مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة ينطلق مكرما السينما الموريتانية

اليوبيل الفضي للمهرجان يحتفي بالإبداع الأفريقي والذكاء الاصطناعي.
الاثنين 2025/06/23
الموسيقى حاضرة مع الفن السابع

لم يكتف مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة بالمسيرة التي حققها، باعتباره شيخ المهرجانات الأفريقية، وإنما هو يسعى لمواكبة التطورات العالمية في الفن السابع، وفتح باب النقاش حولها، وهو في دورته الحالية يناقش موضوع الذكاء الاصطناعي وتأثيره في صناعة السينما، محتفيا بالسينما الموريتانية وأبرز صناعها.

انطلق مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة في دورته الخامسة والعشرين بتكريم السينما الموريتانية، إذ أقيمت فعاليات الافتتاح عشية السبت بالمركب الثقافي محمد السادس بخريبكة، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، وتُنظمها مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية إلى غاية الثامن والعشرين من يونيو الجاري، تحت شعار “من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات… تجاذبات السينما الأفريقية.”

وحضر حفل الافتتاح وفد رفيع المستوى ضم عامل إقليم خريبكة، وسفير موريتانيا، ورئيس جهة بني ملال خنيفرة، ورئيس جماعة خريبكة، ومدير موقع المجمع الشريف للفسفاط بخريبكة، إلى جانب عدد من الفاعلين السينمائيين من المغرب والقارة الأفريقية.

واستهلت فعاليات الحفل بلوحة فنية فلكلورية أفريقية قدمتها فرقة “بالي أفريقيا”، حيث مزجت بين الإيقاعات القوية لطبول القارة، والرقصات، والألوان الزاهية التي تعكس دفء أفريقيا وحلمها وجمالها الفني.

وألقى عدد من الشخصيات كلمات افتتاحية، من بينها مدير المهرجان عزالدين كريران، ورئيس المجلس الجماعي، وسفير موريتانيا أحمد باهيا، الذي تُكرَّم سينما بلاده كضيف شرف لهذه الدورة، في لحظة رمزية قوية، احتفاءً بما تقدمه السينما الموريتانية من أعمال نالت تقديرا دوليا، وأسهمت في إبراز نبض المجتمع الأفريقي برؤية فنية صاعدة.

المهرجان يستضيف 350 سينمائيا من 45 دولة ويفتح باب النقاش بشأن الذكاء الاصطناعي ضمن برمجة تحتفي بالتنوع الثقافي
المهرجان يستضيف 350 سينمائيا من 45 دولة ويفتح باب النقاش بشأن الذكاء الاصطناعي ضمن برمجة تحتفي بالتنوع الثقافي

وشهد الحفل كذلك تكريم المخرج السنغالي منصور صورا واد، تقديرا لمساره الطويل في خدمة السينما الأفريقية، كما قدم خلاله أعضاء لجنتي تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة، إلى جانب نبذة عن الأفلام المشاركة والمخرجين الحاضرين.

وعرض المهرجان أول فيلم سينمائي ضمن برمجة هذه الدورة، إيذانا بانطلاق أسبوع سينمائي أفريقي ينبض بالإبداع والتنوع، ويُجسد حلم قارة، وإبداع مدينة، ويُعبر عن إصرار مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة على مواصلة التميز وتأكيد الحضور القوي لهذا الموعد السينمائي على خارطة المهرجانات داخل المغرب وخارجه.

ويهتم المهرجان بفتح باب للنقاش بشأن الذكاء الاصطناعي في صميم برمجته، في مبادرة غير مسبوقة تمزج بين الابتكار التكنولوجي والتجذر الثقافي.

وتروم هذه الدورة التي تحمل شعار “من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات.. تجاذبات السينما الأفريقية”، فتح نقاش عميق حول تأثير الذكاء الاصطناعي على المهن، والسرديات، والخيال في الفن السابع على مستوى القارة السمراء.

ويشهد المهرجان تنظيم ندوة حول هذا الموضوع من أجل تبادل وجهات النظر بين المبدعين، والباحثين، والمهنيين في القطاع، بهدف فهم التحولات الجارية، وهو ما يعكس رغبة المنظمين في تعزيز قدرة السينما الأفريقية على مواكبة عصرها، مع تجديد أشكال السرد والإبداع البصري الخاصة بالقارة.

ويستضيف المهرجان في دورته هذا العام 350 سينمائيا من 45 بلدا، في احتفال بالإبداع السينمائي الأفريقي، ومواهبه الصاعدة، وتحولاته العميقة.

ويشارك في المهرجان 15 فيلما طويلا من 12 بلدا أفريقيا في المسابقة الرسمية، من بينها ثلاثة أفلام مغربية هي “راضية” لخولة أسباب بنعمر، و”وشم الريح” لليلى تريكي، و”دكار كازا” لأحمد بولان.

وتتنافس كذلك في المسابقة أفلام من بلدان أخرى، من بينها “شاي أسود” للمخرج عبدالرحمن سيساكو ممثلا لموريتانيا، ضيف شرف الدورة، و”قصة الخريف” لكريم مكرم (مصر)، و”قنطرة” لوليد مطار (تونس)، و”أوموكاني” لجون كوييزي (رواندا)، و”صانكو، حلم الرب” لفوسيني مايغا (مالي)، و”كفى” لأليماطا ويدراوغو (بوركينا فاسو).

