صباح بنشويخ لـ"العرب": أرحب بالنقد وأسعى لأدوار متنوعة بين السينما والتلفزيون

مسلسل "طريق الورد" فاتحة خير على مساري المهني.
الخميس 2025/05/22
موهبة تفرض حضورها

صباح بنشويخ فنانة مغربية تخطو خطواتها في عالم التمثيل بثبات، فهي بالرغم من تكوينها الأكاديمي البعيد جدا عن الفن والفنون إلا أنها تظهر موهبة كبيرة قادرة على شد انتباه الجمهور وإقناعه. كما تسعى إلى تنويع أدوارها ومراكمة تجربة فنية تدرك أهمية الفن في التأثير على المجتمعات، انطلاقا من الاهتمام بالإصغاء لكل الأصوات الناقدة التي توجهها لإصلاح الأخطاء وتطوير موهبتها.

الرباط - تتجلى موهبة التمثيل كفن رباني خلاق ينبع من أعماق الإنسان، إذ لا يتطلب بالضرورة تكوينًا أكاديميًا بقدر ما يحتاج إلى فرص مهنية تتيح للموهوب صقل قدراته وإبراز إبداعه، فقد أثبتت تجارب رواد الفن أن الموهبة الفطرية، لا الشهادات الأكاديمية، هي التي صنعت أسماء لامعة حازت إعجاب الجماهير، بينما يبقى حضور العديد ممن تكونوا أكاديميًا باهتًا، يفتقر إلى الجاذبية والتأثير. وفي الدراما المغربية تبرز الممثلة صباح بنشويخ كمثال حي لهذه الموهبة الخلاقة، إذ استطاعت بأدائها الأصيل وتجسيدها المتميز أن تحفر اسمها في قلوب الجمهور وتخلق لنفسها شعبيتها الخاصة.

شاركت هذه الممثلة المغربية في دراما رمضان 2025 ببطولة في مسلسل “يوم ملقاك” للمخرج المغربي مصطفى أشاور، وجسدت شخصية يلي، وهي فتاة تنقذ أختها كلثوم من الزواج القسري، لكن سرعان ما يقودهما مسعاهما إلى شوارع لا ترحم، حيث تكتشفان أن ما عاشتاه في الماضي كان أهون الشرور، وتتوالى الأحداث.

المسلسل من سيناريو بشرى مالك، وبطولة كل من محمد خيي ودنيا بوطازوت ومراد حميمو وفاطمة الزهراء لحرش وصباح بنشويخ.

يلي شخصية قريبة جدا من الواقع، مثلت الفتاة المغربية المحبة والمضحية من أجل أختها التي كانت تعاني من تأخر عقلي

تتحدث  الفنانة لصحيفة “العرب” حول شخصية يلي، فتقول “كانت شخصية قريبة جدا من الواقع، مثلت الفتاة المغربية المحبة والمضحية من أجل أختها التي كانت تعاني من تأخر عقلي، وهي أيضا الحامية لها، فتجد يلي هي الشخصية الوحيدة الموجودة من أجل أختها لاسيما أنهما يتيمتا الأب والأم. طوال المسلسل نشاهد التضحيات والحماية والحب الذي كانت يلي تقدمه من دون مقابل، فقط لتكون أختها محمية وآمنة، أنا شخصيا أحسست بكل حزنها وخوفها وفرحها ومن كثرة عشقي لطابع الشخصية اندمجت معه بشكل لا أكاد أنفك عنه، والدور نال احترام الجمهور المغربي ضمن أعمال رمضان لهذه السنة، وقدرها وكان قريبا منها.”

وتوضح أنها مثل “جميع الأدوار السابقة، قرأت السيناريو مرارا وتكرارا وحاولت فهم الشخصية وتخيلها في جميع أبعادها، وكذلك جلست مع المخرج مصطفى أشاور لكي أرى الشخصية من منظوره، كما كان هنالك انتقال سلس في الأحداث ساعدني على التدرج في تطوير الشخصية.”

وفي حديثها حول تجربتها في مسلسل “طريق الورد”، تنوه صباح بنشويخ بالمسلسل قائلة “مسلسل ‘طريق الورد’ لهشام الجباري كان تجربة رائعة جدا وتجربة فارقة في مساري الفني، من خلاله تعرف الجمهور المغربي على صباح كممثلة ودائما أتوجه بالشكر لهشام الجباري على الفرصة التي أتاحها لي والثقة التي وضعها فيّ كممثلة وكذلك عليان للإنتاج. المسلسل كان مميزا جدا ولا يزال مميزا جدا فأنا أعتبره فاتحة الخير في المجال الدرامي بالنسبة إلي، كما أن شخصية ياسمين كانت مميزة جدا، وكذلك أحبها الجمهور بشكل لا يصدق فكمية الحب التي أتلقاها إلى يومنا هذا في الشوارع أو أي مكان أذهب إليه كافية للاستمرار.”

وتوضح أن ياسمين، شخصيتها في مسلسل “طريق الورد”، هي شخصية ” فتاة كبرت وسط الحب وفتاة طموحة يهمها مستقبلها ومنفتحة جدا على التجربة والعالم والنجاح، فهي شخصية شغوفة تقاتل من أجل نفسها ولديها رؤيا للمستقبل، بينما إيلي بالكاد تتذكر صور أمها وأبيها المتوفيين، وزد على ذلك أخاها الذي يعنفها، وأنها لا تعرف القراءة والكتابة، وهي شخصية مهمشة وطموحها الأقصى هو أن يمر يوم دون أن يؤذي أحد أختها، هنا أكيد الفرق واضح بين الشخصيات، ويبقى السيناريو طبعا، فهو الذي يضيف إلى مسيرتي الفنية نوعا ما من الاختلاف في الشخصيات والأداء، فأنا لا أريد أن تنحصر موهبتي في تأدية دور الفتاة البدوية الطيبة دائما، بل أريد أن أجرب شيئا آخر، مثل الفتاة الشريرة، والفتاة المدللة، والفتاة غير المسؤولة، والأنانية، وهكذا.”

