الإخوان يعلنون دعمهم لمراسيم رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا

إقدام المنفي على اتخاذ الخطوة بالتزامن مع أزمته الصحية يثير الجدل في البلاد.
الاثنين 2025/05/05
تمسك بالعمل السياسي رغم الأزمة الصحية

وصل رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الأحد إلى العاصمة طرابلس بعد رحلة علاج في ألمانيا، في وقت أعلنت فيه جماعة الإخوان المسلمين دعمها لمراسيمه التي أثارت الجدل في الأوساط الليبية بالموازاة مع أزمته الصحية.

عاد رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا محمد المنفي الأحد إلى العاصمة طرابلس بعد رحلة علاج في ألمانيا، فيما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن دعمها الكامل وتأييدها للمراسيم التي كان أصدرها الأسبوع الماضي.

وأفادت تقارير إعلامية محلية بأن المنفي تعرض لتسمم دوائي، نتيجة تلقيه على مدار الأشهر الماضية مادة غير غذائية مجهولة المصدر تفاعلت سلبا مع الدواء الذي يتناوله ضد مرض لازمه، ما أدى إلى تكوين مادة سامة تسببت في الإضرار بمكونات الدم لديه.

وأعربت أوساط ليبية عن استغرابها من إقدام المنفي على إصدار مراسيم مثيرة للجدل بالتزامن مع أزمته الصحية التي بسببها اضطر للسفر إلى ألمانيا لتلقي العلاج.

وفي الأثناء قالت جماعة الإخوان المسلمين الليبية إن مذكرة المنفي حث من خلالها مفوضية الانتخابات على “النهوض بواجبها والإسراع في إنجاز الاستفتاء على مشروع الدستور المركون لديها لقرابة ثماني سنوات إلا شهرين.”

وقالت الجماعة في بيان “ونحن إذ نثمن هذه الخطوة، إلا أننا نعتبرها ناقصة في تحقيق حق الشعب في دستور سعت جهات مشبوهة كثيرة إلى وأده أو مسخه فنحن نطالب بالعمل به دون استفتاء.”

وأضافت أنه “لا يجوز تأخير العمل أكثر مما حدث حتى ندفع عن صدر الأمة كيانات جثمت عليها فضيعت الأموال وحطمت الأحلام والآمال، ونشرت الفوضى وأظلمت مستقبل الأجيال،” وفق البيان.

محمد المنفي أصدر مراسيم الإنقاذ التي تقضي بإيقاف العمل بقانون المحكمة الدستورية الصادر عن البرلمان

ومن جانبه أعلن رئيس دار الإفتاء في غرب ليبيا الصادق الغرياني ترحيبه بقرارات المنفي.

ووصف المفتي المعزول من قبل مجلس النواب منذ نوفمبر 2014، خلال تصريحات في برنامج “الإسلام والحياة” بقناة التناصح، مراسيم المجلس الرئاسي بالأمر المشرّف، وخاصةً تشكيل مفوضية الاستعلام والاستفتاء، معتبرا ذلك أمرا شجاعا، وداعيا الناس والنخب والحكومة إلى الخروج والتضامن معها.

واعتبر الغرياني أن دعم المراسيم الرئاسية فرصة لليبيين للخروج بالبلاد إلى بر الأمان، ولقطع الطريق على الالتفاف عليها، وأعرب عن قلقه من التفاف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وبعض الأجسام التي لا ترغب في انتهاء الأزمة في ليبيا على القرارات في حالة عدم دعم المراسيم.

ويأتي ذلك مع احتدام السجال بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب الليبيين، وتحذير الأمم المتحدة من مخاطر التصعيد الناتج عن الإجراءات أحادية الجانب، ودخول الساحة السياسية المحلية في جدل واسع نتيجة الخلافات الحادة بين الفرقاء السياسيين.

وكان المنفي أصدر الثلاثاء الماضي ما وصفه بمراسيم الإنقاذ الوطني، والتي تقضي بإيقاف العمل بقانون المحكمة الدستورية الصادر عن البرلمان، وهو القانون الذي يمنح المحكمة العليا صلاحية النظر في دستورية القوانين، وتحديد آليات وشروط انتخاب المؤتمر العام للمصالحة الوطنية، وتشكيل المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني ويحدد مهامها.

