انتقادات لموقف البعثة الأممية وسلطات شرق ليبيا تطالب برحيلها

الحكومة المكلفة من البرلمان اتهمت تيتيه بتجاهل انتهاكات طرابلس.
الخميس 2025/06/26
حنّا تيتيه في امتحان صعب

شهدت العاصمة الليبية طرابلس موجة غضب شعبي، احتجاجا على تأجيل المبعوثة الأممية إلى ليبيا حنا تيتيه خارطة الطريق لإنهاء الأزمة السياسية للبلاد خلال إحاطتها الدورية لمجلس الأمن الدولي، وسط دعوات شعبية لرحيل البعثة الأممية.

أثارت الإحاطة الدورية الثانية التي تقدمت بها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا حنّا تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي جدلا واسعا في الأوساط الليبية، ولاسيما في المنطقة الشرقية حيث ارتفعت الأصوات التي تطالب البعثة بالخروج من طرابلس والتخلي عن دورها.

ودعت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، البعثة الأممية إلى مغادرة البلاد بشكل فوري، مؤكدة أنها غير مرغوب في وجودها، وجددت في الوقت نفسه دعوتها المجتمع الدولي إلى التعامل مع الملف الليبي بمسؤولية وجدية، وفق أسس واقعية تحترم السيادة الوطنية، وتنطلق من ضرورة تنفيذ استحقاق الانتخابات وتشكيل سلطة تنفيذية تمثل كل الليبيين.

وأعلنت الحكومة رفضها القاطع لما ورد في إحاطة المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، حنّا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي، معتبرة أنها تضمنت تجاوزات غير مقبولة وسياسات عبثية وغير مسؤولة تجاه الأزمة الليبية. واتهمت الحكومة، التي تباشر مهامها من بنغازي، المبعوثة الأممية بتجاهل الانتهاكات التي شهدتها العاصمة طرابلس مؤخرا، ومن بينها اقتحام مقار مؤسسات الدولة والتعدي على المواطنين، مشيرة إلى صمت البعثة حيال ما وصفته بالسطو المسلح على مقدرات الليبيين.

وأكدت حكومة أسامة حماد أن البعثة الأممية عمدت إلى تصوير المتظاهرين أمام مقرها في طرابلس كمصدر تهديد، متجاهلة أن تحركاتهم نابعة من رفض شعبي واسع لسياساتها، التي حمّلتها الحكومة الليبية مسؤولية تعميق الأزمة وتعطيل الإرادة الوطنية، واعتبرت أن الإحاطة الأخيرة للمبعوثة تضمنت تدخلاً مرفوضا في مناقشات مجلس النواب بشأن ميزانية صندوق إعادة الإعمار، وهو ما وصفته بتعدٍّ سافر على صلاحيات السلطة التشريعية المنتخبة، وانتهاكا لمبدأ السيادة الوطنية.

وشددت الحكومة على أن مجلس النواب هو الجهة الوحيدة المخوّلة باعتماد الميزانيات، محذرة من محاولات البعثة لشرعنة أمر واقع مفروض بالقوة، ومحمّلة إياها كامل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع السياسية. وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا استقبلت وفدا من لجنة الحوار الوطني بالمنطقة الغربية، يمثل المتظاهرين الذين تجمعوا الثلاثاء أمام مقرها بطرابلس.

وقالت البعثة في منشور على صفحتها الرسمية إن الممثلين أعربوا عن إحباطهم إزاء التدهور المستمر في الوضعين السياسي والاقتصادي في جميع أنحاء ليبيا، وأكدوا على الحاجة المُلِحّة إلى تغيير الحكومة من خلال مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، مشددين على أن أي عملية سياسية يجب أن تكون محددة زمنياً وتتضمن معالم واضحة نحو إجراء الانتخابات.

وحسب المنشور فقد دعا الوفد البعثة إلى أخذ بواعث قلقه على محمل الجد، ودعم مسار سريع يأخذ مطالب الشعب الليبي في الحسبان، ويضمن المساءلة والشمول، ويفضي إلى تقدم ملموس في العملية السياسية. وستواصل البعثة العمل مع الليبيين في سعيهم من أجل مؤسسات موحدة وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. ورد مراقبون موقف حكومة حماد إلى ما ورد في إحاطة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا حنا تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي أول أمس الثلاثاء، وخاصة ما تعلق بمصادقة مجلس النواب على ميزانية إعادة الإعمار.

