المغرب وموريتانيا يعززان شراكتهما الاقتصادية بمنتدى برلماني

المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني ـ المغربي يمثل خطوة عملية نحو إرساء شراكة مغربية – موريتانية أكثر تنظيما.
الأحد 2025/05/11
شراكة مثمرة

الرباط - افتتح وفد برلماني مغربي رفيع إلى جانب ممثلين عن الأحزاب، ومسؤولين من قطاعات وزارية معنية، وممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومؤسسات مالية واستثمارية، مع نظيره الموريتاني النسخة الأولى من المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني ـ المغربي، بهدف تعميق التعاون وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات المشتركة على المستوى الاقتصادي.

وأكد رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي، أن هذه الدورة تدشن لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين تتجاوز المنافع والمصالح إلى روابط الأخوة والدم، وأن الأمر يتعلق برافعاتٍ وثوابت نحنُ مَدْعُوُّون، معاً، إلى استثمارها من أجل رفع التحديات العديدة والكبرى التي تواجهنا، وربح الرهانات وتحقيق التطلعات التي يطمح إليها الشعبان الموريتاني والمغربي، وأن العمق الأفريقي المشترك يشكل كنزا ومجالا فريدا للشراكة المغربية – الموريتانية، داعيا إلى استثمار هذا العمق لتحقيق التنمية والازدهار المشترك.

وأضاف الطالبي العلمي، في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة الأولى للمنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني – المغربي الذي تحتضنه نواكشوط على مدى يومين، أن “عمقنا الأفريقي المشترك يشكل مجالا فريدا للشراكة، ولتطوير الأعمال والمبادلات على اعتبار أن المغرب وموريتانيا يشكلان حلقة أساسية بين ثلاثة عوالم هي أفريقيا وأوروبا والعالم العربي، ومنه إلى آسيا، منوها بمنح المنتدى البرلماني محتوى اقتصاديا واقتراح قضايا الزراعة وتربية الماشية والصيد البحري والتكوين وإعداد المهارات البشرية لتكون موضوع الدورة بمشاركة وزراء وممثلين للقطاع الخاص.

هشام معتضد: المغرب يعتمد على نسج شبكة مصالح عابرة للقارات
هشام معتضد: المغرب يعتمد على نسج شبكة مصالح عابرة للقارات

ويندرج هذا الاجتماع في إطار تنفيذ مباشر لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي دعا في خطابه أمام البرلمان، خلال افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، إلى تعزيز أدوار الدبلوماسية البرلمانية، وجعلها رافعة موازية للسياسة الخارجية التقليدية، تقوم على التواصل المباشر وبناء الجسور مع الفاعلين السياسيين في الدول الصديقة والشريكة.

وتوطيدا لمتانة العلاقات الثنائية بين الرباط ونواكشوط، وتقدير القيادة الموريتانية لمكانة المؤسسة التشريعية المغربية، استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الجمعة بنواكشوط، رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، بحضور رئيس الجمعية الوطنية الموريتانية، محمد بمب مكت، والوزير الموريتاني المكلف بديوان رئيس الجمهورية، الناني ولد أشروقه، والسفير المغربي بنواكشوط حميد شبار، حيث أكد المسؤول المغربي عقب الاستقبال أنه أبلغ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية تحيات الملك محمد السادس، مضيفا أن الاستقبال كان أيضا فرصة لتناول عدد من القضايا الهامة.

واعتبر هشام معتضد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية أن “هذا المنتدى يعكس اختيارا وانخراطا إستراتيجيا للرباط ونواكشوط للدفع بالبعد الاقتصادي، الذي يساعد الجارين لبلوغ مستويات تحترم الجوار الجغرافي وتستثمر في التكامل الاقتصادي، مستجيبين في ذلك لتطلعات الفاعلين الاقتصاديين وحاجيات الشعبيين بما يحفظ التوازنات التجارية للدولتين، من خلال هندسة علاقات تقوم على البراغماتية.”

