هل يتم تفكيك مخيمات تندوف بعد تحولها إلى ملاذ للجماعات الإرهابية

جبهة بوليساريو ترتبط بعلاقات مشبوهة مع الجماعات التكفيرية والجهادية.
السبت 2025/05/24
تهديدات إرهابية متنامية

الرباط - طرح تنامي نشاط الجماعات الإرهابية ولجوئها إلى مخيمات تندوف بالجزائر كملاذ آمن لها تساؤلات جدية بشأن توقيت تفكيك تلك المخيمات.

يأتي ذلك في وقت تتوسع فيه أنشطة تلك الجماعات في أفريقيا وارتباط جبهة بوليساريو بعلاقات مشبوهة مع الجماعات التكفيرية والجهادية في الساحل والصحراء، فضلا عن تهديدها لأمن واستقرار الدول، وتزايد الأصوات المنادية بتصنيف الجبهة منظمة إرهابية.

وكشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية الشرقاوي حبوب أن مخيمات تندوف باتت تشكل بؤرة للتطرف ومأوى حقيقيا لعناصر متشددة، مشيرا إلى أن شباب هذه المخيمات هم الفئة الأكثر عرضة للتجنيد من طرف التنظيمات الإرهابية، في ظل غياب الأمل والبدائل الاقتصادية والاجتماعية.

ولفت في حوار خاص مع مجلة “جون أفريك” الفرنسية إلى وجود ارتباطات واضحة بين جبهة بوليساريو والتنظيمات المتطرفة الناشطة في المنطقة، وأن ما يقارب 100 عنصر من المنتمين إلى الجبهة قد التحقوا فعليا بصفوف جماعات متشددة تنشط في تلك المنطقة الشاسعة.

هشام معتضد: من الوارد إدراج بوليساريو في لائحة المنظمات الإرهابية
هشام معتضد: من الوارد إدراج بوليساريو في لائحة المنظمات الإرهابية

وأوضح الشرقاوي حبوب أن الترابط بين الانفصال والتطرف لم يبق في إطار التحذير النظري، بل تُرجم على أرض الواقع إلى أعمال تخريبية وهجمات مسلحة استهدفت عددا من دول المنطقة، ما يفرض قراءة أمنية معمقة لطبيعة التحولات التي تعرفها الجبهة الانفصالية.

وأبرز المسؤول الأمني الكبير أن التقاطع بين النزعة الانفصالية والإرهاب لا يشكل فقط تهديدا مباشرا للدول المعنية، بل يفتح الأبواب أمام موجة جديدة من عدم الاستقرار والفوضى العابرة للحدود، محذرا من أن هذا التداخل يسهّل أنشطة التهريب بمختلف أشكالها، ويُضعف سيادة الدول الهشة، ممهدا الطريق أمام العمليات الإرهابية الدموية.

ويقول مراقبون إن منطقة الساحل أضحت في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية وغياب الرقابة الفعالة على الحدود ملاذًا آمنا للعديد من التنظيمات الإرهابية التي باتت تضم في صفوفها عناصر تنتمي إلى بوليساريو.

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية، أن “تفكيك مخيمات تندوف مرتبط بإدراج بوليساريو في لائحة المنظمات الإرهابية، وهو احتمال وارد في الأمد المتوسط إذا استمر التصعيد في المنطقة وتزايدت الأدلة الاستخباراتية حول انخراط بعض عناصرها في أنشطة تهدد الأمن الإقليمي، وأن هذا القرار يحتاج إلى أرضية قانونية واستخباراتية قوية.”

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “تراكم المعطيات، إلى جانب ضغط النخب السياسية والإعلامية داخل أميركا، قد يُسرع الخطوة ويمنحها غطاء شرعيا واضحا.”

ومع تزايد التقارير التي تربط عناصرها بتحركات مشبوهة في الساحل عبّر السيناتور الجمهوري جون ويلسون، عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، عن دعم المملكة لمواجهة تهديدات إرهابيي جبهة بوليساريو، مؤكدا بدوره وجود ارتباطات بين هذه الحركة المدعومة جزائريا وبين أجندة إيران التخريبية في المنطقة.

كما كشف معهد هادسون الأميركي في تقرير حديث أن الجبهة لم تعد مجرد حركة انفصالية بل أصبحت ميليشيا مزعزعة للاستقرار، محذرا من أن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لطبيعة أنشطة جبهة بوليساريو من شأنه أن يزيد من تفكك منطقة الساحل ويقوض جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في شمال أفريقيا وغربها، مشيرا إلى تورطها في تهريب الأسلحة وتجنيد الشباب عبر الخطاب العقائدي والتعاون مع منظمات مصنفة إرهابية.

منطقة الساحل أضحت في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية وغياب الرقابة الفعالة على الحدود ملاذًا آمنا للعديد من التنظيمات الإرهابية التي باتت تضم في صفوفها عناصر تنتمي إلى بوليساريو

وأكد محمد الطيار، الخبير والباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، لـ”العرب” على أن “تورط عناصر من بوليساريو ضمن خلايا إرهابية في المنطقة، وظهور قيادات في تنظيمات إرهابية من قبيل داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التي تنشط في دول غرب أفريقيا والساحل، يعودان إلى الوضع المزري الذي يعيشه السكان المحتجزون في مخيمات تندوف وتسبب في مشاركة الأبناء في أغلب التنظيمات الإرهابية، ما سيعجل بتفكيكها وتسجيل بوليساريو منظمة إرهابية مع ما يترتب عليها من جزاءات قانونية.”

وكنموذج ساقه مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المعروف اختصارا بـ”بسيج”، ركز على عدنان أبوالوليد الصحراوي، أحد أبرز قادة الجماعات المتطرفة في الساحل، والذي كانت له صلات سابقة ببوليساريو، قبل أن يصبح لاحقا العقل المدبر لعدد من العمليات الإرهابية الدامية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مشيرًا إلى أن الكثير من القضايا الأمنية التي عالجتها المصالح المغربية كشفت بشكل واضح هذا الارتباط، أبرزها تورط الانفصالي عمر ولد حماها في عمليتي اختطاف لرعايا أجانب سنتي 2008 و2011، لصالح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتوقيف شاب من مواليد مخيمات تندوف في مدينة العيون سنة 2018، كان قد تم تجنيده من طرف إمام متطرف داخل المخيمات وكان يخطط لتنفيذ هجمات إرهابية في المغرب، وتفكيك عدة خلايا إرهابية خلال الفترة ما بين 2008 و2015، منها خلية “المرابطون الجدد” التي ضمت انفصاليين.

وتحول الانفصال إلى ذريعة أيديولوجية وخزّان للتجنيد تستغله التنظيمات الإرهابية لتغذية صفوفها بعناصر من الشباب التائهين والناقمين، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المغربي وللمنطقة ككل، حسب حبوب الشرقاوي، معتبرا أن خطورة هذا الواقع تتجاوز حدود المغرب، لتشمل دول الجوار والمنطقة الساحلية الأفريقية، وتمتد إلى المجتمع الدولي برمته، ما يفرض تدخلاً دوليًا عاجلاً لمواجهة الخطر الداهم الذي تمثله مخيمات تندوف التي تحولت إلى بيئة خصبة للتطرف.

4