كما وجه المنفي خطابا إلى رئيس مفوضية الانتخابات عماد السايح، أمهله فيه 30 يوما لاتخاذ الإجراءات العملية لتنفيذ الاستفتاء على الدستور، وملء المقاعد الشاغرة في مجلس النواب. وأكد أن هذه الخطوة تأتي انطلاقا من أحكام الإعلان الدستوري الليبي وتعديلاته، وما يمثله من سيادة وسمو قانوني على كافة المؤسسات، وفي إطار الحرص على احترام الإرادة الشعبية وتكريس حق المواطنين في تقرير مصيرهم عبر الوسائل الديمقراطية ودرء مظاهر الانسداد السياسي التي تهدد الاستقرار والوحدة الوطنية والأمن القومي.

ودعا المنفي المفوضية بصفتها الجهة المختصة قانونا إلى اتخاذ الإجراءات العملية اللازمة لإنفاذ النصوص الدستورية المشار إليها خلال مهلة أقصاها 30 يوما من تاريخ هذا الكتاب، امتثالا للواجبات القانونية، وتجسيدا لحق الشعب الليبي في ممارسة سيادته عبر صناديق الاقتراع.

وعبّر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عن رفضه القاطع للمراسيم الرئاسية، وقال إن إصدار القوانين وتنظيم القضاء هما اختصاص حصري للمشرّع، ولا يجوز لأي جهة أخرى إصدار قوانين غير مصرح بها دستوريا، مشيرا إلى أن مرسوم المجلس الرئاسي الخاص بوقف العمل بالقانون رقم (5) لسنة 2023 بشأن المحكمة الدستورية العليا يعد تجاوزا لصلاحيات السلطة التشريعية.

وفي بيان لها اتهمت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، والتي تباشر مهامها من بنغازي، رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بـ”تجاوز الاتفاق السياسي والانفراد بالقرار دون توافق داخل هيئة الرئاسة،” محذرة من أن “الاستمرار في هذا النهج يقوض فرص التوافق ويزيد من تعقيد الأزمة السياسية.”

كما أعرب عضو المجلس الرئاسي عن إقليم طرابلس عبدالله اللافي عن رفضه للمراسيم التي قال إنها لا تعكس موقف المجلس الرئاسي بالكامل، معتبرا أن أي إعلان منفرد من قبل أي عضو في المجلس لا يمثل الهيئة بالكامل، ولا ينتج أي أثر قانوني أو دستوري.

أوساط ليبية تعرب عن استغرابها من إقدام المنفي على إصدار مراسيم مثيرة للجدل بالتزامن مع أزمته الصحية التي بسببها اضطر للسفر إلى ألمانيا

ورأى مراقبون أن مراسيم المجلس الرئاسي زادت من تعميق حالة الانقسام السياسي وفتحت المشهد العام على حالة من الغموض في ظل جملة من المؤشرات على قرب الإعلان عن مخرجات لجنة العشرين واستعداد المجتمع الدولي لدعم خطة تشكيل حكومة موحدة بما يساعد على تهيئة الظروف لتنظيم الاستحقاقات الانتخابات المؤجلة.

وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها العميق إزاء التطورات السياسية الأخيرة في البلاد، وحذرت من مخاطر التصعيد الناتج عن الإجراءات أحادية الجانب التي اتخذتها بعض الأطراف السياسية.

كما دعت البعثة الأممية الأطراف السياسية والأمنية إلى الامتناع عن اتخاذ أي خطوات قد تقوض عملية التشاور وتزيد من التوترات في هذا الوقت الحساس، مؤكدة أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى المزيد من الانقسامات والتشظي داخل المؤسسات الليبية.

وأكد المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند اتفاق الولايات المتحدة الكامل مع رؤية البعثة الأممية بشأن ضرورة تجنب جميع الأطراف السياسية والأمنية اتخاذ أي خطوات أحادية قد تفضي إلى زعزعة الاستقرار، وقال إن التقدم المحرز في المسارين الاقتصادي والأمني يعد خطوة مهمة تمهد الطريق أمام إحراز تقدم في المسار السياسي، مشددًا على أهمية استغلال كل فرصة ممكنة لبناء توافق وطني يمهد لإجراء الانتخابات.

ويخشى متابعون للشأن الليبي أن تكون هناك أطراف سياسية مؤثرة استغلت الوضع الصحي للمنفي لإصدار المراسيم المثيرة للجدل من دون توافق داخل المجلس الرئاسي، وهو ما ينذر بدفع البلاد إلى مربع الفوضى من جديد ولاسيما من خلال السعي إلى عرقلة جهود البعثة الأممية ولجنة العشرين التي تستعد للإعلان عن مخرجاتها خلال الساعات القادمة.

4