قطاع التشييد والبناء يطبع انتعاشه على سوق العمل في المغرب

التزام حكومي بزيادة التوظيف عبر برامج التنمية التي يتم تنفيذها.
السبت 2025/05/10
دعامة أخرى في قلب التنمية

تؤكد أحدث المؤشرات أن انتعاش قطاع التشييد والبناء في المغرب طبع أداءه بشكل واضح على سوق العمل مع مستهل 2025، في تأكيد جديد على قدرة السلطات على إزالة العقبات وكسر التحديات أمام تقليص معدل البطالة من خلال تنفيذ خططها المتعلقة بتنمية شمولية للاقتصاد.

الرباط- حققت سياسة الإصلاح الاقتصادي في المغرب التي تترجمها خطط التنمية المزيد من المكاسب بعدما ساهم قطاع البناء والأشغال العامة في زيادة زخم سوق العمل منذ بداية العام الجاري.

وترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش الثلاثاء الماضي، الاجتماع الرابع من سلسلة الاجتماعات المخصصة لمتابعة تفعيل خارطة طريق قطاع التشغيل، حيث تم تدارس آليات زيادة فرص العمل عبر البرامج الكبرى، لاسيما المتعلقة بقطاع البناء والأشغال العامة.

وأوضح أخنوش أن هذه الخارطة ستساهم في ضخ ديناميكية تهم قطاعات متعددة لإنعاش سوق العمل من خلال إجراءات عملية، وذلك “إيمانا من الحكومة بأن التشغيل يعد أولوية كبرى بالنظر لدوره في تعزيز الكرامة لدى المواطنين، وضمان العيش الكريم للأسر.”

رشيد ساري: قطاع البناء سيشهد حركية متسارعة نتيجة التطوير
رشيد ساري: قطاع البناء سيشهد حركية متسارعة نتيجة التطوير

وتناول الاجتماع أيضا تفعيل خارطة الطريق المتعلقة سوق العمل، لاسيما في إطار المخططات المتعلقة بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030.

وأفاد وزير التجهيز والماء نزار بركة على هامش الاجتماع الوزاري، بأن قطاع البناء أسهم خلال الربع الأول، في توفير 52 ألف فرصة عمل مما يبرهن على النشاط الذي يعرفه هذا المجال.

وأكد أن البرامج الكبرى التي تباشرها الحكومة تنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس، تسهم في توفير العديد من فرص العمل. وقال إن “هدف الاجتماع هو بحث تطوير وزيادة توليد الوظائف من خلال هذه البرامج.”

وقال بركة إن “الأمر يتعلق، أساسا، بقطاع البناء والأشغال العامة والدعم المباشر للسكن والمخططات الجهوية للتنمية، وكذا البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه الري بحلول 2027.”

ووفق المندوبية السامية للتخطيط، سجل نشاط البناء والأشغال العامة في الفترة بين يناير ومارس، أداء إيجابيًا عبر توفير 52 ألف فرصة عمل، منها 46 ألفا في المدن و5 آلاف في القرى، ما يعادل ارتفاعًا بنسبة 4 في المئة في حجم التشغيل بالقطاع.

وتعد مبيعات الإسمنت المؤشر الرئيس لقياس نشاط قطاع البناء والأشغال العامة، حيث استمرت في تحقيق أرقام قياسية، بالموازاة مع انتعاش قروض التطوير العقاري والإسكان وتمويل المعاملات العقارية بنمو بلغ 2.7 في المئة خلال أول شهرين من 2025.

وبحسب مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، فقد نمت مبيعات الإسمنت بنسبة 4.5 في المئة خلال الربع الأول من سنة 2025، مقابل انخفاض بنسبة 0.4 في المئة قبل عام.

واعتبرت الفيدرالية الوطنية للمطورين العقاريين، أن زيادة مبيعات الإسمنت تعكس حركية في أنشطة البناء والتشييد، والمساهم الأول فيها هو قطاع الأشغال العامة وتسارع عمليات إنجاز وإنهاء عدد من المشاريع، والإقبال على العقارات السكنية.

