مطلوب خروف
العيد، مناسبة مشروطة للفرح؛ فإذا اقترنت بتوافر متطلبات العيد من مظاهر مادية ومعنوية، تحققت شروط هذا الفرح وإلا فهي مجرد أيام تمر في نافذة التقويم السنوي يطالعها البعض دون اكتراث، كلما تسنى له المرور مصادفة بجانب جدار باهت ومهمل في المنزل.
في أحد مراكز الإقامة الجبرية للخراف المغلوبة على أمرها، سأل أحد الخرفان صديقه: ” مر عيدان ومازلت على قيد الحياة، فما حكايتك؟”، فيجيبه الخروف الظريف “مكتوب في شهادة ميلادي حمار”!. لكنهم بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها مسؤول حكومي (سمين) للحظيرة طلبا لأضاحي عيد لا حصر لها تتناسب مع مساحة قدرته الشرائية، تنبه الصديقان إلى أن الأجل قد حان لا محالة، فالتفت الخروف المتفائل وخاطب صديقه المكتئب” لا تقلق، فبعد يومين يأتي العيد ونرتاح من الدنيا وبلاويها”.
كسرا للملل، قضى أحد الخراف أيام الانتظار الصعبة في البحث والمطالعة، حتى عثر على كتاب “كيف تصبح حيوانا آخر”، فقرر أن يغير من نفسه ليتجنب حياة الذل في انتظار سكين الجلاد، وحين ذهب إلى عيادة تجميل أخبره الطبيب أن عليه أن يستبدل دماغه أولا لأن الدماغ (الخروفي) قد يشوه أي عملية تغيير ممكنة.
أحد المواطنين المغلوبين على أمرهم، اختار خروفاً بفروة وطنية خوفا من الوقوع في المحضور، فإذا تسنى لأحد المتفذلكين سؤاله : “أنت مع أو ضد”، سيكون جوابه في الحال، “ماااااااا” على طول الخط. أحد الظرفاء صرح أنه خائف من إقامة شعائر العيد وذبح الخروف، كي لا يتهم بمحاولة اغتيال وإهانة رموز الدولة.
لكن الحق يقال، فقد ظهر أخيرا أحد الخرفان الذي قرر مواجهة قصاب معتدل التوجهات، ليقول له بفمه المليىء بقضمة “البرسيم” الأخيرة: ” الفرق بيني وبينك أني أذبح مرة واحدة في حياتي، أما أنت فتذبح كل يوم”. وهكذا، فالخراف ألوان؛ فمنها من يذبح في العيد ومنها من ينتظر دوره في الذبح، ومنها من هو مستعد للذبح كل يوم برحابة صدر.