محمد باسو لـ"العرب": فوز فيلم "زعزوع" حافز لتقديم أعمال جيدة

كوميديا رومنسية عن الصراع بين الرغبة في الحب والتعقيدات الشخصية والاجتماعية.
السبت 2025/06/21
موهبة شاملة

يسير محمد باسو بخطوات واثقة ليؤكد اسمه كواحد من أهم الفنانين المغاربة الشباب سواء كمخرج أو ممثل أو كاتب سيناريو، حيث يقدم ويشارك في أعمال مغربية وأجنبية تحصد إشادات نقدية وجوائز، ومنها فيلم “زعزوع” الكوميدي الذي يعالج قضايا المجتمع المغربي من خلال قصة عاطفية كوميدية ساخرة.

عبّر الفنان والكوميدي المغربي محمد باسو في حواره مع “العرب” عن سعادته الكبيرة بتتويج فيلمه “زعزوع” بجائزتي لجنة التحكيم والجمهور في الدورة السادسة من المهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط، معتبرا أن هذا النجاح يمثّل تكريما جماعيا لكل من شارك في صناعة الفيلم، من ممثلين وفنيين ومخرج.

وأكد باسو أن تتويج الفيلم بجائزتين مرموقتين شكّل لحظة مؤثرة ومميزة في مسيرته الفنية، سواء كممثل أو ككاتب للسيناريو، مشيرا إلى أن هذا الاعتراف من لجنة التحكيم والجمهور يعدّ دفعة قوية للاستمرار في تقديم أعمال ذات جودة فنية وإنسانية عالية.

وأوضح أن فوزه يمثل محفزا شخصيا ومهنيا، لأنه يجسّد لحظة تواصل إيجابي بين الفنان والجمهور، مشددا على أن تجاوب المشاهدين مع الفيلم يمنحه الثقة للاستمرار في خوض تجارب إبداعية جديدة، ومؤكدا أن التقدير يشجعه على مواصلة طريقه في الكتابة والتمثيل بإصرار ومسؤولية.

فيلم "زعزوع" يندرج ضمن الأعمال السينمائية المغربية التي تسعى إلى تقديم معالجة كوميدية لمواقف الحياة اليومية
فيلم "زعزوع" يندرج ضمن الأعمال السينمائية المغربية التي تسعى إلى تقديم معالجة كوميدية لمواقف الحياة اليومية

وفي تصريحات لـ”العرب”، كشف الفنان أن فكرة فيلم “زعزوع” انبثقت من رغبته في مزج الكوميديا بالفانتازيا الشعبية، حينما اختار سرد مغامرة شابين من زاكورة يتورطان في قصة تجمع بين القوى الخارقة والجريمة، إثر عثورهما على مخطوطة قديمة. كما أشار إلى أن هذا المزج بين الخيال والواقع أتاح للفيلم تناول مواضيع إنسانية من زوايا مختلفة وغير مألوفة.

وأشاد بالتعاون الفني الذي جمعه بالمخرج ربيع شجيد، معتبرا إياه مخرجا مبدعا استطاع أن ينقل روح النص إلى الشاشة بذكاء وعمق بصري. وأكد أن الكيمياء الفنية التي جمعت بينهما كانت واضحة في تفاصيل الفيلم، وهو ما أضفى على العمل طابعا خاصا جعله محط إعجاب الجمهور والنقاد.

ونوّه باسو بأهمية تصوير الفيلم في مدينة زاكورة، مشددا على أن المكان لم يكن مجرد خلفية، وإنما أصبح جزءا من الحكاية. وأوضح أن تصوير المشاهد في فضاءات واقعية مثل المنازل والمواقع الطبيعية أضفى صدقية وجمالا بصريا على الفيلم، رغم طابعه الفانتازي، وهذا ما جعل الجمهور يشعر بالقرب من الشخصيات والبيئة.

وتحدث المخرج عن حرصه، إلى جانب فريق الإنتاج، على اختيار طاقم تمثيل متكامل يجمع بين الخبرة والطاقة الجديدة، لافتا إلى مشاركة فنانين مرموقين مثل عبدالله ديدان وأسامة البسطاوي، إلى جانب وجوه شابة مثل أسامة رمزي وكريمة غيث.

