المنفي يدعم الدبيبة ولجنة العشرين توصي بحكومة موحدة

أوساط مطلعة تقول إن محمد المنفي يقود جهودا مكثفة لقطع الطريق أمام العاملين على الإطاحة بحكومة الدبيبة.
الخميس 2025/05/22
مصالح سياسية مشتركة

ينتظر الليبيون تصعيد الاحتجاجات المنادية بإسقاط حكومة الوحدة المنتهية ولايتها غدا الجمعة، فيما أقر مجلس النواب إبلاغ بعثة الأمم المتحدة وسفراء الدول المعتمدين لدى ليبيا بالخطوات التي سيتخذها المجلس بشأن تشكيل الحكومة، وإخطارهم بموعد الجلسة القادمة، وأعلن أنه سيستأنف جلسته العامة الاثنين المقبل للاستماع إلى المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة والذين يبلغ عددهم 13 مترشحا.

وأكد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، أنه وإلى حين انتخابه رئيسا من الشعب فإن اختصاص تسمية رئيس الحكومة هو اختصاص المجلس الرئاسي بموجب تعديل الاتفاق السياسي” بين مجلسي النواب والدولة وبرعاية بعثة الأمم المتحدة والمضمن في الإعلان الدستوري بموجب التعديل 11 للعام 2018. وقال المنفي في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع “إكس”، “نرحب بالبيان الصادر عن الرئاسة المصرية بشأن الدعوة لحوار وتوافق المؤسسات الليبية المنبثقة عن الاتفاق السياسي بشأن الوصول إلى انتخابات عامة.”

وكان المنفي التقى الثلاثاء في طرابلس، بعض من النخب الوطنية الممثلة لبعض الأطياف السياسية والاجتماعية بالمدينة، وأفاد مكتبه أنه تمّ خلال اللقاء، التأكيد على ضرورة توحيد الصف الداخلي، وتجنيب المدينة الصراع المُسلح وتحميل المسؤولية لكافة الأطراف والعمل على دعم المسار السياسي التوافقي، باعتباره السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار واستكمال بناء مؤسسات الدولة على أسس الشرعية والديمقراطية.

وبحسب أوساط مطلعة، فإن المنفي يقود جهودا مكثفة لضمان بقاء حكومة الدبيبة وقطع الطريق أمام جهود العاملين على الإطاحة بها سواء من القوى السياسية والمحتجين في الشارع أو من العاملين تحت غطاء مجلس النواب وفريق خالد المشري داخل مجلس الدولة. ويرى المراقبون، أن المنفي يعتبر وجوده في السلطة رهينا ببقاء الدبيبة، لاسيما أن التحالف بينهما باتت تحدده العلاقات الأسرية والخاصة من خلال تشبيك المواقف والمصالح.

◙ المنفي يعتبر وجوده في السلطة رهينا ببقاء الدبيبة لاسيما أن التحالف بينهما باتت تحدده العلاقات الأسرية والخاصة من خلال تشبيك المواقف والمصالح

إلى ذلك، أعلنت أحزاب سياسية، تضامنها مع المتظاهرين الذين خرجوا مؤخراً في عدد من المدن الليبية للمطالبة بحقوقهم، مع ضرورة حمايتهم وحقهم في التعبير السلمي دون أي تضييق. وأعرب 69 حزبا في بيان مشترك عن رفضهم لما وصفوه بـ”التوجهات المقلقة” بشأن نية رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إعادة تفعيل “لجنة الحوار السياسي” المعروفة بـ“لجنة 75”، مشيرة إلى تسريبات تفيد بإمكانية دعوتها للانعقاد من جديد.

ورأت الأحزاب أن “لجنة 75” تمثل جزءًا من معاناة الشعب الليبي، خاصة وأن غالبية أعضائها يشغلون مناصب في السلطات الحالية التي يطالب الشارع برحيلها، معتبرين أن كافة الأجسام السياسية القائمة أصبحت طرفا في الأزمة وفشلت في تحقيق تطلعات الليبيين، ما يستوجب إسقاطها بالكامل. وجددت الأحزاب دعوتها إلى تشكيل حكومة توافقية مصغرة تقود المرحلة المقبلة، في ظل ما وصفته بـ”انعدام الشرعية الشعبية” لحكومة الوحدة الوطنية والمؤسسات السياسية الأخرى، مؤكدة مشاركتها في مظاهرات يوم الجمعة التي أُطلق عليها “جمعة الحسم.”

وقال المرشح الرئاسي سليمان البيوضي إن البيان المشترك الصادر عن مكونات مدينتي مصراتة وسوق الجمعة يُعد نقطة تحول في مسار الأزمة الليبية، إذ أنه جاء ليضع حدًّا لمحاولات الدبيبة لإشعال فتنة جهوية، كان يسعى من خلالها إلى جر البلاد نحو نزاع دموي جديد. ويأتي ذلك، بينما كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن الخيارات والتوصيات الصادرة عن لجنة العشرين الاستشارية والتي يمكن أن تُشكل خارطة طريق لإجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية.

