حكومتا ليبيا تتنصلان من اتفاق استقبال مهاجرين من واشنطن

حكومة طرابلس: نرفض استخدام ليبيا كوجهة لترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة.
الخميس 2025/05/08
رفض ليبي لتوجهات إدارة ترامب بشأن الهجرة

أصدرت حكومتا غرب ليبيا وشرقها بيانين، نفتا فيهما صحة ما تداولته تقارير إعلامية دولية بشأن وجود ترتيبات لترحيل مهاجرين من الولايات المتحدة إلى الأراضي الليبية، في خطوة اعتبرها مراقبون تنصّلا واضحا من اتفاق استقبال مهاجرين من أي جنسية.

سارع مسؤولون ليبيون إلى نفي الاتفاق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استقبال مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن هبوط طائرة شحن عسكرية أميركية من طراز لوكهيد مارتن C-130J هركيوليز، في القاعدة العسكرية بمدينة مصراتة الأربعاء قبل أن تغادر لاحقا إلى وجهة غير معلومة. ففي طرابلس نفت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها وجود أي اتفاق أو تنسيق معها بشأن استقبال أي مهاجرين مُرحّلين من الولايات المتحدة، وقالت في بيان إن بعض الجهات الموازية التي لا تخضع للشرعية قد تكون طرفًا في تفاهمات لا تمثل الدولة الليبية، ولا تلزمها قانونيا أو سياسيًا.

وأكدت الحكومة رفض استخدام الأراضي الليبية مقصدا لترحيل المهاجرين دون علمها أو موافقتها، مشيرة إلى أنها تتمسك بحقها في حماية السيادة الوطنية. من جانبه أكد رئيسها عبدالحميد الدبيبة عبر حسابه الشخصي أن ليبيا ترفض أن تكون وجهة لترحيل المهاجرين تحت أي ذريعة، مضيفا أن أي تفاهمات تجريها جهات غير شرعية لا تُمثل الدولة الليبية، ولا تلزم الحكومة سياسيًا ولا أخلاقيًا.

وفي بنغازي أصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب بيانا رسميا نفت فيه بشكل قاطع وجود أي اتفاقات أو تفاهمات بشأن توطين مهاجرين من أي جنسية على الأراضي الليبية. وأدانت الوزارة ما وصفته بـمحاولات الحديث عن توطين المهاجرين ووجود اتفاقيات في هذا الشأن، مشددة على أن “هذا الشأن لا أساس له من الصحة.”

وأكدت الوزارة التزام الحكومة الليبية بالتزاماتها الدولية والقانون الدولي الإنساني في ما يخص العمل والتنقل وفق القوانين الوطنية. وشددت على أن موقف الحكومة الليبية واضح وثابت تجاه هذه القضية. ونقلت تقارير إعلامية الأربعاء عن ثلاثة مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة قد ترحل مهاجرين إلى ليبيا هذا الأسبوع للمرة الأولى، وذكر إثنان من المسؤولين أن الجيش الأميركي قد ينقل المهاجرين جوا إلى ليبيا، لكنهما أكدا أن الخطط قد تتغير.

◙ حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها تنفي وجود أي اتفاق أو تنسيق معها بشأن استقبال أي مهاجرين مُرحّلين من الولايات المتحدة

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أنها علمت من مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تخطط لإرسال مجموعة من المهاجرين المرحلين إلى ليبيا على متن طائرة عسكرية. ولم تكشف المصادر عن جنسيات المهاجرين الذين سيجري إرسالهم إلى ليبيا، لكنها قالت إن الرحلة الجوية الأولى إلى ليبيا التي تحمل مهاجرين مرحلين قد تغادر الولايات المتحدة، مضيفة أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة ترامب قد أبرمت اتفاقا مع السلطات الليبية في هذا الشأن.

ونقلت الصحيفة مساء الثلاثاء عن المصادر التي طلبت عدم ذكر أسمائها أن عملية التخطيط لنقل مهاجرين إلى ليبيا جوا كانت مشددة، ولا تزال هناك عراقيل لوجستية وقانونية ودبلوماسية محتملة. والأسبوع الماضي نقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مصادر مطلعة على المحادثات قولها إن الإدارة “ناقشت مع ليبيا ورواندا إمكانية إرسال المهاجرين الذين لديهم سجلات إجرامية والموجودين في الولايات المتحدة إلى هذين البلدين.”

ونقلت الشبكة أن مسؤولين كبارا في وزارة الخارجية الأميركية التقوا مسؤولين ليبيين وناقشوا اقتراح إرسال مهاجرين إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، بحسب أحد المصادر، وتابعت أنها تواصلت مع ممثل الجنرال صدام حفتر رئيس أركان البر في قوات والده، الذي كان في واشنطن لإجراء محادثات مع المسؤولين هذا الأسبوع، للحصول على تعليق، لكنها لم تحصل عليه بعد.

