بنما توقع على اعتراف لاتيني جديد بمغربية الصحراء

الرباط - جددت جمهورية بنما الاثنين دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، معتبرة إياها “الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية” من أجل تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
ويأتي ذلك، بعد تعليق بنما علاقاتها الدبلوماسية مع ما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية” وفقا لمقتضيات القانون الدولي، مما يعزز توجهها الدبلوماسي الداعم لوحدة المملكة الترابية.
وتزامنا مع تراجع تأثير جبهة بوليساريو الانفصالية في أميركا اللاتينية، أكدت بنما أنها تعطي الأولوية للمصلحة الوطنية وتظل وفية للمبادئ الأساسية لسياستها الخارجية، كما عبرت عن إرادتها في مواصلة دعم جهود المجتمع الدولي، في إطار الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم ومقبول لدى الأطراف المعنية بقضية الصحراء المغربية.
وأكد خافيير مارتينيز آشا فاسكيز، وزير خارجية بنما، خلال مؤتمر صحفي عقب المباحثات التي جمعته مع نظيره المغربي ناصر بوريطة الاثنين في الرباط أن “في ما يخص قضية الصحراء، فإن جمهورية بنما تثمن الدينامكية البناءة التي يشهدها هذا الملف تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس.”
وأوضح وزير الخارجية أن “بنما، بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، تشدد دائما على ضرورة التوصل إلى حل نهائي وذي مصداقية لهذا النزاع، وفي هذا السياق تؤكد بنما دعمها للمقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي في الصحراء، باعتباره القاعدة والحل الوحيد الذي يتميز بالواقعية والمصداقية لتسوية هذا النزاع”، لافتا إلى أن بلاده “ستبقى دائما الفضاء الأمثل لجمع كل الأطراف المعنيين من أجل التوصل إلى حل سلمي نهائي ودائم لهذا الملف.”
من جهته، أفاد ناصر بوريطة بأن “موقف بنما باعتبارها عضوا غير دائم بمجلس الأمن مهم ويأتي في إطار الدينامكية التي خلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس في ملف الصحراء خلال السنوات الأخيرة.”
وذكر أن “بنما تلتحق اليوم بالدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي كأساس وحيد لحل النزاع، وهو ما من شأنه خلق ظروف مناسبة في المجتمع الدولي ومجلس الأمن للطي النهائي لهذا النزاع الذي طال أمده وخلف آثارا ومعاناة إنسانية، وتغذية عدم الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا ويضيع فرص الاندماج الإقليمي والتنمية في المنطقة.”
ولفت بوريطة إلى أن “70 في المئة من الدول بالأمم المتحدة تعلن اليوم بشكل واضح أن الوقت قد حان لحل النزاع في إطار السيادة المغربية.”
وفي البيان المشترك ذاته، أكدت المملكة المغربية وجمهورية بنما تشبثهما بقدسية مبدأي السيادة والوحدة الترابية.
وأفاد عبدالنبي صبري أستاذ العلاقات الدولية بأن “المغرب يحقق اختراقات دبلوماسية تعد بمثابة نجاحات كبيرة على مستوى قضيته الوطنية الأولى، تفعيلا للتوجه الملكي بالانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير، وهذا الاعتراف من بنما، يعكس تحولا عميقا في التوازنات الدبلوماسية في المنطقة ونجاحا في اختراق معاقل تقليدية كانت تدعم بوليساريو، وهو ما يتأتي بفضل التوجه المغربي نحو بناء علاقات قائمة على المصالح المشتركة، مما يعزز من مكانة المغرب كقوة إقليمية ودولية ذات رؤية إستراتيجية واضحة.”
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “التحركات الدبلوماسية للمغرب للدفاع عن مغربية الصحراء فعالة وعميقة، حيث شملت دول أميركا اللاتينية، وعززها الاعتراف الأميركي التاريخي وتأكيد فرنسا وإسبانيا وبريطانيا دعم مخطط الحكم الذاتي كآخر حل مطروح على أجندة الأمم المتحدة.”
وأوضح عبدالنبي صبري أن “تلك التحولات مهمة، خصوصا وأن المغرب لا يتفاوض على صحرائه وإنما يحصد الدعم لمخطط الحكم الذاتي الذي لا حل غيره لتسوية النزاع المفتعل.”
وتعتبر بنما أول دولة في أميركا اللاتينية أعلنت اعترافها ببوليساريو سنة 1978، ما يجعل هذا القرار اختراقا دبلوماسيا كبيرا، حيث يعكس تغيرا جذريا في موقفها بعد عقود من الاعتراف بالجبهة الانفصالية، وبالتالي فقدت بوليساريو دعم أبرز الدول التي تبنت موقفها الانفصالي في المنطقة.
ونجحت الدبلوماسية المغربية في تعزيز حضورها بأميركا اللاتينية من خلال بناء شراكات إستراتيجية مع العديد من دولها، مستفيدة من الدعم الإقليمي والدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع، حيث أدى هذا التحول إلى إضعاف النفوذ التقليدي الذي كانت تتمتع به بوليساريو في المنطقة.
70
في المئة من الدول بالأمم المتحدة تعلن اليوم بشكل واضح أن الوقت قد حان لحل النزاع في إطار السيادة المغربية
وتمكن المغرب من مراكمة دعم قوي من عدد من الدول بالمنطقة، ومن ذلك مجلس الشيوخ في الباراغواي، الذي أكد أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي أساس وحيد لأي حل لهذا النزاع الإقليمي، وذلك في إطار السيادة الوطنية للمغرب ووحدته الترابية، وتقديم الدعم الصريح له في المحافل الدولية الذي اعتمد قرارا يدعو حكومته إلى تبني موقف واضح داعم للوحدة الترابية للمغرب، مما يشير إلى وجود إجماع متزايد في المنطقة حول مقترح الحكم الذاتي المغربي.
وشهدت الأشهر الماضية انضمام دول أخرى من منطقة الكاريبي وأميركا اللاتينية إلى قائمة الدول الداعمة للمغرب، مثل جمهورية الدومينيكان التي أعلنت اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء وعزمها افتتاح قنصلية عامة في مدينة الداخلة.
ويعكس هذا الاعتراف الدينامكية المتواصلة للمغرب في تعزيز مواقفه السيادية وإحداث تغيير في مواقف الدول الداعمة للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية عبر تكريس مخطط الحكم الذاتي كأساس وحيد لتسوية هذا النزاع الإقليمي، حيث أبرز رئيس الدبلوماسية البنمية أن “هناك تفاهما واحتراما متبادلا بين المغرب وبنما”، مضيفا أن “العلاقات بين البلدين تقوم على الحوار السياسي الهادف والفعال، وهناك تبادل للمعارف والخبرات، كما نثمن دعم المغرب لنا في العديد من القضايا.”
كما لفت الدبلوماسي البنمي إلى أن “المغرب وبنما يتفقان على المستوى السياسي على قيم الحوار والاستقرار وضرورة التأسيس للسلم في العالم؛ إذ من المهم جدا أن تتوقف الحروب والنزاعات في العالم، مقابل خلق مساحات للاستماع المتبادل والتعاون الجدي”، مؤكدا أن “العلاقات المغربية – البنمية هي نموذج للعلاقات الإنسانية والسياسية.”