الدبيبة يشق صفوف مصراتة بين موالين ومعارضين لسلطته

عبدالحميد الدبيبة يسعى من خلال استمالة عدد من أمراء الحرب والقيادات الاجتماعية إلى إقناع الليبيين بأنه الوصي المؤتمن على مبادئ الثورة.
الأربعاء 2025/06/04
مخطط شق الصفوف

نجح رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة في تحقيق ما فشل فيه غيره من شق صفوف القوى الميدانية والتيارات السياسية والاجتماعية في مدينة مصراتة، حيث يعمل على إعادة إحياء نعرات “المدينة المنتصرة ” للاستقواء بها واستخدامها في مواجهة الداعين للإطاحة به وبحكم الأسرة الذي بات يمثّله في غرب البلاد.

وشهدت مصراتة خلال الأسابيع الماضية تصدعا في جبهتها الداخلية بعد أن أعد فريق الدبيبة خطة لعزل مناوئيه واتهام المعارضين لاستمراره في السلطة بالثورة المضادة والسير في ركاب قائد الجيش الوطني خليفة حفتر وممثل النظام السابق سيف الإسلام القذافي.

هناك قناعة راسخة لدى شق كبير من الليبيين بأن الدبيبة يتصدر المشهد كممثل لأسرة تسعى إلى بسط نفوذها على موارد الدولة وقرارها السياسي

وفي مواجهة استمرار الاحتجاجات الشعبية الواسعة في طرابلس، أعلنت فعاليات سياسية ومجتمعية في مدينة مصراتة دعمها الكامل لحكومة الدبيبة، وأعربت عن رفضها القاطع لأيّ مساس بشرعيتها خارج إطار انتخابات شفافة ونزيهة تشمل جميع الأجسام السياسية.

وهاجمت الفعاليات بشدة مجلس النواب الليبي، ورفضت مخرجاته المتمثلة في “تشكيل حكومة جديدة،” وشددت على أن مصراتة تتمسك بمشروع الدولة المدنية، القائمة على المؤسسات، وسيادة القانون، والتداول السلمي على السلطة، محذرة من العودة إلى مشاريع الاستبداد والعسكرة، ومؤكدة أن المدينة ستظل حصنا للديمقراطية ورافعة للمشروع الوطني الجامع.

ويسعى الدبيبة من خلال استمالة عدد من أمراء الحرب والقيادات الاجتماعية إلى إقناع الشارع الليبي بأنه الوصي المؤتمن على مبادئ الثورة وأهداف الثوار، رغم أن هناك قناعة راسخة لدى شق كبير من الليبيين بأنه يتصدر المشهد كممثل لأسرة تسعى إلى بسط نفوذها على موارد الدولة وقرارها السياسي.
وفي سياق العمل على مزيد تعميق الأزمة وتوتير الأوضاع، عبّر تجمع ثوار مصراتة عن قلقه البالغ إزاء ما وصفه بـ”التحركات العسكرية المتسارعة والخطيرة” التي تقوم بها قوات حفتر، مشيرًا إلى أن هذه التحركات مدعومة بتعزيزات هي الأضخم منذ فترة طويلة، وتتم خارج إطار الشرعية.
وأوضح التجمع في بيان أن هذا التصعيد يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار ليبيا ووحدتها، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة في حال استمراره، معتبرًا أنه يمثل محاولة لفرض الأمر الواقع بالقوة، بعيدًا عن المسار السياسي.
وأكد رفض التجمع لأيّ محاولات عسكرية من شأنها جر البلاد إلى موجة جديدة من الصراع، مشددًا على أن مثل هذه التحركات لا تخدم سوى “أعداء الوطن”، وتعيق جهود التوصل إلى حل سياسي شامل.

ممارسات الميليشيات الموالية للحكومة المنتهية ولايتها والتي تُعيق خروج التظاهرات السلمية، تمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق التعبير

بالمقابل، عبرت الفعاليات الوطنية في مدينة مصراتة عن استنكارها الشديد لما ورد في بيان ألقته مجموعة من داعمي الدبيبة أمام مبنى البلدية، وقالت إنه تضمن “تحريضا على الكراهية والفتنة، وإساءةً صريحةً لشخصيات سياسية تمارس حقها في العمل الوطني وفقًا لحقوق المواطنة الدستورية”.
وأشارت إلى أن الخطاب تضمن ذما وقدحا بحق سيف الإسلام القذافي، وخليفة حفتر، وفتحي باشاغا، وآخرين، واصفة إياه بأنه “يتنافى مع التعاليم الإسلامية، والقيم الأخلاقية، والقواعد القانونية، ولا يمثل مدينة مصراتة وأهلها”.
ووصفت الفعاليات هذا التوجه بأنه “صادر عن تيار هجين، جمع بين ضيق الأفق السياسي والتعصب للرأي، ولم يجد وسيلة للتعبير عن مواقفه سوى الشتائم والسباب، في سلوك منفلت لا يراعي أدب الاختلاف ولا ضوابط الأخلاق العامة،” داعية أهالي مصراتة ونخبها إلى نبذ هذا الخطاب والتبرؤ من التيار الذي يتبناه.

وقال عبدالحميد عيسى خضر، أحد قيادات مدينة مصراتة، “يجب أن نحتشد بكل قوة لإسقاط هذه الحكومة الفاسدة التي تديرها الميليشيات،” داعيا إلى حوار وطني حقيقي لإخراج كل الميليشيات المسلحة.

وكانت القوى والحركات والفعاليات السياسية والمجتمعية في مدينة مصراتة أعربت عن رفضها القاطع لمحاولات أنصار الدبيبة الزج باسم المدينة في الصراعات السياسية الدائرة على النفوذ والمنافع داخل ليبيا.
وأكدت أن ممارسات الميليشيات الموالية للحكومة المنتهية ولايتها والتي تُعيق خروج التظاهرات السلمية، تمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق التعبير، داعية إلى احترام الحريات العامة وعدم استخدام أساليب الترهيب ضد المعارضين.

1