الاقتصاد التضامني في جهة الشرق المغربية يجذب استثمارات الإسبان

الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يشكل محركا قويا للنمو المدمج والشامل بالمغرب.
الأربعاء 2025/04/09
قطاع يشهد تطورا ملحوظا

وجدة (المغرب) – اتفق مجلس جهة الشرق في المغرب ضمن لقاءين ثنائيين مع مسؤولي جهتي الأندلس والباسك بإسبانيا، على بناء علاقات تعاون استثماري ترتكز على الاقتصاد الاجتماعي والتنمية المستدامة.

وتندرج الخطوة في سياق توجه جهة الشرق التي استحدثت في عام 2015 ضمن تقسيم إداري جديد، وتتخذ من مدينة وجدة مركزا لها، نحو جذب الاستثمارات المسؤولة والاستفادة من التجارب الأوروبية في مجال الاقتصاد التضامني، خاصة الأقاليم الإسبانية.

ويشهد الاقتصاد التضامني في الجهة تطورا ملحوظا. ويعود ذلك إلى عوامل، منها تقارب العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى الفرص المتوفرة بفضل سياسة التنمية التي تنفذها الدولة.

وأكد رئيس مجلس الجهة محمد بوعرورو خلال لقائه مع مدير الوكالة الباسكية للتعاون خافيير كورتيز، ضمن ملتقى دولي حول تنمية الاقتصاد المحلي في إشبيلية في وقت سابق هذا الشهر، على ضرورة تسريع المشاورات لإبرام شراكة تُترجم إلى مشاريع ملموسة.

وركز بوعرورو على ما اسماه بـ”المقاربة التشاركية” مع استثمار نتائج الذكاء الجماعي لمختلف الفاعلين والمتدخلين في التنمية.

خديجة الدويري: نبذل جهودا لدعم القطاع التعاوني في مختلف المجالات
خديجة الدويري: نبذل جهودا لدعم القطاع التعاوني في مختلف المجالات

وقال إن “هذا يحفزنا على مواكبة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية، والسعي إلى تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار والبحث عن مصادر جديدة ومبتكرة لتمويل البرامج التنموية.”

وأوضح أن هذا التعاون سيكون ضمن برنامج عمل خطة الانفتاح التي تعتمدها الجهة، باعتبارها جهة منفتحة، كما “نعمل جاهدين على استقطاب المزيد من الاستثمارات للارتقاء بجهة الشرق إلى مصاف الأقطاب التنافسية المتميزة بالمغرب.”

ويشكل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني محركا قويا للنمو المدمج والشامل بالمغرب، حيث تتولى وزارة السياحة والحرف والاقتصاد الاجتماعي والتضامني الإشراف على الإستراتيجية الوطنية الخاصة بهذا القطاع.

وتضع الإستراتيجية إدماج الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع ضمن أولوياتها، بتوليد فرص العمل وتحسين مؤشرات التنمية البشرية وتوفير ظروف من شأنها تأمين العيش الكريم وحياة أفضل لفائدة الفئات الهشة في المجتمع.

وأبدت مديرة الوكالة الأندلسية للتعاون الدولي من أجل التنمية، سيليا روزيل مارتي، استعدادها لبناء علاقات تعاون مع جهة الشرق، ترتكز على الاقتصاد الاجتماعي والتنمية المستدامة، بهدف إرساء تعاون مشترك في الاستثمار والاقتصاد التضامني والثقافة والبيئة.

وتحتل جهة الشرق مكانة الريادة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالمغرب، حيث لديها شبكة مهمة من التعاونيات، تعطي أهمية خاصة لإدماج المرأة والمبادرات في التنمية من خلال تحويل مواردها المحلية إلى محرك للتنمية.

وأكدت رئيسة لجنة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمجلس جهة الشرق خديجة الدويري لـ”العرب” أن ثمة جهودا مبذولة في دعم القطاع التعاوني في مختلف المجالات وتعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كحلول مستدامة للتنمية.

