البرلمان الليبي يستعرض برامج مرشحي رئاسة الحكومة

يواصل مجلس النواب الليبي الأربعاء الاستماع إلى المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، فيما يطالب رئيس المجلس عقيلة صالح بالدعم المحلي والدولي للحكومة القادمة، محذرا من أن أي تأخير في تشكيلها “سيؤدي إلى الفوضى.” وخلال كلمته في ختام جلسة الثلاثاء قال صالح إن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية يتطلب وجود حكومة واحدة، مضيفًا أن المجلس أصدر القوانين الانتخابية، “ولذلك أعلنا قبول ملفات المرشحين لرئاسة الوزراء بالتوافق مع مجلس الدولة،” وأكد أنه لم يجر منع أحد من الترشح.
وأوضح صالح أن المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة حصلوا على تزكيات أكثر من 100 عضو من مجلس النواب وأكثر من 100 عضو من مجلس الدولة، مردفا “على كل مرشح لرئاسة الحكومة تقديم أسماء من قاموا بتزكيته من أعضاء مجلسي النواب والدولة، للتأكد من عدم تزوير أي تزكية، ومراجعة نهائية للملفات حتى نتأكد منها.”
ويرى المراقبون أن التحركات التي يقوم بها مجلس النواب حاليا لا تبدو ذات جدوى في غياب التوافق الدولي على تشكيل الحكومة الجديدة، وتمسك رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بالبقاء في منصبه رغم الاحتجاجات الشعبية، واتساع دائرة السجال السياسي بين الفرقاء في ظل وجود انقسام داخلي في مجلسي النواب والدولة، وخشية فاعلين سياسيين من أن تكون الحكومة الجديدة مجرد خطوة في الفراغ.
وخلال تقديم برنامجه السياسي أبرز المرشح عبدالكريم مقيق أنه يهدف إلى تشكيل حكومة توحد المؤسسات الليبية لإعطاء الثقة فيها، وأضاف أن برنامجه يرتكز على 7 نقاط، أولاها “الوصول إلى الاستقرار وإبراز صورة الديمقراطية في بلادنا أمام العالم،” والثانية تحقيق الأمن عبر دعم وزارة الداخلية في أمن الحدود وأمن المدن من خلال تركيب منظومة آمنة في 22 نقطة خلال نحو سنتين.
والنقطة الثالثة تحقيق العدالة عبر تطبيق القانون الليبي مع النيابات والقضاء والأجهزة التنفيذية، والنقطة الرابعة العمل على التصالح والتعايش عبر تحقيق العدالة الاجتماعية وإرساء أسس نماذج ناجحة حدثت في رواندا والولايات المتحدة والبوسنة والهرسك.
وتتمثل الخامسة في إنعاش الحالة الاجتماعية للمواطن الليبي عبر برنامج آمال الذي سيخصص 250 مشروعا خلال سنتين لدعم شريحة الشباب والطبقة الكادحة، والنقطة السادسة الارتقاء بالموارد المالية وتنظيم إدارتها والاستفادة منها للوصول إلى الثقة المالية للمواطنين، بينما تتمحور النقطة السابعة حول حضور ليبيا في المجتمع الدولي.
وقال المرشح عثمان البصير إن البلاد تمر بمرحلة تستدعي من الجميع تعزيز المسار التوافقي لتأسيس حكومة موحدة تعمل على تحقيق الاستحقاقات المنتظرة. وتعهد، في حال تكليفه بتشكيل الحكومة، بالعمل على تعزيز التوافق السياسي لخلق مشروع وطني للمضي نحو الانتخابات، مؤكدا أن مهمة حكومته القادمة الأساسية هي المضي نحو الاستحقاقات الانتخابية وعنوانها الرئيسي “تحقيق الانتخابات الرئاسية والتشريعية”.
وأضاف “حكومتي ستعمل على الإصلاح المؤسساتي وخصوصا المؤسسات الاقتصادية التي استنزفت موارد الدولة،” مشيرا إلى أنه لا يمكن لليبيا أن تحقق الاستقرار في ظل استمرار الإدارة المركزية وتغييب الإدارة المحلية.
وتعهد المرشح محمد المزوغي بأن تعمل حكومته على تنظيم العمل اليومي بميزانية محدودة ولا تقحم نفسها في مشروعات التنمية أو الاتفاقيات الدولية طويلة الأمد، وأضاف أنه “سينفذ خارطة طريق واضحة ومحددة زمنيا بالتعاون مع الأجسام التشريعية والسياسية تؤدي إلى إجراء الانتخابات،” مبرزا أن حكومته ستعمل على “حلحلة المختنقات نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها المواطن وأدت إلى تدهور في جميع نواحي الحياة، كما ستقدم رؤية عمل للجهود المشتركة وتعزيز الاصطفاف الوطني بين كافة القوى السياسية.”
