مشروع أماسين يعزز مكانة المغرب كمورد إستراتيجي للمعادن

المغرب يتحول إلى وجهة مفضلة لعدد من كبريات الشركات التكنولوجية العالمية.
الاثنين 2025/05/05
هناك الكثير من الموارد الطبيعية المهملة

يبرز المغرب كفاعل إقليمي ودولي واعد، بفضل احتياطياته المعدنية الغنية وتوجهاته الإستراتيجية الطموحة، حيث يُجسّد مشروع أماسين نموذجا رائدا في هذا المجال، إذ يُعد خطوة حاسمة نحو ترسيخ مكانة البلد كمورد إستراتيجي للمعادن الحيوية.

الرباط - أعلنت شركة كاتاليست ماينز الكندية المتخصصة في استكشاف المعادن عن نتائج جيدة خلال حملتها الربيعية عام 2025 في مشروعها أماسّين الواقع في إقليم ورزازات جنوب المغرب.

وكشفت الشركة عن تركيزات استثنائية من معدن الكروم، إلى جانب مؤشرات واعدة على وجود النيكل والكوبالت، ما يعزز مكانة المغرب كمورد إستراتيجي للمعادن الحيوية اللازمة لانتقال الطاقة وصناعات التكنولوجيا النظيفة.

ومشروع أماسّين نقطة تحول في البنية التحتية التعدينية، حيث قدرت ماينز أن خام المعادن الإستراتيجية يتجاوز 609 ملايين طن، مع قيمة أولية في الموقع تتجاوز 60 مليار دولار.

وتمضي الشركة قدما في الدراسات المعدنية والنمذجة ثلاثية الأبعاد وتقديرات الموارد وفقًا لمعايير هندسية وجيولوجية دقيقة، كما تركز الشركة على استكشاف وتطوير الموارد المعدنية الحيوية، بما في ذلك الكوبالت والنيكل والكروم.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة الكندية تايلر بوربي إن “حجم وجودة الكروميت على السطح تجعل من المشروع منافسًا قويًا في سلسلة التوريد العالمية للمعادن الحيوية.”

وأوضح أن المشروع يلبي الطلب العالمي المتزايد على المعادن الإستراتيجية المستخدمة في الطاقة النظيفة والدفاع.

رشيد ساري: المغرب يمتلك أحد أجود أنواع معدن الكوبالت عالميا
رشيد ساري: المغرب يمتلك أحد أجود أنواع معدن الكوبالت عالميا

ويتواجد الكروميت في صخور السربنتينيت، مع تمعدن يتراوح بين الكتل الضخمة والمتفرقة. وتشبه الاكتشافات بشكل كبير منجم بوعازر في المغرب.

واعتبر المستشار الفني للمشروع مصطفى الغرفي أن نظام أماسيني نظام جيولوجي في المغرب ذو تأثيرات عالمية.

وتركيزات الكروم عالية جدا وهو ما يضع المشروع في مصاف المشاريع العالمية الرائدة، ويفتح آفاقا واعدة للاقتصاد المحلي، لاسيما في مجالات الصناعات المرتبطة بالطاقات المتجددة والبطاريات.

وأكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن المغرب يمتلك أحد أجود أنواع الكوبالت على الصعيد العالمي، مشيرا إلى أن هذا المعدن شهد تطورا في استخداماته بفضل الطفرات التكنولوجية.

وقال “أصبح اليوم عنصرا أساسيا في صناعة الرقائق الإلكترونية والكمبيوترات والهواتف الذكية، فضلا عن دوره في تحسين جودة الوقود والمساهمة في خفض انبعاثات الكربون ما يعكس قيمته الإستراتيجية.”

وأشار ساري في تصريح لـ”العرب” إلى أن المغرب، الذي يحتل حاليا المرتبة 11 عالميا ضمن الدول المنتجة للكوبالت، يعد من بين سبع دول أفريقية لديها احتياطيات هامة من هذا المعدن، ستدفع البلاد نحو دخول نادي أكبر ثلاث دول منتجة للمعادن الإستراتيجية.