وأشارت إلى استفادة أكثر من 1400 تعاونية محلية من دعم مالي يناهز 45 مليون درهم (4.43 مليون دولار)، وكذلك التسويق عبر تنظيم المعارض الجهوية والمتنقلة.

وتطرقت في حديثها إلى مبادرات أخرى مثل المنصة اللوجستية الأولى من نوعها بالمغرب، ومرصد الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وترى الدويري أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ليس فقط وسيلة لتحقيق التنمية، بل هو أيضا آلية فعالة لتعزيز التضامن الاجتماعي وتحسين ظروف العيش للفئات الهشة.

وقالت لـ”العرب” إن “مجلس جهة الشرق طور مشاريع مبتكرة تعكس التزامه في ديناميكية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بل أكثر من ذلك فقد بادر مبكرا، على اعتبار هذا المجال خيارا إستراتيجيا للتنمية الجهوية، إلى دعم التعاونيات وإطلاق مشاريع تسهم في توليد الوظائف وتعزيز تموقع الجهة في المشهد العام لهذا المجال الحيوي.”

وعلى المستوى الدولي، شهدت الجهة تعزيز تعاونها مع فاعلين دوليين، مثل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية. ومن بين المبادرات الدولية التي شملت الجهة، برنامج “مؤازرة” الذي يدعم تنمية السياحة القروية.

وإضافة إلى ذلك، تم إطلاق برنامج “تحفيز نسوة” في عام 2024 لتشجيع ريادة الأعمال النسائية والشبابية في الجهة وتحويل مواردها وإمكاناتها إلى محرك قوي للتنمية.

سيليا روزيل مارتي: نحن مستعدون لبناء علاقات تعاون أوسع مع جهة الشرق
سيليا روزيل مارتي: نحن مستعدون لبناء علاقات تعاون أوسع مع جهة الشرق

وينعكس الالتزام الدولي من أجل قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بجهة الشرق من خلال المنتدى المغربي الإسباني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني الذي تم تنظيمه بمدينة الناظور في فبراير 2023.

وشهد المنتدى حينها إبرام اتفاقية رائدة ومهمة تروم تعزيز وتقوية قدرات 240 تعاونية بجهة الشرق في مجالات مهمة للغاية في وقتنا الحالي، مثل الريادة والتواصل والرقمنة.

وتم الإعلان في يوليو الماضي عن “تحفيز نسوة”، الذي يستهدف تمكين النساء والشباب في مجال ريادة الأعمال، ويضع جهة الشرق في صلب الابتكار الاجتماعي.

وكان ذلك استنادا على الشراكة الموقعة بين الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية والمجالس الجهوية، بما فيها مجلس جهة الشرق، ويَعِد برنامج “تحفيز نسوة” بفتح آفاق جديدة لريادة الأعمال لدى النساء والشباب في الجهة.

وتتمتع الجهة بتنوع كبير في المنتجات منها تمور منطقة فكيك وزراعة الحوامض ببركان، وزيت الزيتون التي تعد بمثابة مادة أساسية بمنطقة جرادة والترفاس (الكمأة) بمنطقة بوعرفة، وهي توفر فرص عمل عبر جمعيات وتعاونيات تقوم بتثمين وتسويق المنتجات.

وفي إطار التعاون الدولي أطلقت الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني مشروعا طموحا بين 2023 و2025، تموله الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية.

ويسعى المشروع إلى تعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء والشباب الذين يعيشون وضعية الحرمان والتهميش على صعيد جهة الشرق، وبالتالي تعزيز وتقوية النسيج الاجتماعي والاقتصادي للجهة.

ولأجل تعزيز قدرات وكفاءات التعاونيات وتحسين الإدماج وظروف العيش المحلية أبرمت اتفاقية بين وكالة الشرق وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية ومكتب تنمية التعاون والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، تمكنت من إطلاق برنامج “ديلو 3”. ويمتد هذا البرنامج للفترة الفاصلة بين عامي 2024 و2028، بمبلغ إجمالي يقدر بحوالي 5 ملايين دولار من أجل تنفيذه.

10