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “الحضور الوازن للوفد المغربي والاحتضان الرسمي من طرف أعلى سلطة في موريتانيا للمنتدى يؤكدان على ارتباطه بمشروع استقرار إقليمي ضمن مبادرات أخرى تتقدمها المبادرة الملكية الأطلسية والتي تجمع بين البُعد التنموي والهدف السيادي، فضلا عن كونها ليس مجرد تحرك دبلوماسي عابر، بل هي نقطة ارتكاز تُتيح للمغرب إعادة توزيع الثقل السياسي والاقتصادي غرب القارة الأفريقية.”

الحضور الوازن للوفد المغربي والاحتضان الرسمي من طرف أعلى سلطة في موريتانيا للمنتدى يؤكدان على ارتباطه بمشروع استقرار إقليمي

ولفت هشام معتضد إلى أن “المغرب بات يعتمد على إستراتيجية واقعية تقوم على نسج شبكة مصالح عابرة للقارات، خصوصاً مع الدول الأفريقية الأطلسية ومنها موريتانيا، لتحقيق التكامل الطوعي، معززا بحزام نفوذ سياسي واقتصادي، لتحقيق منافع مشتركة مع الموريتانيين، إلى جانب دول أخرى ترى في الرباط محوراً لوجستياً نحو الأسواق الدولية.”

ويمثل المنتدى البرلماني الأول من نوعه خطوة عملية نحو إرساء شراكة مغربية – موريتانية أكثر تنظيما، تتجاوز اللقاءات الظرفية، وتهدف إلى خلق قناة دائمة للتشاور المؤسساتي والتفكير المشترك في قضايا الجوار والتكامل المغاربي، لدعم التنمية المستدامة وتعزيز الاندماج الإقليمي، وتقوية العلاقات البرلمانية بما يضمن مواكبة تشريعية فعالة للمشاريع الثنائية، وتشجيع الاستثمار والتبادل الاقتصادي، خاصة في القطاعات الإستراتيجية .

وشهدت العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة تقاربا مؤسساتيًا لافتا، تُرجم عمليًا بتشكيل “مجموعة الصداقة البرلمانية الموريتانية – المغربية،” ما يمنحها طابعًا توافقيا وفعالية دبلوماسية نادرة في المشهد البرلماني الإقليمي.

وأكد رئيس مجلس النواب، أن موريتانيا والمغرب مرشحان لأن يلعبا أدوارا حاسمة في مشروعي مسلسل الدول الأفريقية الأطلسية الذي بادر إلى اقتراحه الملك محمد السادس إلى جانب مبادرة تمكين بلدان الساحل الأفريقي من الولوج إلى الأطلسي، واللذين يكتسبان بعدا إستراتيجيا دوليا ورافدا مهيكلا للاندماج القاري الأفريقي، مبرزا أن ما يتوفر عليه المغرب وموريتانيا من تجهيزات أساسية صاعدة، تشكل روافد للربط القاري والدولي تعزز مثل هذين المشروعين الطموحين، وأنه بمنطق المصالح، وبمنطق الإستراتيجيات والتموقع العالمي، فإن ذلك لن يكون إلا في صالح بلدينا وشعبينا والشعوب الأفريقية.

وكثف المغرب من حضوره في السوق الموريتانية، من خلال المبادلات التجارية التي شهدت ارتفاعا ملحوظا، وفتح خطوط لوجستية مباشرة نحو نواكشوط، وهو ما تزامن مع إعلان الرباط استعدادها لمدّ شبكة ربط الطرقات من الداخلة نحو الأراضي الموريتانية، في إطار مشروع الربط الأفريقي – الأطلسي، كما شهد معبر الكركرات الحدودي ـ الذي يُعد شريانا إستراتيجيًا للتبادل ـ تطويرا ملحوظًا من الجانبين لتعزيز انسيابية التجارة وتأمين الحركة بين البلدين.

2