المنفي والدبيبة يتنافسان على التحقيق في أوضاع المحتجزين في سجون طرابلس

طالب مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا بتشكيل لجنة لمتابعة أوضاع المحتجزين بسجون جهاز الردع والشرطة القضائية، في خطوة اعتبرها المراقبون ردا على قرار رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بتشكيل لجنة ترتيبات أمنية وعسكرية مؤقتة في طرابلس، تتولى إعداد وتنفيذ خطة شاملة تضمن إخلاء طرابلس من كل أشكال التسلّح.
أحال مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا مذكرة إلى النائب العام، بشأن طلب تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع المحتجزين بسجون جهاز الردع والشرطة القضائية، في ظل استمرار الجدل حول قرار رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في الرابع من يونيو الجاري، بتشكيل لجنة ترتيبات أمنية وعسكرية مؤقتة في طرابلس، تتولى إعداد وتنفيذ خطة شاملة للترتيبات الأمنية والعسكرية في العاصمة، بما يضمن إخلاء المدينة من كل المظاهر المسلحة.
وأصدر المنفي قرارا بتشكيل لجنة لمتابعة أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز في العاصمة طرابلس، يرأسها قاض بدرجة مستشار، وتضم ممثلين عن وزارتي العدل والداخلية، ومكتب النائب العام، ونقابة المحامين، إضافة إلى مستشار فني من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتتولى حصر ومراجعة حالات التوقيف خارج نطاق القضاء، ورفع توصيات للإفراج عن المحتجزين من دون سند قانوني، مع ضمان احترام الضمانات الحقوقية والقانونية.
واعتبرت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها أن هذا القرار “يرسخ الأمن والاستقرار، ويمكن الأجهزة الشرطية من أداء دورها،” وتابعت أن هذه الإجراءات “تساعد على بسط سلطة الدولة، وإخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة. تمكين الشرطة النظامية يمثل حجر الزاوية في استعادة هيبة الدولة.”
في المقابل اتهمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا المجلس الرئاسي بإقصاء وتهميش دورها الرئيسي، وقالت في بيان علقت فيه على تشكيل لجنة حقوقية لمتابعة أوضاع السجناء والسجون وأماكن الاحتجاز، إنها تابعت باستياء واستهجان شديدين سياسات التهميش والإقصاء الممنهجة ضد المؤسسات الحقوقية الليبية في السياسات الحكومية المتصلة بملف حقوق الإنسان ومتابعة أوضاع السجناء والسجون، والتي كان آخرها تهميش وإقصاء المؤسسات الحقوقية الليبية الحكومية منها وغير الحكومية من التمثيل في قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم 35 لسنة 2025، والمتعلق بتشكيل لجنة حقوقية لمتابعة أوضاع السجناء والسجون وأماكن الاحتجاز، وهو ما يعرّض نتائج وأعمال مثل هكذا لجان للتشكيك في مصداقيتها.
وجددت المؤسسة تأكيدها على أنّ سياسات التهميش والإقصاء للمؤسسات الحقوقيّة الليبيّة، وعدم تمثيلها في اللجان الوطنية المعنية بمتابعة ومعالجة حالة حقوق الإنسان التي من بينها أوضاع السجون والسجناء، لا تسهم في إيجاد معالجات جذرية وشاملة وبشفافية ونزاهة كاملة في التعاطي مع هذه الملفات الحساسة والشائكة، والتي تتطلب تضافر الجُهود الوطنيّة لمعالجتها بإرادة وطنيّة، ومن منطلقات ومسؤوليات إنسانيّة وقانونيّة ووطنيّة، وليس من خلال التهميش والإقصاء وانعدام الشفافية في التعاطي مع هذه القضايا والملفات الحساسة.
وفي الرابع من يونيو الجاري أعلنت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بدء إحالة قاعدة بيانات تضم أسماء 53 محتجزا إلى إدارة جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسية (معيتيقة)، بهدف التحقق من سجلاتهم القضائية والشروع في إخلاء سبيلهم.
وقالت المؤسسة في بيان لها إن هذه الخطوة تأتي بناء على نتائج زيارتها التفقدية الميدانية لسجن معيتيقة، وما تم الاتفاق عليه مع القائمين على إدارة جهاز الردع ومؤسسة الإصلاح والتأهيل، بشأن استمرار التعاون لمعالجة أوضاع السجناء.
