الدعم الأوروبي يشجع مصر على الاستجابة لاحتياجات اللاجئين

خطة الاستجابة تعبر عن امتلاك مصر رؤية واضحة متفقا عليها مع جهات دولية بشأن سد احتياجات اللاجئين.
السبت 2025/06/28
مصر تعمل على بدائل تحول دون هجرة اللاجئين من أراضيها إلى أوروبا

القاهرة - منحت موافقة الاتحاد الأوروبي على تقديم دعم مادي لمصر مؤخرا دفعة معنوية للقاهرة لإطلاق خطتها في الاستجابة لاحتياجات اللاجئين خلال العام الحالي، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتبرهن الخطوة على أن الحكومة المصرية تضع على عاتقها توفير احتياجات هذه الفئة، مع تراجع الدعم الذي تقدمه جهات مانحة للهيئات الأممية التي أضحت أكثر اعتمادا على الجهود المصرية.

وأطلقت وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خطة الاستجابة للاجئين وتعزيز القدرة على الصمود في مصر للعام الجاري، في إطار تعزيز الحماية ودعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة، مع إطلاق نداء إنساني لتوفير 339 مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين والمجتمعات المضيفة.

تقوم الخطة على الشراكة بين الحكومة المصرية ووكالات الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني والتنموي ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات يقودها لاجئون، ويستفيد منها نحو 1.8 مليون فرد عبر أنشطة منقذة للحياة وخدمات أساسية تشمل التعليم والصحة والحماية والمساعدات النقدية وسبل كسب العيش والأمن الغذائي.

أيمن نصري: مصر خاضت مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي
أيمن نصري: مصر خاضت مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي

وجاء الإعلان عن الخطة بعد أسبوع من اعتماد البرلمان الأوروبي القراءة النهائية لقرار منح مصر الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المقدمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو، وعقب مباحثات استمرت تسعة أشهر كانت شاهدة على حالات من الشد والجذب بين القاهرة وجهات دولية مانحة، والاتحاد الأوروبي الذي حول شراكته مع مصر إلى إستراتيجية في العام الماضي.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تتكفل بتوفير الخدمات الصحية والتعليمية وتقديم المساعدات المالية للاجئين، غير أنها أوقفت المساعدات الصحية والدعم المادي بفعل تراجع مساعدات الدول المانحة، وهو أمر وضع على عاتق الحكومة المصرية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني مهمة توفير بدائل يمكن أن تساهم في تحسين الواقع المعيشي للاجئين بما لا يحولهم إلى قنابل موقوتة في مصر، ولا يشجع هجرتهم بشكل غير شرعي إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وتعبر خطة الاستجابة عن امتلاك مصر رؤية واضحة متفقا عليها مع جهات دولية بشأن سد احتياجات اللاجئين، ورغم أنها تقوم على أسس الشراكة غير أن القاهرة عليها الجزء الأكبر عبر توفير خدمات تقدمها للمواطنين وإتاحتها للمقيمين، أو على مستوى البحث عن تمويل تحصل عليه بفعل علاقاتها مع دول مانحة لسد العجز.

وتمثل الخطة أول خطوة شاملة للاستجابة للاجئين من جميع الجنسيات في مصر، وتجمع بين المساعدات الإنسانية وتعزيز القدرة على الصمود والتخطيط للحلول المستدامة، وتعمل على تفعيل الميثاق العالمي بشأن اللاجئين عبر استثمارات في مجالات: التعليم، الصحة، سبل كسب الرزق، الأمن الغذائي، التماسك الاجتماعي.

وأكد رئيس المنتدى العربي – الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان (حقوقي) أيمن نصري أن الإعلان عن خطة الاستجابة هو رسالة تعزز مصر من خلالها مسؤوليتها عن تقديم الجزء الأكبر من الاستجابة لمطالب اللاجئين بنسبة تفوق 70 في المئة من إجمالي الخدمات المقدمة إليهم، وتقر بوجود مسؤولية مشتركة يجب أن تساعدها فيها الجهات الدولية بتوفير الدعم المادي واللوجيستي وقاعدة البيانات الخاصة باللاجئين وتدريب الكوادر مع زيادة وتيرة التنسيق الأمني.

