إصلاحات كبرى واستعدادات انتخابية في الدورة الربيعية للبرلمان المغربي

المؤسسة التشريعية تجد نفسها أمام جملة من الملفات الاجتماعية والقوانين مطالبة بالحسم فيها.
السبت 2025/04/12
أهداف متباينة

الرباط - افتتح البرلمان المغربي، الجمعة، دورته الثانية برسم السنة التشريعية 2024 – 2025، بالموازاة مع ارتفاع منسوب المزايدات السياسية بين أحزاب المعارضة والأغلبية، لتنفيذ إصلاحات كبرى بالبلاد واستعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وتجد المؤسسة التشريعية نفسها أمام جملة من الملفات الاجتماعية والقوانين مطالبة بالحسم فيها، من خلال البت في القانون الجنائي والمدني، إلى جانب قوانين التغطية الاجتماعية ومدونة الأسرة، مع تنزيل مشروع قانون متعلق بإصلاح أنظمة التقاعد، في إطار تفعيل مخرجات الحوار الاجتماعي ومواكبة التحولات التي يعرفها المشهد.

ودعا رئيس مجلس النواب المغربي راشيد الطالبي العلمي ممثلي الأمة إلى تجاوز الخلافات السياسية ووضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، خصوصا مع السياق الوطني والإقليمي والدولي الذي تتطلب فيه المرحلة مزيدًا من التلاحم واليقظة، مؤكدا على جسامة المسؤولية والأمانة التي يحملونها، ومشددا على استمرار المجلس في التفاعل مع قضايا المجتمع وتحدياته.

وتتميز هذه الدورة برهانات سياسية تضع على المحك أداء الأغلبية ومدى انسجامها، مقابل مساعي المعارضة لتوحيد خطابها، مع بدء العد العكسي لنهاية الولاية الحكومية الحالية، حيث تشكل عدد من القضايا الشائكة، منها غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، مجال تجاذب ونقاش حاد بين الحكومة والفئات المهنية.

وفي إطار التجاذبات بين الأطراف السياسية استعدادا لمحطة 2026 الانتخابية، تغالب المعارضة الوقت لكي تضمن تموقعا انتخابيا وسياسيا في المحطة الانتخابية المقبلة بإثارة الشكوك في جدية الخطاب الحكومي، في ما يتعلق بعدد من القضايا آخرها مسألة الدعم المادي لمستوردي المواشي، حيث بادرت أحزاب المعارضة باقتراح لجنة تقصي حقائق برلمانية لأجل محاصرة الحكومة، لكن أحزاب الأغلبية اقترحت فقط لجنة استطلاع برلمانية، ما اعتبرها حزب التقدم والاشتراكية تحايلا على الشعب المغربي.

وأفاد محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن السنة الرابعة من أيّ ولاية تشريعية يكون لها طابع خاص، حيث يرتفع منسوب المزايدات السياسية التي بدأنا نرى مظاهرها من خلال حملات بشأن بعض القضايا ذات الطابع الاجتماعي (دعم استيراد اللحوم الحمراء)، مؤكدا أن الأغلبية البرلمانية “ستتصدى لمثل هذه الحملات.”

وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، إنه “مع الدخول البرلماني في دورته الربيعية، نلاحظ تراكم الملفات وهدر الزمن التشريعي، وهو ما يؤدي إلى إصدار قوانين تفتقر إلى الدراسات اللازمة وتعاني من نقص في الجودة، مما يكشف محدودية مؤسسة البرلمان ويضعف ثقة المواطنين في أداء ممثليهم،” مشددا على أن “النخبة البرلمانية معارضة وأغلبية يجب أن تكون واعية ومسؤولة وتضع مصالح المواطن فوق كل الاعتبارات الانتخابية والتعاطي مع المطالب المتزايدة للعدالة الاجتماعية والعناية بقطاعات مهمة كالتعليم والصحة.”

رشيد لزرق: يجب وضع مصالح المواطن المغربي فوق كل الاعتبارات
رشيد لزرق: يجب وضع مصالح المواطن المغربي فوق كل الاعتبارات

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “المعارضة لا زالت منشغلة بتكتيكات سياسية تستحضر العامل الانتخابي دون أن تصل إلى حدّ التنسيق القوي بينها، خصوصا في بحث وسائل مبتكرة لمواجهة قصة الغلاء والمضاربة والاحتكار التي باتت تشكل اختبارًا للتماسك الاجتماعي،” مبرزا أن “النخب البرلمانية لا تزال تمتهن النقاشات العقيمة التي تضر بمصالح المواطنين وتُستغل لتحقيق مزايدات سياسية تخدم مصالح ذاتية.”

وأكد رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد على الأهمية الدستورية والسياسية البالغة لـ”دورة أبريل”، مشددا على دور المراقبة البرلمانية الفاعلة في عمل الحكومة وفق ما تقتضيه متطلبات التوازن والتعاون بين السلطات، بما يُسهم في تعزيز الشفافية وترسيخ الحوكمة الجيدة، مبرزا التقدم المحرز على مستوى التشريع ومراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية والعلاقات مع المؤسسات الدستورية.

من جانبه، أكد رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب (معارضة) أن الفريق سيواصل خلال دورة أبريل وما تبقى من الولاية التشريعية “ممارسة معارضة وطنية، بناءة ومسؤولة، مع مواصلة مراقبة مدى تنفيذ البرنامج الحكومي،” مشددا على “ضرورة الإسراع في تقديم مشاريع القوانين المتعلقة بمدونة الأسرة ومدونة الشغل، وقانون النقابات،” لافتا إلى أن “الحكومة وعدت بأن قانون الإضراب سيكون فقط واحدا من ضمن منظومة متكاملة لإصلاح البيئة التشريعية للشغل.”

وتخيم على هذه الدورة الاستعدادات للانتخابات التشريعية المقبلة، التي لم يعد يفصل المغرب عنها سوى عام واحد، حيث لم يتوان حزب الاستقلال على توجيه الانتقادات للحكومة رغم انتمائه إليها، حيث شدد الحزب في أعقاب اجتماع لجنته التنفيذية، الخميس، على ضرورة تطوير قانون حرية الأسعار والمنافسة، مع مراعاة تطورات السوق وتفعيل مبدأ تقديم الحساب، مطالبا بإعادة الاعتبار للعمل السياسي وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة، داعيا إلى إقرار ميثاق أخلاقي ملزم للمؤسسات السياسية لتعزيز النزاهة.

4