وفي أوائل أبريل الماضي قالت جريدة “وول ستريت جورنال” الأميركية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى إلى عقد اتفاقيات مع دول عدة في أفريقيا وآسيا وأوروبا، لاستقبال مهاجرين مرحلين، ونقلت عن مسؤولين مطلعين أن واشنطن تسعى إلى إرسال مهاجرين ترغب في ترحيلهم، لكن دولهم تتباطأ أو ترفض استعادتهم، إلى دول ثالثة، على غرار الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع بنما، مشيرين إلى محادثات تجرى حاليا مع دول، من بينها ليبيا ورواندا وبنين وإسواتيني في أفريقيا، بجانب مولدوفا وكوسوفو بأوروبا، ومنغوليا في آسيا.

واستقبلت واشنطن خلال الأسبوعين الماضيين وفدين من شرق وغرب ليبيا، من بينهما صدام حفتر ممثلا عن والده المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش، ووكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي ممثلا لرئيس الحكومة وزير الدفاع في المنطقة الغربية عبدالحميد الدبيبة، حيث نوقشت معهم ملفات التعاون المشترك وضمان مصالح الولايات المتحدة داخل ليبيا في الوقت الذي يتسابق فيه طرفا الحكم في طرابلس وبنغازي على نيل رضى الإدارة الأميركية والحصول على غطائها من أجل الاستمرار في الحكم ومزيد الاستفادة من امتيازات بسط النفوذ على مراكز القرار ومنابع الثروة.

◙ تقارير إعلامية نقلت عن ثلاثة مسؤولين أميركيين أن واشنطن قد ترحل مهاجرين إلى ليبيا هذا الأسبوع للمرة الأولى

وسعيا لنفي التعامل مع واشنطن في هذا الإطار عاد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقيادة العامة للجيش الوطني اللواء خالد المحجوب إلى الظهور بعد غياب طويل، ليسارع إلى التأكيد على عدم وجود تنسيق أو اتفاق مع القيادة العامة بشأن استقبال مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنها لن تستقبل أي رحلات من هذا النوع عبر المطارات والمنافذ التي تؤمنها، ومعتبرا أن ما تداولته صفحات التواصل الاجتماعي بشأن هذا الأمر عار من الصحة تماما، ولا يمكن القبول به نهائيا.

وكان عدد من الأحزاب السياسية الليبية أكد أن مساعي إدارة الرئيس ترامب لترحيل مهاجرين لديهم سجلات جنائية من الولايات المتحدة إلى ليبيا أمر مرفوض بشكل قاطع وانتهاك صارخ لسيادة ليبيا، وطالب السلطات الليبية بإعلان رفضها هذا المخطط رسميا.

واستنكرت مجموعة الأحزاب في بيان مشترك ما تردد بشأن مناقشات أجرتها الإدارة الأميركية مع أطراف في ليبيا ورواندا بخصوص إمكانية إرسال مهاجرين ذوي سجلات جنائية وطالبي لجوء، حسب ما نقلته شبكة “سي إن إن” عن مصادر وصفتها بالمطلعة على هذا الأمر، وشددت على أن “ليبيا ليست ساحةً لتجارب السياسات الخارجية، ولا مكبا لمشكلات دولٍ تبحث عن حلولٍ لأزماتها،” رافضة أي مسعى يستغل الظروف الأمنية والاقتصادية الهشة في ليبيا “التي لم تتعاف بعد من سنوات الحرب وغياب الاستقرار السياسي.”

وأضافت أن الحديث عن اعتبار ليبيا دولة ثالثة آمنة “هو تناقض صارخ في المواقف والتصريحات،” وذلك في الوقت الذي تجدد فيه الولايات المتحدة سنويا تحذيراتها لمواطنيها بعدم زيارة ليبيا للمخاطر الأمنية، مشيرة إلى أن “ليبيا دولة ذات سيادة كاملة، وقرارها الأمني السيادي والإنساني لا يُمكن أن يُفرض عليها من قوى خارجية، وأن أي محاولة لتمرير مثل هذه الاتفاقيات مع الولايات المتحدة أو غيرها من قبل أي طرف اعتداء صارخ على كرامتنا.”

ودعت الأحزاب الليبية كلا من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والحكومتين إلى الخروج فورا بموقف رسمي صريح لا لبس فيه ولا يقبل أي تأويل لرفض ترحيل المهاجرين إلى الأراضي الليبية “فالصمت يُعد قبولاً ضمنيا وهو بذلك مُدان من الليبيين،” معتبرة أن “ليبيا ليست أرضا بلا مواطنين، ولا يمكن أن تكون حلبةً لتصفية حسابات دولية، وندعو كل الأطراف إلى احترام إرادة الليبيين في بناء دولة حديثة مستقرة، ونرفض أي مسعى يزيد من تعقيدات مشهدنا الوطني.”

4