حزب بلجيكي يقود جهودا لاعتراف بروكسيل بمغربية الصحراء

الرباط - على غرار عدد من الدول الأوروبية، أعلن حزب الحركة الإصلاحية، صاحب ثالث أكبر كتلة في مجلس النواب الفيدرالي البلجيكي، والمشارك في الحكومة، عن تقديم مقترح تشريعي في البرلمان للاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. واعتبر رئيس الحزب جورج لويس بوشي، أن "هذا المخطط يمثل المسار الوحيد الموثوق نحو حل دائم وواقعي وسلمي لهذا النزاع القديم،" موضحا أن “المنطقة أصبحت اليوم فضاءً للتنمية والاستقرار والسلام تحت الإدارة المغربية، وهو ما لاحظه بنفسه خلال زياراته الميدانية إلى العيون والداخلة."
وفي إطار التعاون الثنائي بين المغرب وبلجيكا في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة، يُعد هذا أول تحرك برلماني بلجيكي مباشر من طرف حزب يتوفر على 4 مقاعد في الحكومة الفدرالية وله ثقل داخل البرلمان الأوروبي، حيث أورد أن “هذه الزيارة كانت مناسبة لبوشي للإعلان عن تقديم مقترح قانون إلى البرلمان الفيدرالي يهدف إلى الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وكذلك بمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب.”
وأكد الحزب في بيان له أنه في إطار زيارة إلى المملكة المغربية، أجرى بوشي سلسلة من اللقاءات السياسية والدبلوماسية بهدف تعزيز الروابط بين بلجيكا والمغرب، حيث تندرج هذه المبادرات ضمن رؤية طويلة المدى تقوم على التعاون القضائي والأمن المشترك، ودعم خطة سياسية من أجل استقرار هذه المنطقة من المملكة.
وأكد هشام معتضد، الباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن “دعوة حزب الحركة الإصلاحية، إلى دعم الحكم الذاتي بالصحراء المغربية يعكس الانخراط الإيجابي تجاه هذا النزاع الإقليمي المفتعل، ويؤكد مرة أخرى سعي هذا الحزب بشكل واقعي طريق أحزاب وحكومات دول أوروبية أخرى، لحث حكومته نحو احترام توجهات دول غربية كبرى كفرنسا وإسبانيا والانخراط الإيجابي، لمسايرة ديناميكية المنتظم الدولي.”
وقال في تصريح لـ”العرب”، أن “المساهمة في حل هذا النزاع الإقليمي لم تعد تقبل بالمواقف الرمادية أو ذات الازدواجية السياسية في بناء الخط الدبلوماسي، لذلك فبروكسيل مطالبة بالتفاعل مع المقترح التشريعي بخصوص الحكم الذاتي، خاصة أن هذا الحزب له موقع متقدم داخل الحكومة والبرلمان لتتبع بوصلة المنتظم الدولي والأمم المتحدة التي أصبحت أكثر ثباتا في تدبيرها هذا النزاع المفتعل.”
وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، حلّ بوشي بمدينة تطوان بدعوة من رجال أعمال بلجيكيين للمشاركة في مؤتمر اقتصادي، كما أكد بوشي في تصريحاته أنه سبق له زيارة مدينتي العيون والداخلة، موضحا أن “السيادة وإدارة الصحراء الغربية تقع فعليًا وبشكل مشروع في يد المغرب، ومن خلال هذه المبادرة، أطمح إلى حشد دعم غالبية التشكيلات السياسية الأخرى، للتقدم إيجابيًا في هذا الملف، دون تجاهل بعض المطالب القادمة من دول الجوار.”
والتقى جورج لويس بوشي في الرباط بوزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، حسب بيان الحزب الذي أكد أنهما ناقشا “التحديات المشتركة التي تواجهها الدولتان، لاسيما في مجالات مكافحة تهريب المخدرات والإرهاب والجريمة المنظمة، وشددا على ضرورة ضمان المتابعة والإدانة، وتنفيذ الأحكام بشكل فعال ومنسق،” مضيفا أن “سلامة المواطنين البلجيكيين، تمامًا كسلامة المغاربة، تعتمد على هذا التعاون المباشر والمنظم بين المؤسسات القضائية للبلدين.”
وعلى المستوى الحكومي، أشاد بيرنارد كوينتين، وزير الخارجية البلجيكي، في أول زيارة له إلى المغرب منذ تعيينه، في يناير الماضي، بالحكم الذاتي كمقترح للوصول إلى حل مرضٍ لجميع الأطراف، وجهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لافتا إلى أن بلاده “تراقب تطور مواقف الدول الأوروبية في هذا الملف،” مبرزا أن “العلاقات الثنائية تطورت كثيراً ولدينا تنسيق أمني ممتاز، وعلاقات اقتصادية واعدة.”
من جهته اعتبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن “العلاقات بين البلدين جد ممتازة، وتطورت منذ عقد اللجنة العليا المشتركة مؤخرا، من خلال الروابط الإنسانية الكبيرة،” لافتا إلى أن البلدين متفقان على أن تكون العلاقات بمنطق الدولة بالدولة وليس بين قطاعات وزارية محددة، داعيا الحكومة البلجيكية إلى “استغلال الفرص الاقتصادية المتوفرة بين البلدين، وتطوير الشراكة الإستراتيجية عبر الحوار حول النقاط المعرقلة لها، مشددا على وجود تعاون أمني كبير بين البلدين.”
وأورد الحزب، أنه، وفاءً منه لخطه الدبلوماسي الواضح، يرى أن تبني هذا القرار يُعد خطوة مسؤولة نحو السلام، كما سيسمح بتوضيح الموقف البلجيكي في سياق لم يعد فيه الحياد التاريخي يعكس الواقع الجيوسياسي الحالي،” وأشار إلى أن هذا الموقف “لا يُقوّض مبادئ القانون الدولي، بل يسعى إلى تشجيع حل سياسي واقعي يستجيب لتطلعات الميدان.” وتابع “على نطاق أوسع، تأتي هذه المبادرة ضمن رغبة الحزب في بناء علاقات متينة ومتوازنة مع شركاء دوليين يتقاسمون مع بلجيكا نفس التحديات.”
يشار إلى أن حزب الحركة الإصلاحية وضمن قائمة من 15 وزير يشكلون أعضاء حكومة بار دي فارن، يتولى مناصب نائب رئيس الوزراء وزير العمل والاقتصاد والفلاحة، ووزير الأمن والداخلية، ووزير الطاقة، ووزيرة الطبقات الوسطى والمقاولات الصغرى والمتوسطة، كما أن رئيسه نائب في البرلمان.
وفي إطار توطيد العلاقات مع المغرب ودعم تطويرها زار وفد يضم خمسة نواب من حركة الإصلاح البلجيكية المغرب، عام 2023، باعتباره بلد الأصل لعدد مهم من المواطنين البلجيكيين مزدوجي الجنسية، في سعي حثيث لضمان قاعدة انتخابية صلبة من مزدوجي الجنسية، بل وحتى دعم ترشيحات سياسية من هذه الفئة.