52

ألف فرصة عمل وفرها قطاع التشييد والأشغال العامة خلال الربع الأول من عام 2025

وكانت نشرة مديرية الدراسات والتوقعات المالية لشهر أبريل قد ذكرت أن الارتفاع في نمو مبيعات الإسمنت مردّه، بشكل كبير، إلى تعزيز عمليات الشحن الخاصة بقسم الصنع المسبق بنسبة 16.8 في المئة، وتلك الخاصة بالخرسانة الجاهزة بنسبة 18.6 في المئة.

وأكد المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن قطاع البناء سيشهد حركية متسارعة بسبب توجه الدولة لتقوية البنية التحتية، استعداداً لمواعيد كأس أفريقيا لكرة القدم 2025 ومونديال 2030، منها بناء مجموعة من الفنادق ما ينعكس إيجابا على سوق العمل.

ولفت ساري لـ”العرب، أن الحصة الأكبر من التمويل المخصص لكأس العالم يستحوذ عليها قطاع البناء، لتشييد مجموعة من المرافق العامة والبنايات الإستراتيجية والوحدات الفندقية.

كما سيتم تعزيز البنية التحتية من خلال الطرق البرية والطرق السريعة وشبكة سكك الحديد وذلك عبر مشاريع الربط بالخط فائق السرعة.

ويعرف قطاع البناء طفرة كبيرة بفضل الاستعدادات لاحتضان كأس العالم 2030، حيث تضخ الدولة استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية كالطرق والمطارات ومحطات التحلية، بقيمة تبلغ 90 مليار درهم (نحو 9.7 مليار دولار) هذا العام.

المشاريع التي ستنفذ خلال السنوات الخمس المقبلة تقدر قيمتها بنحو 170 مليار دولار
المشاريع التي ستنفذ خلال السنوات الخمس المقبلة تقدر قيمتها بنحو 170 مليار دولار

ويُشغّل القطاع حوالي 1.2 مليون شخص، وتعتمد 7 آلاف شركة مرخصة في هذا المجال بشكل كبير على المشاريع الحكومية التي وصل متوسط قيمتها ما بين عامي 2018 و2024 إلى حوالي 60 مليار درهم (6.48 مليار دولار) سنويا.

وترتبط الشركات الخاصة العاملة في قطاع البناء بالصفقات العمومية بشكل وثيق، نظرا لاستحواذ الاستثمار الحكومي على ثلثي إجمالي الاستثمارات التي يتم ضخها في السوق المحلية.

وتظهر بيانات مكتب الملكية الصناعية والتجارية، استمرار تفضيل الاستثمار في قطاعات معينة، حيث استحوذ قطاع البناء والأشغال العامة على حصة مهمة المقاولات الجديدة بعد القطاع التجاري.

ويعكس هذا المنحى تنوع الفرص الاستثمارية في السوق المغربية وحيوية المشهد الاقتصادي وقدرة مناخ الأعمال على استقطاب المزيد من المشاريع الجديدة في مختلف القطاعات.

ويرى خبراء أن المؤشر الأساس بالنسبة للمطورين العقاريين يبقى هو عدد المشاريع أو الوحدات السكنية قيد الإنشاء وتلك المنتَجَة أو المصرَّح بها رسميا مع انتهاء عمليات الإنشاء.

ويغطي نمو فرص العمل ارتفاع إجمالي قروض السكن بنسبة 2.1 في المئة بعد زيادة بنسبة 1.6 في المئة قبل عام، وإجمالي قروض المطورين العقاريين بنسبة 6.6 في المئة بعد انخفاض بواقع 0.7 في المئة خلال العام الماضي.

وفقا لتقرير صادر عن مركز التجاري غلوبال ريسرش، وهو وحدة الأبحاث التابعة للتجاري وفا بنك، أكبر مقرض في البلاد، فإن قيمة المشاريع التي سيتم تنفيذها في البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة تقدر بحوالي 170 مليار دولار.

وأشار التقرير إلى أن أغلب تلك المشاريع يرتبط باحتضان كأس العالم 2030، وتتعلق بالبنية التحتية، بالإضافة إلى منشآت تحلية مياه البحر ومشاريع الطاقة المتجددة.

11