وأكد أن الاحتياطيات ستحدث تحولا جذريا في الخريطة الاقتصادية لورزازات والمناطق المتاخمة التي قد تتحول إلى مركز تنموي جديد، مع ما تزخر به من إمكانات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية.

ويمثل هذا الاكتشاف فرصة فريدة للرباط لتعزيز قدراتها في إنتاج المعادن الموجهة لصناعة الفولاذ المقاوم للصدأ والبطاريات، ما قد يساهم في دفع صناعة السيارات الكهربائية التي تشهد نموا متسارعا.

واعتبر ساري أن المغرب قد يتحول إلى وجهة مفضلة لعدد من كبريات الشركات التكنولوجية العالمية، بالنظر إلى توفره على معادن أساسية تدخل في صناعة الكمبيوترات والهواتف الذكية، ما من شأنه أن يجعل المملكة محطة رئيسية في سلاسل التوريد العالمية.

ويشتمل مشروع التنقيب عن معدن الأنتيمون النادر في المغرب 6 تراخيص استكشافية، تغطي مساحة تقارب 79 كيلومترًا مربعًا.

والأنتيمون أحد المعادن المهمة التي يزيد عليها الطلب العالمي، لصناعة الألياف الكهروضوئية والزجاج الكهروضوئي، الذي يعزّز أداء الخلايا الشمسية، كما أنه يُستعمل في تصنيع المكونات الإلكترونية المتطورة وتحسين خصائص الزجاج والسيراميك.

ولذلك أعلنت شركة زيوس ريسورسز الأسترالية المتخصصة في التنقيب واستكشاف المعادن في مارس الماضي عن استحواذها على مشروع الدار البيضاء لمعدن الأنتيمون.

وحسب ما أكده المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن (شركة المعادن الحكومية) فقد جرى تنفيذ 22 مشروعا للاستكشاف بشكل مباشر، في حين يأتي إكمال المشاريع الـ22 الأخرى من خلال شراكات مع مشغلين آخرين.

وتستهدف هذه المشاريع رواسب المعادن الأرضية النادرة والنيوبيوم في منطقة تارغة والليثيوم في منطقة بئر المامي والنحاس في مواقع منطقة المريجة، والفضة في منطقتي ألما وأمان تازوغارت، والكوبالت في منطقة تيزي نوشين.

60

مليار دولار قيمة احتياطي المعادن في منطقة أماسين، وفق تقديرات شركة كاتاليست ماينز

كما تنشط شركات محلية متخصصة في استخراج المعادن في بورصة الدار البيضاء، ما سيعزز رهان السلطات على صناعة التعدين لتقوية قطاعاتها الصناعية، بما في ذلك الصناعات الدفاعية.

وفي ظل هذه التطورات يبرز مشروع أماسين كمحرك رئيسي لجهود تحول الطاقة في المنطقة، ويعزز تموقع المغرب ضمن الخارطة العالمية لصناعات المستقبل القائمة على المعادن النادرة التي تدخل في صناعة الطاقة الشمسية وسلاسل التوريد العسكرية والصناعات الدفاعية.

وأكدت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي أن بلادها مرت إلى السرعة القصوى في تطوير الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، عبر تسريع وضع قواعد للاستثمار في هذا المجال، بهدف رفع وتيرة إنتاج الطاقة الخضراء إلى 1400 ميغاواط سنويًا.

والطاقة المتجددة قد تسهم في تحسين جودة إنتاج الكوبالت وتعزيز استخداماته المستقبلية، فهو فرصة سانحة لاستقطاب استثمارات أجنبية ضخمة، خصوصا من الصين، كون بطاريات السيارات الكهربائية تمثل ما بين 40 و60 في المئة من كلفة تصنيع السيارة.

وارتباطا بطموح المغرب إلى توطين مجموعة من الصناعات الاستخراجية، دعا ساري إلى تسريع وتيرة إنجاز مشاريع الربط البري خصوصا أن الطريق الحالية عبر ممر تيشكا لا تواكب الديناميكية المنتظرة.

كما شدد على أهمية إنجاز النفق الرابط بين مراكش وورزازات، بالنظر إلى دوره في تقليص زمن التنقل وتسهيل ولوج المستثمرين.

10