وأوضحت أن القائمة تشمل المحتجزين الذين صدرت بحقهم أوامر بالإفراج نهائية طبقا لقرارات النيابة العامة وليست لديهم قضايا أخرى، ومن انقضت مدة عقوبتهم، ومن صدرت بحقهم أحكام قضائية بالبراءة، مشيرة إلى أن القائمين على إدارة جهاز الردع قد باشروا بالفعل إطلاق سراح عدد من المحتجزين الذين تمت مراجعة أوضاعهم القانونية، استجابة للأوامر والتعليمات القضائية الصادرة عن مكتب النائب العام والأحكام القضائية، وضمن المعالجات التي يتخذها جهاز الردع وإدارة السجن.
وقالت منظمة “ضحايا لحقوق الإنسان” الأحد إنها تلقت “مئات الرسائل من أسر معتقلين بسجن معيتيقة، يشتكون من الاحتجاز التعسفي المطول لذويهم وعدم إخضاعهم لمراجعة قضائية، إضافة إلى شكوى البعض من عدم تنفيذ أوامر الإفراج وأحكام البراءة لمسجونين آخرين.”
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا اتهمت المجلس الرئاسي بإقصاء وتهميش دورها الرئيسي
وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إن “السجون لا ينبغي أن تبقى موزعة بين عدة جهات ولن نسمح بوجود أي سجن خارج سيطرة الدولة،” لكن مراقبين اعتبروا أن الدبيبة يرأس الحكومة منذ أكثر من خمس سنوات، ولم يحاول حلحلة الأزمة إلا في سياق الصراع الحالي على النفوذ بالعاصمة بعد تصفية رئيس جهاز دعم الاستقرار عبدالغني الككلي في 12 مايو الماضي، وإعداد خطة للإطاحة بجهاز الردع من خلال الاعتماد على تحالف قوات تابعة للدبيبة في طرابلس وأخرى موالية له من مسقط رأسه مدينة مصراتة.
والأربعاء الماضي أكد الدبيبة أهمية العمل على تأهيل وتقوية العناصر الأمنية لمكافحة الجريمة بجميع أشكالها، معتبرا أن هذه المهمة تقع على عاتق رجال الأمن والشرطة. وأضاف أن مرحلة “فرض الأمر الواقع” قد انتهت، وتمت استعادة سلطة الدولة ومؤسساتها الشرعية.
وقال خلال اجتماع عقده لمتابعة تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية الجديدة في العاصمة طرابلس بحضور وزير الداخلية المكلّف عماد مصطفى الطرابلسي، إن ما تحقق من تمكين وزارة الداخلية لتأمين العاصمة بشكل مستقل يُعد انتصارًا حقيقيًا للدولة، لم يحدث منذ عام 2011، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز ما كان له ليتحقق لولا القضاء على أكبر التشكيلات الخارجة عن القانون، وإذعان الجميع لإجراءات الدولة ومشروعها السيادي، معتبرًا أن التحدي الآن هو الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وفي الأثناء أحال الأمين العام لمجلس وزراء حكومة راشد أبوغفة مذكرة إلى النائب العام بشأن طلب تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع المحتجزين بسجون جهاز الردع والشرطة القضائية.
وقال في نص المذكرة إن مجموعة من أهالي وذوي عدد من المواطنين طالبت بتشكيل اللجنة للعمل على إحالة المحتجزين إلى الجهات القضائية المختصة أو الإفراج عمّن لم تثبت عليه أي تهمة، وفقًا للإجراءات القانونية السليمة.
وفي العديد من المناسبات دعا رئيس دار الإفتاء في غرب ليبيا الصادق الغرياني إلى إطلاق سراح العناصر المتطرفة المحتجزة في سجن معيتيقة تحت إدارة جهاز الردع بقيادة عبدالرؤوف كارة، والتي تنتمي إلى تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش ومجالس شورى الثوار في المنطقة الشرقية ممن فروا إلى مدن الساحل الغربي بعد هزيمتهم أمام ضربات الجيش من خلال عملية الكرامة.