وحول تعاملها مع الانتقادات بين الدراما والسوشيال ميديا تقول صباح بنشويخ لـ”العرب”: “أنا مع الانتقادات البناءة المحترمة، ولكنني لا أحبذ فكرة الانتقاد من أجل الانتقاد فقط، أو الانتقادات غير الأخلاقية، لكن ما دمت شخصية مشهورة يجب أن أقبل بجميع الانتقادات سواء البناءة أو غير البناءة.”

ويتجلى أسلوب صباح بنشويخ في التمثيل ضمن مسلسل “طريق الورد” في قدرة معقولة على تجسيد شخصية ياسمين بأسلوب فني جميل، مُحققةً بذلك توازنا دقيقا بين الرقة العاطفية والقوة الدرامية، وأبرزت تعقيدات الشخصية القروية الطامحة التي تصطدم بحدود المجتمع التقليدي، كما في رفضها الزواج المفروض، مستخدمةً تعبيرات وجه ولغة جسد تكاد تكون مغربية الأصل في دقّتها، وتنجح في نقل مشاعر ياسمين وهي تنتقل من أفق قريتها الضيق إلى فضاء الدار البيضاء المفتوح، إذ تواجه تحديات وجودية واجتماعية تعبر عن صراعات جيل بأكمله، وهذا الأداء خلق تجربة بصرية وعاطفية تأسر المشاهد، وهذا ساهم في نجاح المسلسل اللافت الذي بلغت مشاهداته خمسة ملايين.

أنا مع الانتقادات البناءة لكنني لا أحبذ فكرة الانتقاد من أجل الانتقاد فقط، أو الانتقادات غير الأخلاقية
أنا مع الانتقادات البناءة لكنني لا أحبذ فكرة الانتقاد من أجل الانتقاد فقط، أو الانتقادات غير الأخلاقية

ويُظهر تعاون بنشويخ مع المخرج هشام الجباري في “طريق الورد” انسجاما فنيا بين رؤية إخراجية واعية وأداء تمثيلي مُحكم، إذ أظهر دورها شغفا بالدور وإدراكا لأهمية المسلسل ضمن سياقه الاجتماعي، كاشفا عن وعي نقدي بقيمة الفن كأداة للتعبير عن الهموم الإنسانية.

 وتضفي الممثلة المغربية على شخصيتها بُعدا مغربيا اجتماعيا، يجعلها مرآةً لتطلعات الشباب وتحدياتهم في مواجهة التقاليد والواقع المركب، ويتسم أداؤها بالواقعية دون الوقوع في فخ المبالغة، وهذا جعلها صوتا فنيا متميزا يستحق التقدير في المشهد الدرامي المغربي، وتستحق الحصول على أدوار متنوعة بين المسرح والسينما والتلفزيون.

وتألقت صباح بنشويخ في مسلسل “مول لمليح” بأداء يجسد بساطتها وأصالتها، إذ استطاعت نقل موهبتها في أدوار تتماشى مع طبيعتها، وهذا منحها قدرة على جذب المشاهدين من خلال تقديم أداء يتسم بالصدق والتلقائية، وهذا الأسلوب الذي يعتمد على لغة الجسد الطبيعية وتعبيرات الوجه العفوية جعل شخصيتها في المسلسل قريبة من قلوب الجمهور، خاصة الشباب الذين يتابعونها عبر منصات السوشيال ميديا.

 كما استفادت صباح من تجربتها السابقة في فيديو كليب “صابرة” مع الفنانة بلقيس، وهذا ساعدها على تقديم أداء متوازن يجمع بين الحضور الشعبي واللمسة الفنية.

وحصلت صباح بنشويخ على حب الجمهور في أدوارها الدرامية، بينما في مسلسل “مول لمليح” ساهمت قاعدتها الجماهيرية في الترويج للعمل وجذب فئة عريضة من المشاهدين، فهي تتميز بقدرتها على التواصل بلغة مغربية دارجة ومنقحة، ومشبعة بمصطلحات شبابية حديثة تتداولها الأجيال الجديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما جعل أداءها متناغمًا مع السياق اللغوي للمسلسل، وهذا الاختيار الذكي من صناع العمل، بقيادة المخرج أيوب لهنود، يعكس توجهًا متزايدًا في الدراما المغربية لإشراك نجوم السوشيال ميديا ذوي الموهبة الفذة، فهي أثبتت قدرتها على تقديم دور معقول ومقبول لدى الجمهور، مستفيدة من عفويتها وخبرتها في التواصل المباشر مع الجمهور، كإضافة نوعية للمسلسل، وهو ما ساهم في إبراز قدراتها الفنية المتنوعة.

وصباح بنشويخ هي ممثلة موهوبة بالفطرة، نشأت في إقليم الخميسات، وحاصلة على شهادة التقني المتخصص بالأنظمة التلقائية الإلكترونية والكهربائية والميكانيكية، واشتغلت بالمجمع الشريف للفسفاط، ومن بين أعمالها الدرامية مسلسل “بيا ولا بيك” و”حياة خاصة” و”مول لمليح” و”طريق الورد” و”يوم ملقاك”.

14