حركة "صحراويون من أجل السلام" تنهي احتكار بوليساريو الحديث باسم الصحراويين

الرباط - شاركت حركة “صحراويون من أجل السلام” في جلستي مؤتمر الأممية الاشتراكية، إلى جانب مشاركة الوفد النسائي من مدينتي الداخلة والعيون جنوب المملكة، وهو ما يؤكد رسميا أن هذه الحركة أصبحت طرفا جديدا معترفا به لدى الأممية الاشتراكية، ولها الحق التحدث باسم الصحراويين ما يُنهي احتكار جبهة بوليساريو لهذا الحق. وأكد بيان حركة "صحراويون من أجل السلام" أن "هناك تيارًا آخر صاعدًا، يؤمن بالحوار والتعددية السياسية ويضع مصلحة الصحراويين فوق كل اعتبار."
وفشلت بوليساريو في دفع اللجنة المنظمة إلى منع مشاركة ممثلي حركة “صحراويون من أجل السلام” بدعوى أنها تدافع عن "الرؤية المغربية"، وأن جبهة بوليساريو هي الممثل "الوحيد" و"الشرعي" للصحراويين، ثم قامت بالترويج إعلاميا على أنه تمت تعليق مشاركة "حركة صحراويون من أجل السلام" في المؤتمر.
في المقابل أكدت الحركة أن ما نشرته بوليساريو لا يعدو كونه "ترويجا للأوهام ولا أساس له من الصحة،" وبأن قرار انضمامها إلى الأممية الاشتراكية تم "استنادا إلى المعايير والقواعد والإجراءات المعمول بها في الأممية الاشتراكية، وبالتالي فهو قرار نهائي لا رجعة فيه، وعلى جبهة بوليساريو أن تتأقلم معه، وألا تُضلل الرأي العام الصحراوي بإستراتيجيتها المعتادة القائمة على التضليل والتشويش."
كما أوردت "حركة صحراويون من أجل السلام" أن هذا القرار “شكّل ضربة موجعة لمصالح بوليساريو التي تدعي تمثيلاً حصريًا للشعب الصحراوي، ولن تقلل من صدمته مجرد إشاعة أو وعود لا أساس لها من المصداقية، ويتعين على الجبهة وقيادتها القديمة أن يتعودوا على صوت صحراوي جديد، أكثر ديمقراطية ومسؤولية وانسجاما، لا هدف له سوى تحرير الصحراويين من قيود التسلط والاستبداد الذي يجسده نظام الحزب الواحد.”
وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن ” انفتاح الأممية الاشتراكية على الإطارات السياسية الصحراوية الأخرى، ذات دلالة كبرى تُنهي احتكار بوليساريو لشعارات اليسار، ومنعطف يفتح المجال لتنظيمات وتيارات صحراوية أخرى لها حضورها الوازن في الأقاليم الجنوبية ومخيمات تندوف، من أجل التواصل والتأثير في دول وحكومات وأحزاب بخلفية يسارية عبر عواصم العالم لمحاصرة الجبهة الانفصالية.”
وأوضح لـ”العرب” أن “الأقاليم الجنوبية تتمتع بمستوى عالٍ من الحريات المدنية والسياسية، مع تعددية سياسية تتسع لكافة الطروحات اليسارية المحلية، واليسار العالمي مطّلع عن كثب على الوضع التنموي المتسارع بهذه الأقاليم، ما يفسح المجال للمقارنة بين الوضع في الأقاليم الجنوبية والممارسات غير الإنسانية والمنتهكة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، ما يجعل الأممية الاشتراكية تعيد تقييم مواقفها بناءً على الحقائق الجديدة.”
وأكدت النساء الاتحاديات في أشغال مؤتمر الأممية الاشتراكية، ومنهن اللاتي ينحدرن من الأقاليم الجنوبية، أن هذه اللحظة تقتضي تسليط الضوء على الوضع المأساوي للنساء المحتجزات بمخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، واللاتي يعشن في ظروف مهينة لا إنسانية، تحت سلطة ميليشيات لا شرعية ديمقراطية لها، بعيدا عن رقابة المنتظم الدولي، وأن بوليساريو اعتادت على تقديم نفسها كالممثل الوحيد والحصري للشعب الصحراوي، وهي اليوم تواجه حقيقة مغايرة، مبرزة أن انضمامها إلى الاشتراكية الدولية هو تتويج لمسار نضالي سلمي ومسؤول، وستواصل الدفاع عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز صوت الصحراويين الباحثين عن حل سياسي عادل، بعيدا عن منطق الإقصاء والهيمنة.
ولفتت الحركة في بلاغها بأنها كسبت “مكانًا مستحقًا ودائمًا داخل الأسرة السياسية والفكرية للأممية الاشتراكية، حيث تسود قيم الحرية والديمقراطية والتعددية الحزبية، لا التعصب والانغلاق اللذان يشكلان جوهر الفكر الذي تمثله الحركة القديمة”. وتضم الأممية الاشتراكية أكثر من 130 حزبا ديمقراطيا اجتماعيا وتقدّميا، من بينها الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني وعدد من القوى السياسية الحاكمة في أوروبا وأميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.
وشكلت مشاركة الحركة على مدى خمسة أيام من الجلسات والمشاورات مناسبة هامة لاستعراض ملامح مشروع الحركة السياسي الرامي إلى تقديم بديل سلمي وواقعي لحل النزاع في الصحراء المغربية، حيث عقد أعضاء الحركة عدة اجتماعات ولقاءات مع وفود أحزاب من دول بنما وهايتي وتشاد والمكسيك وبيرو وتركيا وإسبانيا والمغرب والنيبال والكونغو وإيران ومالطا وإيطاليا وفرنسا وتونس وموريتانيا ومصر والسنغال وجمهورية الدومينيك وصربيا وكوسوفو.
وانطلاقا من هذه الحقائق، دعت النساء الاتحاديات المنتظم الدولي، أحزابا ومؤسسات، إلى زيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، والاطّلاع مباشرة على الواقع الحقيقي بعيدا عن الدعاية المغرضة، للتأكد من أن التمثيلية الشرعية لنساء الصحراء المغربية ورجالها هي داخل الوطن، وليس تحت رحمة ميليشيات متسلطة في مخيمات مغلقة.
وأكد بقادة محمد فاضل، رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، أن مشاركة وفد نسائي من الحركة في برامج الأممية الاشتراكية انتصار بحد ذاته، وهو نتاج لعمل جاد وجهود مثمرة، ونعتبرها داخل الحركة، أنها بوادر تغيير إيجابية.
وأكدت الحركة أنها ستواصل الترافع والحوار مع قوى سياسية دولية دفاعا عن حق الصحراويين في مستقبل يقوم على الحوار والانفتاح والتعددية، بعيدا عن منطق الإقصاء الذي تنهجه بوليساريو التي تريد احتكار التمثيل الصحراوي، لأجل إنهاء معاناة الصحراويين داخل المخيمات وخارجها، وتمكينهم من حقهم في التعبير والاختيار ضمن إطار تعددي ديمقراطي.