الارتياب من الجيش اللبناني ينمو في الوسط السني

الاثنين 2014/09/22
حزب الله يسعى لتوريط الجيش اللبناني في الحرب السورية

أعلنت الحكومة اللبنانية وقف التفاوض مع خاطفي الجنود اللبنانيين بعد إعدام الجندي محمد حمية. وكانت جبهة النصرة قد أعلنت سابقا ألا أحد يتفاوض معها أساسا، وقد سبق الإعلان وترافق معه ما شاع من أخبار تواترت من مصادر مختلفة حول عرقلة جهود المبعوث القطري الذي بقي أسبوعا في عرسال دون أن يتسنى له لقاء أي طرف من داعش أو النصرة.

كذلك تم استهداف الجيش بعبوات ناسفة، كما استهدف موقع لحزب الله بتفجير انتحاري، وسُرب فيديو تبدو فيه عناصر من الجيش اللبناني تقوم بإذلال وإهانة مجموعة من اللاجئين السوريين في عرسال.

وأعلن حزب الله أن من واجب الجيش فتح النار على الجماعات المسلحة والدخول في حرب معها، في حين أن تنظيمي داعش والنصرة كانا قد حذرا الجيش، مرارا، من عاقبة رضوخه لطلبات حزب الله وطالبا بانسحاب الحزب من عرسال.

وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق، بدوره، قد أطلق على عرسال صراحة تسمية القرية المحتلة. لا يحتاج المرء إلى الكثير من التبصر حتى يعرف هوية محتلي عرسال، حزب الله من جهة وداعش والنصرة من جهة أخرى.

المعركة التي يريد حزب الله إشعالها بأي ثمن تقع في عرسال وليس في الجرود كما يريد أن يوحي. إنه خطاب الثارات الذي صبه على لسان والد الشهيد محمد حمية المفجوع الذي اتهم آل الحجيري بالمسؤولية عن إهدار دم ولده، وقد رد رئيس بلدية عرسال على هذه التهمة بالتأكيد على أنه لم يدخر جهدا في سبيل حل هذه القضية كما أعلن أنه إذا كان لابن حمية حق عندهم فهو في “رقبتنا”.

اتضحت الصورة إذن، والمفارقة المرعبة أنه ليس للجيش مكان فيها سوى كونه منفذا لمشروع حزب الله. لم يصدر عنه أي بيان توضيحي يعلن انطلاق معركته أو تحديد أهدافها وحدودها وطبيعتها. ما ظهر هو تلك الفيديوهات التي تضع الجيش في مواجهة مكشوفة وعلنية مع السنة ومع اللاجئين السوريين العزل والبيئة الحاضنة لهم، في سلوك يبدو متناغما مع سلسلة سلوكيات يقوم بها مؤيدو حزب الله وحركة أمل بشكل منتظم ضد اللاجئين السوريين.

نصرالله يسعى لإدراج حربه على عرسال في إطار الحرب على الإرهاب

لم نفهم ما الذي يعنيه رئيس الحكومة بوقف المفاوضات في لحظة سقوط محمد حمية شهيدا والتهديد بقتل علي بزال، وفي اللحظة التي قامت فيها دولة بحجم وإمكانيات تركيا باستعادة مواطنيها عبر المفاوضات، ولماذا يترك حتى الآن ملف المعتقلين الإسلاميين المفخخ دون حل وهو ما تتخذه الجماعات التي تحتجز العسكريين ذريعة لمواصلة إهدار دم الجنود اللبنانيين.

الخطاب الذي قاله الشهيد علي حمية قبل اغتياله كان يطالب فيه بكف الأذى عن أهل السنة، وكذلك فعل المرشح التالي للاغتيال علي البزال. طبعا سيقال إن هذا الخطاب جاء تحت التهديد، ولكن هل كانت داعش أو النصرة قادرتين على تصميم خطاب فيه شبهة صحة ومنطق لولا كل هذه الهجمة الضارية على السنة في كل مكان، والتي بدا الشارع السني يستشعرها بقوة تهدد بتركيب خطاب مظلومية سنية مسلح في أي لحظة.

من سيدفع الثمن؟ هكذا تعنون النصرة المقاطع التي تنشرها لعمليات اغتيال الجنود اللبنانيين.

الثمن يدفعه الآن الجنود الشيعة الذين لا يرى الحزب في دمهم سوى مشروع استثمار سياسي وغرائزي لتأليب أهاليهم ضد السنة الذين لم يدخر أي وسيلة لإلحاق الأذى بهم. ليس دم محمد حمية دما لبنانيا في نظره إنه دم شيعي يعود إليه التحكم بمعناه وتوظيفه، في مكان واحد ووحيد، ينحصر في الحرب على عرسال، التي يرى فيها الآن وسيلته الوحيدة للنجاة، في لحظة تسارعت معها النهايات التي ترسم مصيره بحبر وقائع كبرى لا يستطيع اللعب إزاء سطوتها.

العنوان الأكثر بروزا هو أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يسعى إلى إدراج حربه على عرسال في إطار الحرب على الإرهاب التي استثنت الأسد وإيران، وبما أن الإرهاب معرف أميركيا ودوليا في هذه اللحظة، بانحصاره في هامش سني أسود يدعى داعش، فإن الحزب يسعى إلى توسيع هذا الهامش لبنانيا.

الجيش اللبناني الذي شن حزب الله حملة شرسة على قائده لأنه امتنع عن تعبيد طريقه إلى الرئاسة بالمجزرة، لا يبدو الآن بعيدا عن الدخول في نفق أمني وسياسي أسود يجره إليه حزب الله تحت وطأة التباس المعايير وضياع البوصلة والارتباك الحكومي اللافت.

ويريد حزب الله تفتيت الجيش وامتلاك حق الولاية على دم جنوده ليكمل رسم خريطة مجزرته التي تمتد من عرسال إلى القلمون وسائر مناطق سوريا والعراق. لا نجاة له خارج خريطة المجزرة هذه التي يعتقد أنه كلما زادت مساحتها فإن مساحة نجاته واحتمالاتها ستزيد.

1