تحركات أميركية وروسية لبحث مبادرة مشتركة للحل السياسي في ليبيا

زيارات لمسؤولين أمنيين من حكومتي طرابلس وبنغازي إلى واشنطن وموسكو.
السبت 2025/05/03
اهتمام كبير بالجانب الأمني

تكثف الولايات المتحدة وروسيا جهودهما لبحث مبادرة مشتركة قد تفضي إلى حلّ سياسي للأزمة الليبية، وسط تأكيد على الحفاظ على المصالح الإستراتيجية لواشنطن وموسكو، فضلا عن تنظيم لقاء مرتقب بين رئيسي البلدين الشهر المقبل.

تشهد تحركات واشنطن وروسيا نحو الملف الليبي نسقا متسارعا وجهودا مكثفة وغير مسبوقة، وهو ما أرجعتها أوساط مطلعة من طرابلس لـ”العرب”، برغبة القيادتين الأميركية والروسية إلى الاطلاع على مختلف التفاصيل والجزئيات وسبر الآراء والمواقف قبل لقاء محتمل بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في شهر يونيو القادم.

وقالت الأوساط، إن الطرفين الأميركي والروسي يتحركان بقوة لبحث الحل السياسي المناسب للأزمة الليبية مع الحفاظ على مصالحهما الإستراتيجية وتموقعاتهما الجيوسياسية من دون تحفظات، وهو أمر مستجد يدخل في إطار توجهات الإدارة الأميركية الحالية.

وأكدت الأوساط أن واشنطن وموسكو يبحثان فعلا عن مبادرة مشتركة لحل سياسي في ليبيا وهو ما يعد تحولا مهما في مواقف العاصمتين.

ووصل وكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي إلى واشنطن بدعوة رسمية من الولايات المتحدة، وذلك لعقد اجتماعات رسمية داخل وزارة الدفاع الأميركية مع مسؤولين بالوزارة، وفق ما أفادت به مصادر حكومية لليبيا الأحرار.

وكان زوبي قد تلقى دعوة رسمية لزيارة العاصمة الأميركية واشنطن للمشاركة في أسبوع العمليات الخاصة للعام 2025.

نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف يعتبر أن استقرار ليبيا يمثل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة بأسرها

وقالت مصادر حكومية إن زوبي سيشارك في الفعاليات التي ستقام في مدينة تامبا بولاية فلوريدا خلال الفترة ما بين الـ5 وحتى الـ8 من مايو الجاري، كما سيعقد خلال الزيارة عددًا من اللقاءات، في إطار تعزيز التعاون الثنائي وتبادل الخبرات في المجالات الدفاعية والأمنية.

وسيتضمن البرنامج وفقا للوزارة جلسات نقاشية إستراتيجية، واجتماعات ثنائية، وزيارات للمعرض التقني الذي يضم أحدث ما توصلت إليه الصناعات الدفاعية.

وبحسب المصادر، فإن المشاركة في الحدث الأمني تهدف إلى تعزيز شراكاتها الدولية، وتطوير قدراتها في إطار الجهود الوطنية لحماية السيادة ومواجهة التحديات الأمنية.

وتأتي زيارة زوبي إلى واشنطن بعد أيام قليلة من زيارة مماثلة أداها رئيس أركان القوات البرية بالجيش الليبي صدام حفتر إلى الولايات المتحدة، حيث التقى بمستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس بحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى تيم ليندر كينغ، والمبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند.

وقالت السفارة الأميركية لدى ليبيا في بيان لها، إن صدام حفتر حضر الاجتماع بصفته مبعوثاً شخصيا للقائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر، وأن المجتمعين اتفقوا على أن تكون ليبيا آمنة وموحدة ومزدهرة، بمؤسسات تكنوقراطية قوية بما في ذلك المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، ستكون أكثر قدرة على التعامل مع الولايات المتحدة والشركات الأميركية.

وأشارت السفارة إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم الجهود الليبية لتوحيد مؤسساتها العسكرية، فيما يرى مراقبون أن الحفاوة التي استقبل بها صدام حفتر في واشنطن تشير إلى قراءة جديدة من الإدارة الأميركية للوضع في ليبيا، واعتراف بالأمر الواقع، وسعي للتعامل مع المشهد كما هو من خلال فتح باب للحوار بشفافية مع الرجل الثاني في قيادة الجيش والمرشح لخلافة والده على رأس القيادة العامة.