وتضمن التقرير الصادر عن اللجنة، أربعة خيارات رئيسية يمكن أن تشكل أساسًا لخارطة طريق تنهي المرحلة الانتقالية، وهي: إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن، أو البدء بانتخابات برلمانية يعقبها اعتماد دستور دائم، أو اعتماد الدستور قبل إجراء أي انتخابات، أو تشكيل لجنة حوار سياسي، تستند إلى الاتفاق السياسي الليبي، وتتولى وضع اللمسات الأخيرة على القوانين الانتخابية والدستور الدائم.

ودعت اللجنة إلى “فصل المسارات الانتخابية الرئاسية والتشريعية”، مشيرة إلى أن “التعديل الدستوري الثالث عشر فرض تداخلا غير مبرر بين مسارين؛ وظيفي وسياسي؛ منفصلين، ما خلق حالة تشريعية مشوهة تمثل انتهاكا لحقوق الترشح والانتخاب.”

وأوصت “بإجراء الانتخابات على مراحل، لتقليل الضغط الإداري واللوجستي، مع إلغاء شرط التزامن الإلزامي بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتعديل المادة (30) من التعديل الدستوري لإلغاء الربط بين إعلان نتائج أحد المسارين بنجاح الآخر،” كما أوصت بـ”تشكيل حكومة موحدة ذات ولاية انتقالية لا تتجاوز 24 شهرا، يتم التوافق عليها خلال مفاوضات ترعاها البعثة الأممية بين الأطراف الرئيسية.

وفي حال فشل هذه المفاوضات خلال ستة أشهر، يتم تفعيل آلية الحوار السياسي المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الليبي، ودعت إلى “رفع تمثيل المرأة إلى 30 في المئة والمكونات الثقافية إلى 15 في المئة في مجلس الشيوخ، إلى جانب اقتصار التسجيل في الانتخابات على من يملكون رقما وطنيا، ومراجعة توزيع المقاعد لتحقيق توازن سكاني وجغرافي عادل،” معتبرة أن “هذه التوصيات تمثل قاعدة للحوار الليبي الشامل، وترتكز على مبادئ العدالة الانتخابية، والشرعية السياسية، واستقلال المؤسسات السيادية.”

◙ توصيات لجنة العشرين تمثل وجها من وجوه فشل المجتمع الدولي في ليبيا والذي يمكن تفسيره بالضغوط الإقليمية والدولية حسب مصالح الواقفين وراءها

ويري المراقبون أن توصيات لجنة العشرين تمثل وجها آخر من وجوه فشل المجتمع الدولي في ليبيا والذي يمكن تفسيره بالضغوط الإقليمية والدولية حسب مصالح الواقفين وراءها. وأوضح تقرير البعثة، أن اللجنة الاستشارية، وهي مجموعة من 20 شخصية ليبية من ذوي الخبرة في القضايا القانونية والدستورية والانتخابية، اجتمعت أكثر من 20 مرة في كل طرابلس وبنغازي على مدار ثلاثة أشهر.

ودرست اللجنة القوانين الانتخابية والقواعد الدستورية الليبية، بما في ذلك التعديل الدستوري رقم 13 والقانونين 27 و28 (2023) لانتخاب مجلس الأمة والرئيس. كما أجرت جلستين تشاوريتين مع كل من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وأعضاء لجنة 6+6 التي صاغت القوانين الانتخابية الحالية عام 2023.

واعتبرت البعثة أن هذا التقرير يعد مشورة ليبية مقدمة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بهدف الاستفادة منها في المراحل اللاحقة من العملية السياسية التي تُيسّرها البعثة لبناء توافق سياسي، وتوحيد مؤسسات الدولة، والمضي قدمًا نحو الانتخابات.

واعتبرت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا، حنّا تيتيه، أن هذا التقرير “يُمثل نقطة انطلاق لحوار وطني شامل حول أفضل السبل لتجاوز الانسداد السياسي الذي حال دون إجراء الانتخابات منذ عام 2021، مما أدى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار على الصعيدين الاقتصادي والأمني”. وأضافت أنه “سيتم تحديد المسار النهائي للمضي قدمًا من خلال الحوار مع الليبيين، بما يضمن مراعاة جميع وجهات النظر،” مؤكدة أنه “من الضروري ألا يكون هذا المسار بقيادة ليبية فحسب، بل أن يحظى أيضًا بدعم ليبي أوسع.”

ويقترح تقرير اللجنة الاستشارية توصيات وخيارات لمعالجة عدد من النقاط الخلافية في الإطار الانتخابي الراهن من الربط بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ومعايير أهلية المترشحين، وإلزامية إجراء جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، وتشكيل حكومة جديدة كشرط لإجراء لانتخابات، وآلية الطعون الانتخابية، وتمثيل المرأة والمكونات الثقافية، وحقوق التصويت لحاملي الأرقام الإدارية، وتوزيع المقاعد.

4