"الأسد الأفريقي 2025" يعزز الشراكة بين الرباط وواشنطن

الفريق أول محمد بريظ: المملكة المغربية تولي أهمية إستراتيجية للمساهمة في استقرار القارة الأفريقية، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية.
الأحد 2025/05/25
تعاون إستراتيجي

الرباط - تشكل مناورات "الأسد الأفريقي 2025" انعكاسا للشراكة الإستراتيجية التي تربط بين المغرب والولايات المتحدة، حيث أكد الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، أن هذه المناورات تمثل محطة نوعية في مسار التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة، مشددًا على أنها تعكس نضج هذا التعاون المشترك، والالتزام الجماعي لتعزيز الجاهزية العملياتية وتوحيد المفاهيم الدفاعية في ظل التحديات الدولية الراهنة.

وأوضح بريظ، في ختام المناورات، أن المملكة المغربية، وانسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية، تولي أهمية إستراتيجية للمساهمة في استقرار القارة الأفريقية، من خلال تعزيز الشراكة جنوب – جنوب، سواء عبر استضافة ضباط وأطر من جيوش أفريقية ضمن تمارين الأسد الأفريقي، أو من خلال تقديم دعم تكويني مستمر داخل المعاهد والمدارس العسكرية المغربية.

وانطلاقا من هذا التوجه شدد الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، على أن هذا التمرين يشكل أكثر من مجرد مناورة عسكرية، بل يُعدّ أضخم تمرين من نوعه في القارة الأفريقية، موضحًا أن الولايات المتحدة والمغرب يجسدان شراكة قائمة على التعاون والمصالح المشتركة في مجال الدفاع، ومناسبة لتوحيد الجهود بين جيوش القارة الأفريقية، والحلفاء الأوروبيين والدوليين، في سبيل تحقيق التكامل وتعزيز الفاعلية العملياتية، والتلاحم الأمني على المستوى الدولي.

وقال هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية، إن “تصريحات القيادتين المغربية والأميركية بخصوص مناورات الأسد الأفريقي والتعاون جنوب – جنوب، يترجم عمق التعاون الإستراتيجي الذي يجمع البلدين، خاصة في ما يتعلق بالتعاون الأمني والدفاع عن المصالح المشتركة والمحاور الحيوية المتعلقة بالأمن القومي للبلدين، واعتراف مسؤول من طرف وزارة الدفاع الأميركية وحلف الناتو للمكانة الحيوية التي يتميز بها المغرب كمنصة صلبة للاستقرار في المنطقة وعامل فعَّال في المساهمة الجادة لنشر السلم والسلام على مستوى منطقة الساحل والصحراء وأفريقيا.

وأضاف لـ”العرب” أن “هذه المناورات تعتبر مناسبة مهمة تبادل الخبرات الأمنية للدفاع المشترك وتقاسمه لخبرته على مستوى تقنيات الدفاع الميداني والعديد من المجلات العملياتية، خصوصا أن المغرب يمتلك خبرة متقدمة في مكافحة الإرهاب والتطرف، ويمكنه أن يساهم في تعزيز قدرات جيوش شركائه الأفارقة منها مالي والنيجر وبوركينا فاسو عبر برامج التدريب وتبادل المعلومات الأمنية، لافتا إلى أن هذا المعطى يشكل عاملا أساسيا في تقوية الشراكة الأميركية المغربية والأفريقية تعزيزا للاستقرار الإقليمي، خاصة مع تصاعد نشاط الجماعات المسلحة في منطقة الساحل.

هشام معتضد: المناورات تعتبر مناسبة مهمة لتبادل الخبرات الأمنية
هشام معتضد: المناورات تعتبر مناسبة مهمة لتبادل الخبرات الأمنية

وتم تنظيم تمرين “الأسد الأفريقي” تنفيذا لتعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بشراكة بين القوات المسلحة الملكية والقوات المسلحة الأميركية، والذي ُيعدّ محطة مركزية في التنسيق الأمني والتدريب متعدد الجنسيات، ما يعكس البعد الوطني للمناورات وأهميتها في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة.

واختتمت التدريبات المغربية – الأميركية المشتركة بمناورات عسكرية جوية وبرية، جرت تحت أنظار الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قائد المنطقة الجنوبية، والجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، إذ قامت الوحدات العسكرية المشاركة بمحاكاة عملية التصدي لعدو افتراضي باستعمال وحدات برية مدعومة بواسطة طائرات من طراز أف – 16 التابعة للقوات الملكية الجوية، واستعمال راجمات “هيمارس”، إلى جانب عملية برية هي الأولى من نوعها للقوات الخاصة المشتركة.

وشمل التمرين المغربي – الأميركي المشترك “الأسد الأفريقي2025″، الذي استمر في الفترة بين 12 و23 مايو الجاري، بالإضافة إلى مصب واد درعة بطانطان، مناطق أغادير، تزنيت، القنيطرة، بنجرير وتيفنيت، وذلك بمشاركة أكثر من 10 آلاف عنصر من القوات المسلحة من عدة بلدان، إلى جانب القوات المسلحة الملكية ونظيرتها الأميركية، بالإضافة إلى منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وأبرز الجنرال لانغلي، أن البيئة العملياتية والإستراتيجية العالمية تتطور عاما بعد عام خاصة في ما يتعلق بالتكنولوجيا، وأن التهديدات بدأت تتطور وتنشأ في مختلف أنحاء منطقة الساحل، ما يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار، مضيفا أن تمرينا مثل تمرين “الأسد الأفريقي” يساعدنا على التخطيط والعمل مع شركائنا الأفارقة بأفريقيا جنوب الصحراء حول كيفية معالجة هذه المشكلة.

من جهته، أكد العميد محمد القيسي، نائب قائد القوات المشتركة بتمرين “الأسد الأفريقي”، أن التعاون الوثيق مع شركائنا قد ساهم، على غرار السنوات السابقة، في إنجاح النسخة الـ21 من تمرين “الأسد الأفريقي”، فيما أكدت القائمة بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة بالمغرب إيمي كوترونا أن المغرب يعد أحد أقرب حلفائنا وأقدمهم، إذ تعود علاقتنا إلى تاريخ تأسيس الولايات المتحدة، مضيفة أنه وبمناسبة اختتام تمرين “الأسد الأفريقي” نلمس مدى عمق ومتانة هذه العلاقة.

وعلى هامش هذه المناورات الختامية، أكد المقدم يونس بنعياد، قائد العمليات بتمرين “الأسد الأفريقي”، أنه يتم لأول مرة دمج عمليات قامت بها القوات الخاصة المشتركة وقوات الربط السريع التابعة للواء المشاة المحمول، ضمن سيناريوهات تحاكي واقع العمليات الكلاسيكية.

2