وتتنافس هذه الأفلام على ست جوائز مرموقة هي الجائزة الكبرى “عثمان صامبين”، وجائزة لجنة التحكيم “نورالدين الصايل”، وجائزة الإخراج “إدريسا ويدراوغو”، وجائزة السيناريو “سمير فريد”، وجائزة أفضل دور نسائي “أمينة رشيد”، وجائزة أفضل دور رجالي “محمد البسطاوي”.

حفل افتتاح الدورة الخامسة والعشرين شهد تكريم المخرج السنغالي منصور صورا واد، تقديرا لمساره الطويل في خدمة السينما الأفريقية

وتتولى لجنة تحكيم الفيلم الطويل مهام تقييم الأفلام المتنافسة، وهي لجنة متعددة الجنسيات يرأسها المخرج الرواندي جويل كاريكزي، وتضم إلى جانبه المخرج المغربي محمد عهد بنسودة، والممثلة المالية فاتوماتا كوليبالي، والسينمائي البوروندي ليونس نكابو، والمخرج السنغالي كلارنس توماس ديلغادو.

وتعرض المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة 15 فيلما من 13 بلدا أفريقيا، منها “شيخة” (المغرب)، و”ممنوع الوقوف والانتظار” (مصر)، و”صورة لامرأة بلا وجه” (أفريقيا الوسطى)، و”دجاكا” (كوت ديفوار).

ويرأس لجنة تحكيم الفيلم القصير الناقد السينمائي بلال مرميد، ويشاركه في عضويتها الممثل التشادي يوسف دجاورو، والمخرجة المالية ديارا مولدي.

ويكرم المهرجان هذا العام عددا من رموز السينما الأفريقية، تقديرا لمسيرتهم المهنية، ومساهمتهم في النهوض بالفن السابع الأفريقي.

يعود مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية إلى السجن المحلي بخريبكة، لتنظيم الدورة السادسة من المهرجان الثقافي للنزلاء الأفارقة، في تجسيد لالتزامه بضمان الولوج الشامل إلى الثقافة.

كما ينظم المهرجان أيضا عروضا وأنشطة بمدينة ابن جرير، في إشارة إلى انفتاحه على محيطه الجهوي، كما يحظى الأطفال ببرمجة خاصة ضمن سينما الطفل.

ويعتبر مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة إحد أبرز التظاهرات السينمائية المخصصة للفن السابع في القارة السمراء، حيث يتربع على عرش أقدم المهرجانات السينمائية بالمغرب منذ تأسيسه سنة 1977، ويُعدّ منصة لتكريم الإبداع الأفريقي في مجالات الفيلم الروائي والوثائقي.

ويُصنف هذا المهرجان كمناسبة فنية وثقافية تمنح الجوائز للأفلام المتميزة من مختلف أنحاء أفريقيا، وهو ما يمنحه مكانة خاصة ضمن الخارطة السينمائية العربية والأفريقية.

تجمع فني أفريقي
تجمع فني أفريقي

وينطلق تاريخ هذا الحدث من جذور عميقة تعود إلى عام 1967، حين تأسس أول ناد سينمائي في خريبكة، وضم ما يزيد عن 200 عضو نشيط نظموا عروضا أسبوعية، مما ساهم في بناء جمهور سينمائي مهتم.

ويتواصل الدعم المؤسسي لهذا النادي منذ ساعدت الجامعة الوطنية لنوادي السينما بالمغرب  سنة 1977 على تنظيم لقاءات سينمائية بقيادة نورالدين الصايل. ويحافظ نادي السينما المحلي على ديناميكيته بفضل الدعم المادي الذي وفره المكتب الشريف للفسفاط، باعتباره القطاع الصناعي الأكبر في المدينة.

وشهد المهرجان تطورا تدريجيا، حيث انعقد الاجتماع الثالث للفيلم الأفريقي في خريبكة من الثاني إلى التاسع من أبريل 1988، بتنظيم دقيق استُقبل فيه 100 ضيف مغربي و30 أجنبيا يمثلون دولا من أفريقيا وأوروبا والعالم العربي.

وحضر فعاليات المهرجان الآلاف من المتتبعين، إذ شهدت الدورة الثالثة وحدها مشاركة ما لا يقل عن 50 ألف شخص، وتوزع الحضور بين قاعات العرض والأنشطة الموازية، بحضور رسمي تمثل في أربعة وزراء حكوميين.

وتوالت الدورات لاحقا، إذ انعقد الاجتماع الرابع في مارس 1990، ثم السادس في أبريل 1994، ما يدل على استمرارية الحدث وتثبيت مكانته في الذاكرة السينمائية المغربية والأفريقية.

وتحول المهرجان منذ عام 2004 إلى مؤسسة قائمة بذاتها، تُشرف على تسييره بشكل احترافي، تحت رئاسة نورالدين الصايل وإدارة تنفيذية يشرف عليها لحسين النداف، مما منح التظاهرة نفسا جديدا في التنظيم والانفتاح والتواصل.

15