حملة الماجستير والدكتوراه، عقب لجوئهم إلى التظاهر في الشوارع والميادين وتم إيقاف عدد منهم بتهمة التظاهر، دون تصريح مسبق من وزارة الداخلية.
وعلى مدار الشهور المنصرمة، دأب عدد منهم على تنظيم وقفات احتجاجية في محيط مجلس الوزراء ونقابة الصحفيين وفي ميدان التحرير وسط القاهرة، للمطالبة بالتعيين في وظائف حكومية.
وكانت الحكومة المصرية قد صرّحت مرارا بأن الباب الوحيد لتعيين حملة الماجستير والدكتوراه، هو القيام بمسابقة مركزية لتوظيف هؤلاء في الجهاز الإداري طبقا لقانون الخدمة المدنية. غير أن الإشكالية تتمثل في أن عددهم يتجاوز 14 ألف شخص، بينما المسابقات الحكومية للتعيين في الجهاز الإداري للدولة، لا تطلب أكثر من 500 شخص.
واعتبر الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، المسؤول عن توفير الوظائف الحكومية، أن حملة هذه المؤهلات يرغبون بالتعيين في جهات معينة، ذات مزايا نوعية لأجل الحصول على رواتب عالية.
محب الرافعي، رئيس قسم العلوم التربوية والإعلام، والمسؤول عن مراجعات شهادات الماجستير والدكتوراه بجامعة عين شمس، قال لـ“العرب” إن الجهاز الإداري للدولة لا يحتمل تعيين جميع الحاصلين على هذه الشهادات، خاصة أن نسبة الموظفين بالمؤسسات الحكومية تفوق احتياجاتها الفعلية.
وحمّل الرافعي، الذي شغل منصب وزير التربية والتعليم سابقا، حملة الماجستير والدكتوراه، جانبا من الأزمة الحاصلة حاليا، لأن غالبيتهم يرفضون التعيين إلا بالجامعات، كأعضاء هيئة تدريس، في حين أن قانون العمل بالجامعات له قواعد لا تنطبق عليهم.
وقال: لا يوجد عقد بين الجامعات وحملة الماجستير والدكتوراه للتعيين فور الحصول على الشهادة، وبات عليهم اللجوء إلى الجامعات الخاصة التي تعاني من قلة الحاصلين على شهادات الدكتوراه. وأوضح الرافعي أن الحل الوحيد أن تكون أولوية التعيين مستقبلا في المسابقات الحكومية وفقا للأعلى في المؤهل الجامعي.
الحكومة المصرية صرّحت مرارا بأن الباب الوحيد لتعيين حملة الماجستير والدكتوراه، هو القيام بمسابقة مركزية لتوظيف هؤلاء في الجهاز الإداري
وعلمت “العرب” من مصادر مسؤولة بالمجلس الأعلى للجامعات، أنه مع تزايد أعداد العاطلين من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه، تقرر فرض قيود جديدة لتقنين الحصول على هذه الشهادات من خلال عقد لقاءات تشاورية، إضافة إلى اشتراط اجتياز الاختبارات التحريرية، بحيث تتم التصفية لأقل عدد ممكن.
وأضافت المصادر ذاتها أن بعض حملة الماجستير والدكتوراه، تم تعيينهم في وظائف حكومية، ويتظاهرون الآن لعدم رضاهم عنها، حيث يريدون المساواة مع أوائل الجامعات الذين يتم تعيينهم فور التخرج، بحسب قانون الجامعات الخاص بتعيين الأوائل.
وقال عبدالله سرور، وكيل نقابة علماء مصر التي تتصدر مشهد الدفاع عن الحاصلين على الماجستير والدكتوراه لـ”العرب”، إن الاستسهال في منح هذه الشهادات من قبل الجامعات يمثل سبب الأزمة الحالية.
ويبقى الحل من وجهة نظره، أن يتم إصلاح نظام الدراسات العليا في مصر وكل الدول العربية التي تواجه نفس المشكلة، للقضاء على أي مظهر من مظاهر إسناد شهادات علمية دون وجه حق، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحصل على الماجستير أو الدكتوراه كل من لا تتوفر فيه المعايير اللازمة، لأن ذلك يساهم في إضعاف وهدم التعليم المصري خاصة والتعليم العربي عموما.