وأضاف نصري في تصريح لـ”العرب” أن مصر تغامر بأن يبقى على عاتقها تقديم الجزء الأكبر من الاحتياجات في ظل أزمة اقتصادية صعبة ومع الضغط على موارد وخدمات الدولة، لكن من المهم في تفعيل التنسيق مع الجهات الدولية أن القاهرة لديها رغبة في الانتقال من التعامل مع ملف اللاجئين من منظور عشوائي إلى تنظيمي، والتركيز على التعامل بالمزيد من الاحتراف والاهتمام بجوانب فنية تخفف عن الدولةِ العبءَ الأمني، مقابل المزيد من الانخراط الحكومي في تقديم الخدمات.

من المتوقع أن يصل المزيد من اللاجئين مصر، وسيكون قبولهم بشكل أكثر انتقائية، والأولوية للمرضى والأسر التي لديها أطفال والحالات الإنسانية

وتشير بعض الأرقام الحكومية إلى أنه حتى تاريخ 24 يونيو الجاري، تستضيف مصر أكثر من مليون لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وينتمون إلى أكثر من 60 جنسية، وأدت الأزمة في السودان إلى زيادة هائلة في أعداد اللاجئين السودانيين، حيث ارتفع عددهم بأكثر من 12 ضعفا منذ أبريل 2023، ويشكل السودانيون حاليًا حوالي 73 في المئة من إجمالي اللاجئين، يليهم السوريون بنسبة 13.5 في المئة، فضلا عن 9 ملايين مهاجر ومقيم أجنبي في مصر.

وتعمل خطة الاستجابة تحت قيادة الحكومة المصرية كآلية للتنسيق والتنفيذ وتعبئة الموارد، وتساهم في توحيد الجهود لمواجهة التحديات الإنسانية والتنموية، ودعم المؤسسات الوطنية للاستمرار في توفير الحماية والمساعدات المنقذة للحياة، وتعزيز الأنظمة الوطنية والتعايش السلمي بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة.

وتواجه الحكومة انتقادات داخلية لتوسعها في استضافة اللاجئين وتقنين أوضاعهم في ظل الضغط على الاقتصاد والخدمات العامة التي تأثرت في المناطق الشعبية المكتظة بالسكان، وتطرح أسئلة عديدة بشأن مستقبل تواجد هؤلاء خلال السنوات المقبلة، وما إذا كانت القاهرة لديها قدرة على طرح خطط لعودة هؤلاء إلى بلدانهم أم أنهم أضحوا مواطنين جرت إضافتهم إلى التعداد السكاني المصري البالغ 110 ملايين نسمة، مع السماح لهم بالتعايش والحصول على الخدمات مثل أقرانهم المصريين، ما يجعل خطط الاستجابة وتقنين وضع اللاجئين عبر القانون الذي صدر في نهاية العام الماضي يواجهان سخطا شعبيا.

وشدد أيمن نصري في حديثه لـ”العرب” على أن مصر خاضت مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي للحصول على دعم مادي يساعدها في التعامل مع مشكلات اللاجئين على أراضيها، وبعد أن سعى البرلمان الأوروبي إلى وضع شروط مقابل هذا الدعم توقفت القاهرة عن طلبه قبل أن تشعر دول الاتحاد الأوروبي بالخطر الوارد إليها مع تزايد وتيرة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وصولا إلى تمرير الشريحة الثانية مؤخرا، وهو ما يمكن أن يشكل دعما اقتصاديا جيدا لمصر على المدى القريب.

وأصبحت مصر وجهة للفارين من مناطق الصراعات في الشرق الأوسط، وهناك نظرة أوروبية للحكومة باعتبارها قادرة على استضافة هؤلاء والدولة تتمتع بأوضاع أمنية مستقرة بما يساعد في دمج اللاجئين مجتمعيا.

ومن المتوقع أن يصل المزيد من اللاجئين مصر، وسيكون قبولهم بشكل أكثر انتقائية، والأولوية للمرضى والأسر التي لديها أطفال والحالات الإنسانية، مع استمرار تقديم الدعم المالي واللوجيستي من الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.

2