ويعتبر باسو أن هذا التوازن منح الفيلم ديناميكية وتنوعا في الأداء، كما عبّر عن أمله في أن يشق “زعزوع” طريقه نحو مهرجانات دولية، مؤكدا أن طموحه لن يتوقف عند التتويج المحلي، ويتعداه إلى تقديم الفيلم لجمهور أوسع داخل المغرب وخارجه، لما يحمله من رسائل فنية وثقافية تعبّر عن روح المجتمع المغربي بلمسة كوميدية متميزة.

ويندرج فيلم “زعزوع” ضمن الأعمال السينمائية المغربية التي تسعى إلى تقديم معالجة كوميدية لمواقف الحياة اليومية، مصورا قصة حب من طرف واحد بين موسى، الشاب الحالم والرومانسي وجوديا الشابة القوية والعصية على الاقتراب، وتأتي الفكرة كنافذة تطل على جوانب متعددة من الواقع الاجتماعي المغربي، في إطار يمزج بين الجدية والهزل، ويكشف من خلال شخوصه المتناقضة عن أبعاد اجتماعية ومعنوية عميقة.

وتبرز الأحداث حكاية موسى مع حبيبته التي تظل على مسافة من مشاعره، وهذا الحب من طرف واحد يجسد صراعا إنسانيًا شائعا بين الرغبة الفردية للاتصال العاطفي وحقيقة الحواجز التي تفرضها التعقيدات الشخصية والاجتماعية، فمن خلال شخصية جوديا يضعنا المخرج أمام نموذج للمرأة القوية التي تتخذ مواقف حازمة تلقي الضوء على كيفية بناء الشخصية المغربية الحديثة التي لا تسمح لمشاعرها بأن تتحكم فيها، وهو نموذج يعكس توجها جديدا في السينما المغربية.

تتويج الفيلم بجائزتين مرموقتين شكّل لحظة مؤثرة ومميزة في مسيرتي الفنية، سواء كممثل أو ككاتب للسيناريو
تتويج الفيلم بجائزتين مرموقتين شكّل لحظة مؤثرة ومميزة في مسيرتي الفنية، سواء كممثل أو ككاتب للسيناريو

ويلعب زعزوع الجن السحري دورا حاسما في إضافة بعدٍ من السخرية إلى واقع اجتماعي معقد، إذ يرمز وجوده إلى التوقعات غير الواقعية، إذ يلجأ الأفراد أحيانا إلى حلول غير منطقية كنوع من الهروب من مصاعب الواقع، فالجن يعتبر كعامل مؤثر يزيد من تعقيد الأحداث وينعكس طابعه العبثي على الحكاية، فيرمز إلى فكرة الاعتماد على حلول خارجية غير مألوفة للخروج من مشكلات الحياة.

ويقدم الفيلم مشاهد تبرز تفاصيل من الحياة اليومية للمجتمع المغربي، إذ تتنوع الشخصيات بين المركبة، كما في حالة جوديا وموسى، والبسيطة مثل شخصية فاراجي الذي يمثل الوجه الآخر لهذه الحكاية، فيحقق العمل توازنا بين بساطة الأحداث وتشابكها، ويضفي على القصة بعدا نقديا خفيا يسخر من التوقعات غير الواقعية للناس ويؤطر واقعا مألوفا بطابع كوميدي مشوق.

وتأتي الحوارات في السيناريو محكمة ومدروسة، فهي لا تعتمد فقط على الفكاهة السطحية، وتحمل في طياتها مزيجا من السخرية والنقد الاجتماعي، إذ تتناغم مع الصراعات العاطفية والاجتماعية للشخصيات، وتنجح في إبقاء المشاهد منجذبا ومتفاعلا مع كل موقف، وهذا يظهر ذكاء في تناول القضايا المعاصرة بطريقة ساخرة تتجاوز التصنع وتصل إلى العمق الإنساني بصدر حب.

ويجتمع في العمل نخبة من الممثلين المغاربة الذين نجحوا في تقديم أداء يمزج بين الواقعية والكوميديا بأسلوب مقبول، يمنح القصة طرائف مقبولة، إذ نجح محمد باسو بأسلوبه الفكاهي الساخر ومن خلال شخصية تحمل سذاجة محببة، تتنقل بين المواقف الكوميدية بسلاسة تشد انتباه المشاهد وتدخله في أجواء من التسلية المريحة، كما أبدع الكوميدي الزبير هلال في إضفاء بعدٍ بريء على دوره، فحضوره الهادئ والبسيط يخلق توازنا خفيا بين جديته وسذاجته، ليضيف طابعا دراميا محببا يبرز صدق شخصيته.

14