إمكانات الائتلاف الحكومي في المغرب تثير قلق المعارضة من الانتخابات القادمة

الرباط - تتحرك أحزاب المعارضة المغربية، قبل الانتخابات المزمع إجراؤها العام القادم، في مسعى لقطع طريق الهيمنة أمام الأغلبية المكونة من التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة على الحكومة المقبلة. وقالت الأحزاب الأربعة في ندوة حضرها زعماؤهم، إن الأغلبية المكونة للحكومة تجهّز إمكانيات هائلة في الانتخابات المقبلة.
وطالب إدريس لشكر، زعيم الاتحاد الاشتراكي، بتفعيل مقترح قانون الرقابة لإسقاط الحكومة رغم أنه فشل في وقت سابق في تمريره، لأنه لا يملك الآليات القانونية ولا النصاب داخل مجلس النواب، محذرا من تغول أحزاب الأغلبية على جميع المستويات مركزيا وجهويا ومحليا، لافتا في تدخله بالندوة التي نظمها معهد الدراسات العليا للتدبير، على أن “البلاد تحتاج إلى النزاهة في الانتخابات المقبلة؛ ومن الصعب أن يتحكم فيها أصحاب الشكارة، (أصحاب المال).
وأوضح لشكر أنه “منذ الانتخابات الأخيرة، عرفنا (في المغرب) أغلبية لم تعرف الديمقراطيات الكلاسيكية أو الغربية شبيها لها، لأنه في كل ديمقراطيات العالم الحزب الأول من يقود تحالفا والثاني يقود المعارضة، ونحن اخترنا الحزب الأول والثاني والثالث لتشكيل الأغلبية، فعطلنا الدستور.”
من جهته نبه محمد نبيل بن عبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في مداخلته من تكرار سيناريو انتخابات 2021، قائلا: “حذاري أن نكرر الأمر نفسه في تجربة 2026 (يقصد التحالف الثلاثي لأحزاب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة)، لأن فشل هذه التجربة يظهر على أصعدة متعددة، موردا بأن التقدم والاشتراكية يوجد بالمعارضة؛ ولأننا نعتبر أن هذا التوجه يتعين أن يتوقف، وأعلن أنه يجب أن نجد السبل لتغيير التوجه في 2026.”
وتطرق الأمين العام للتقدم والاشتراكية، في مداخلته، إلى القوانين الخاصة بالانتخابات، حيث أورد أن “البعض في هذه الحكومة لا يرغب في فتح نقاش حول القوانين الانتخابية؛ بل يريدون نقاشا آخر ساعة، علما أنهم يحضرون إمكانيات هائلة في الانتخابات المقبلة.. وهذا من شأنه أن يزيد في تعميق الهوة والعزوف عن التصويت.”
بدوره وجه الأمين العام للحركة الشعبية، محمد أوزين، انتقادات لاذعة للحكومة، مبرزًا أن الحكومة الحالية “اجتمع فيها ما تفرق في سابقاتها.. فهي تهيمن على الحكومة والبرلمان والمجالس وتحضر في أقصى وأدنى جماعة قروية في الجبل، وأنهم أخذوا كل شيء ويتبين أنهم سيطروا على كل شيء.. لأن الهيمنة التي حاربناها منذ تأسيس الحركة الشعبية، اليوم وجدنا أنفسنا أمامها لكن بشكل متحوّل (بشكل جديد)."
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن “إبداء أي حزب من المعارضة أو الأغلبية مهما كان حجمه السياسي أو تموقعه ضمن الخريطة السياسية الوطنية الحالية، طموحه يتعلق بتصدر انتخابات التشريعية، شريطة أن يتأطر بروح الدستور والقوانين المنظمة للاستحقاقات الانتخابية.”
وأضاف لـ“العرب”، أن “المعارضة تبالغ في حجم تأثير الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية الحالية، إلا إذا كانت تخشى المواجهة على الأرض،” موضحا أنه “من الصعب التنبؤ بمن سيحسم الانتخابات المقبلة، لأن هناك ظروف قد تكسر أي فرضية مع غياب استطلاعات علمية دقيقة للرأي.”
وتطالب أحزاب المعارضة بإشراكها في سلطة القرار، وهذا ما دفع رئيس الاتحاد الاشتراكي إلى التشكي من أن “كل الآليات التي وردت في الإصلاح الدستوري الكبير الذي عرفته بلادنا سنة 2011 استعصى تنفيذها في عهد حكومة تملك سلطة القرار مركزيا ولا تحاور أحدا ولا تستشير، وتملك سلطة القرار جهويا لأنها تترأس 12 جهة، وتملك سلطة القرار على مستوى كل جماعات المغرب، لدرجة أنه حتى دورنا الرقابي والتشريعي لا يمكننا ممارسته ولا يمكن للمعارضة ككل أن تمارسه.”
كما تحاول المعارضة محاصرة الحكومة من خلال عدد من الملفات آخرها تفعيل مبادرة لجنة تقصي الحقائق حول مصير أموال الدعم لمستوردي الماشية، لكن محمد أوزين، رفض تقليص مستوى النقاش فقط حول استيراد الأغنام، مطالبًا بالكشف عن مآل الدعم العمومي في عدد من القطاعات، من بينها النقل والسكن والمنشآت السياحية.
وقال أوزين، إن “الحكومة الحالية دعمت مهنيي النقل بـ11 دفعة وما عرفنا أين ذهبت، وأيضا دعمت المنشآت السياحية بمليارات الدراهم بعد أزمة كورونا، ولم نعرف من استفاد، وأيضا قبل أشهر دعم السكن، ووجب أن نعرف أعداد وأسماء المستفيدين.”
واعتبر حزب الاتحاد الاشتراكي أن “القوانين توفِّر النصاب القانوني ويمكن محاسبة الحكومة ومساءلتها حول هذه القضايا، خاصة وأننا على بعد سنة من الاستحقاقات الانتخابية، وبالتالي يجب أن يأتي رئيس الحكومة إلى البرلمان لمساءلته ومحاسبته حول قضايا اقتصادية واجتماعية حارقة تشغل بال الرأي العام.”