◙ حكومة أسامة حماد أكدت أن البعثة الأممية عمدت إلى تصوير المتظاهرين أمام مقرها في طرابلس كمصدر تهديد

وقالت تيتيه “إلى جانب استمرار حالة انعدام الاستقرار والإحباط السائد من الوضع الراهن، تدهورت القوة الشرائية للدينار الليبي بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. ففي 6 أبريل انخفض سعر الدينار الليبي من 4.8 دينار إلى 5.56 دينار مقابل الدولار الأميركي، ما يمثل خسارة في القيمة بنسبة تقارب 16 في المئة.”

وأضافت “لم يجر الاتفاق حتى اليوم على ميزانية موحدة، وهو ما يزيد الضغوط على المصرف المركزي. علاوة على ذلك، وفي ظل الانقسام المؤسسي وعدم الاتفاق على الإنفاق أو الميزانية، تُهدد القرارات المالية أحادية الجانب بزعزعة استقرار الوضع المالي المتأزم أصلاً،” معتبرة أن “ما جرى من مناقشة مجلس النواب في 3 يونيو لميزانية ثلاث سنوات بقيمة 69 مليار دينار ليبي لصندوق التنمية والإعمار الليبي سيكون مثيراً للقلق في حال الموافقة عليها.”

وتابعت تيتيه أن “هذه الميزانية أثارت مخاوف لدى مختلف الأطياف السياسية، ليس فقط بسبب شكوك حول استدامتها، ولكن أيضاً بسبب ما يُنظر إليه على أنه انعدام للشفافية والشرعية الإجرائية في عملية الموافقة. وفي حالة تنفيذ هذا الإجراء المالي التوسعي، فإنه قد يؤدي إلى تقويض قدرة المصرف المركزي على تحقيق استقرار في سعر الصرف واحتواء التضخم.”

وانتقد عضو مجلس النواب علي الصول دور البعثة الأممية في ليبيا، مؤكدًا أنها ليست مخولة بتقرير مصير الشعب الليبي، ودعاها إلى دعم المسار المتوافق عليه بين الأطراف الليبية الفاعلة. وأوضح الصول أن البعثة إذا كانت جادة في حل الأزمة عليها التركيز على الملف الأمني، وتوحيد المؤسسة العسكرية، ومصادرة الأسلحة الموجودة خارج سلطة الدولة، قبل دعم ليبيا في التوافق على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، استنادًا إلى القوانين المحالة للمفوضية، ويجب أن يسبق ذلك تشكيل حكومة موحدة.

كما انتقد النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة الإحاطة الأممية واصفًا إياها بأنها لم تحمل جديدًا، بل ساهمت في تعقيد المشهد الليبي، وقال في تصريح صحفي نقله المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق عبر صفحته الرسمية، إن المبعوثة الأممية “زادت الطين بلة” من خلال تجاهلها الواقع السياسي والدستوري الليبي، ومحاولتها -حسب تعبيره- إيقاف قطار التنمية الذي انطلق في شرق البلاد وجنوبها وأجزاء من غربها.

وأشار دومة إلى أن إحاطة تيتيه خلت من الإشارات الجوهرية إلى الاتفاق السياسي الليبي، الذي اعتبره مرجعية يمكن البناء عليها، مؤكدًا أن التركيز على آراء فرق استشارية “غير واضحة المعايير” يعكس رؤية شخصية لفريق البعثة، وليس مسارًا أمميًا شفافا، مردفا أن المبعوثة الخاصة بدت وكأنها تستند فقط إلى موظفين داخل البعثة في تشكيل الرؤية السياسية، متجاهلة إرادة الشعب الليبي ومؤسساته المنتخبة.

وبدوره أكد عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن البعثة لا تريد الانتخابات. وتساءل “هل لا يزال بعض الليبيين المتبقين يدعمون البعثة بعد إحاطة المبعوثة أمام مجلس الأمن،” مردفا أن هناك “قانون انتخاب جاهزا ودستورا جاهزا. ولكن لا تريد البعثة ذلك لأنها وجدت ضالتها مع الدول المتدخلة في الوضع الراهن في ليبيا واستفادة مادية على مستوى أفراد وعصابات دول.”

4