أما المرشح عبدالحكيم بعيو فأكد أن حكومته ستكون محايدة وتحت اسم “الحكومة الليبية للانتخابات” لمدة سنة واحدة قابلة للتمديد 6 أشهر أخرى لمرة واحدة فقط. وقال بعيو إن هدف الحكومة هو توحيد المؤسسات وحفظ المال العام والمصالحة السياسية الشاملة ومحاربة الفساد وإنجاز انتخابات شاملة ونزيهة دون أي ميزانية أو التزامات تنموية، وكذلك توحيد المناصب السيادية وتحقيق الاستقرار وتأسيس مؤسسة عسكرية.
وتابع أن مرتكزات الحكومة التي يسعى إلى تشكيلها هي كونها حكومة تكنوقراط محايدة ومحدودة الصلاحيات وتقتصر صلاحيتها على الانتخابات والخدمات التسييرية للمواطنين، مردفا أن الاتفاق على قاعدة دستورية واضحة ومؤقتة ليتم الاستفتاء على شكل الدستور النهائي ودعم السلطة القضائية واستكمال عمل المفوضية.
◙ مرتكزات الحكومة التي يسعى عبدالحكيم بعيو إلى تشكيلها هي كونها حكومة تكنوقراط محايدة ومحدودة الصلاحيات وتقتصر صلاحيتها على الانتخابات
وأفاد المرشح فضيل الأمين بأن برنامجه الحكومي يتأسس على 3 مراحل مترابطة، وهو يشكل خارطة طريق تؤسس لإنهاء المراحل الانتقالية وغايتها النهائية إيصال البلاد إلى انتخابات شفافة وشاملة وذلك من خلال التأسيس السياسي لدولة واحدة وحكومة واحدة وإنهاء الانقسام والازدواجية وبناء سلطة تنفيذية ذات شرعية واعتراف دولي.
ويتمحور البرنامج كذلك حول معالجة أسباب الانقسام وتداعياته بما يعيد الثقة بالدولة ومؤسساتها، وتوحيد المؤسسات الأمنية والقضائية والعسكرية، وتفكيك التشكيلات المسلحة غير المنضبطة وإعادة إدماج أفرادها المؤهلين في مؤسسات الدفاع والداخلية بعد تدريب صارم، وتثبيت الإعلان الدستوري كأساس تشريعي إلى حين صدور دستور دائم، فضلا عن إقرار آلية ملزمة لتداول السلطة ومنع تعدد الشرعيات، وتهيئة الظروف السياسية والمؤسسية والأمنية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة.
وأوضح المرشح علي ساسي أنه في حال اختير رئيسا للحكومة سيعمل وفق شعار “العبور الآمن نحو الاستقرار المستدام”، مضيفا أنه سيعمل على تشكيل مجلس وزراء بـكفاءات وطنية، وأشار إلى أن برنامجه بشكل عام سيرتكز على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، مشددا على ضرورة توزيع الإيرادات النفطية بشكل عام، وحل مشكلة بطالة الشباب، وتحسين وضع الدينار بما يتوافق مع المالية العامة، ومؤكدا على ضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
أما المرشح محمد المنتصر فأكد أنه ملتزم بإطلاق مسار وطني شامل للحوار والمصالحة يستهدي بمبادئ العدالة الانتقالية وجبر الضرر. وأشار إلى ضرورة وجود الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة “فمن دون الثقة تبقى الدولة هشة ومؤسساتها مجرد هياكل بلا روح،” متعهدا بتسليم السلطة بانتهاء عمل الحكومة “بما يؤسس لمرحلة تليق بليبيا وشعبها.” وأوضح عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي أن عدد المرشحين الفعليين لرئاسة الحكومة لا يتجاوز 7 مرشحين، وذلك بعد استبعاد عدد من الأسماء بسبب وجود قضايا أمنية أو دعاوى قضائية منظورة ضدها في المحاكم.
وقال العرفي في تصريحات صحفية إن الخطوة القادمة في المسار البرلماني هي الاطلاع على ملفات وبرامج المرشحين، يليها إجراء عملية التصويت لاختيار رئيس الحكومة الجديدة، ولفت إلى أن بعض النواب أكدوا عدم منحهم تزكيات لأسماء وردت ضمن المرشحين، ما يفتح باب التساؤلات حول احتمال وجود تزوير في التزكيات المعتمدة. وأكد أن المجلس يريد من المرشحين تقديم ضمانات واضحة تلتزم بتسليم السلطة بعد إجراء الانتخابات، تجنبا لتكرار سيناريوهات التمرد على مخرجات الاستحقاق الانتخابي.