وفي موسكو، أجرى رئيس أركان الوحدات الأمنية، الفريق ركن خالد حفتر، لقاء في العاصمة الروسية موسكو مع نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف، حيث ناقش الجانبان عددا من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز التعاون بين ليبيا وروسيا.

وأكد الفريق ركن حفتر على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مشددا على أهمية فتح آفاق جديدة للتعاون، لا سيما في المجالات العسكرية والأمنية، إضافة إلى التعاون الاقتصادي والتنموي بما يخدم المصالح المشتركة.

من جهته، أثنى نائب وزير الدفاع الروسي على جهود القوات المسلحة الليبية في الحفاظ على الأمن والاستقرار، معتبرًا أن استقرار ليبيا يمثل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة بأسرها.

وقبل أيام، وجه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، دعوة رسمية إلى وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، عبد الهادي الحويج، لزيارة روسيا، وذلك في إطار سعي موسكو إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائي مع ليبيا.

وتهدف الزيارة لتوسيع مجالات التنسيق السياسي والدبلوماسي بين الجانبين، ولا سيما في ظل التطورات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية.

كما تهدف إلى تعميق الحوار حول القضايا المشتركة، بما في ذلك الجهود المبذولة لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، ودفع مسارات الحلول السياسية السلمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وكان بيان لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، قال الإثنين الماضي، إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة تسلم رسالة شفوية من القيادة الروسية نقلها وفد من وزارة الخارجية برئاسة مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الروسية ألكسندر كينشاك.

الحفاوة التي استقبل بها صدام حفتر في واشنطن تشير إلى قراءة جديدة من الإدارة الأميركية للوضع في ليبيا

وأضاف البيان أن الرسالة أكدت “أهمية العلاقات الثنائية بين ليبيا وروسيا، وتعزيز التعاون المشترك، مع التأكيد على ضرورة تفعيل اللجنة الليبية الروسية العليا المشتركة.”

وبحسب البيان، فإن الدبيبة ثمَّن الرسالة، مؤكدًا “أهمية بناء علاقات تعاون متوازنة مع روسيا، تقوم على احترام سيادة ليبيا ودعم استقرارها، بما يعزز المصالح المشتركة بين البلدين،” كما تناول اللقاء “بحث آفاق التعاون في مختلف المجالات، والتأكيد على استمرار التواصل والتنسيق بما يخدم تطلعات الشعبين الليبي والروسي،” وفق البيان.

وفي السياق، بحث عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي مع وفد روسي في العاصمة طرابلس، سبل تطوير العلاقات الثنائية بين ليبيا وروسيا في مختلف المجالات، وتفعيل دور اللجنة العليا المشتركة، وكذلك التعاون العسكري والأمني، بما يضمن “بناء قدرات الجيش الليبي، وتحديث مؤسساته وفق معايير مهنية حديثة،” بحسب بيان نشرته صفحة المجلس الرئاسي على “فيسبوك”، جاء فيه أن الاجتماع حضره رئيس الأركان العامة التابع لحكومة الوحدة ومعاونه، بالإضافة إلى سفير روسيا لدى ليبيا، والملحق العسكري بالسفارة الروسية.

وتناول اللقاء بحث مستجدات الأوضاع السياسية في ليبيا، وأهمية دعم المسار السلمي لمعالجة الانسداد السياسي الراهن، حيث أكد اللافي “ضرورة تضافر الجهود الدولية والإقليمية، من أجل الدفع نحو انتخابات وطنية شاملة، تضمن الاستقرار الدائم في البلاد”، وشدد على “أهمية تعزيز الشراكة مع روسيا، لدعم العملية السياسية التي يقودها المجلس الرئاسي، بما يسهم في توحيد المؤسسات، وتحقيق المصالحة الوطنية.”

وأكد الوفد الروسي “حرص بلاده على استمرار التنسيق مع المجلس الرئاسي الليبي، ودعم جهود الاستقرار، والعمل على تعزيز التعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات التدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وتأمين الحدود، إضافة إلى التعاون الاقتصادي والاستثماري في القطاعات الحيوية.”

4